ماجدة بوكلوة
ترجمة "السميولوجيا " إلى " علم العلامة "
من الطروحات الشائعة التي نالت
وسام التسليم دون الكفر و المطلقية دون
النقد هو ترجمة "السميولوجيا "
إلى " علم العلامة " ذلك العلم الذي خلقه احتمال ورود معانٍ و مدلولات
غير لغوية لا يحويها لفظ بما هو تتابع و نسق لمجموعة من الرموز و الاشارات
مايطرح السيميولوجيا كمبحث إضافي يُعنى
بالبحث في تلك المعاني السائلة و في المدلولات المتحركة و التراكيب المنزاحة التي
لا يحكمها القالب اللفظي ، فإذا كانت
اللغة بعدها وسيلة للتواصل تُبَلغ بفعل القول او بفعل الكتابة فإن هناك مناطق أخرى
من المعنى لم تطأها اللغة الانسانية الوضعية ، و هو ما لا توحي به تلك الصيغة في
الترجمة كونها قاصرة عن احتواء هذه الدلالات بل و تقدم تعريفاً بالنظرية عقيم ما
جعل الباحثون و النقاد و على رأسهم
"ثائر ديب " و "حسن قبيسي " يقترحون ترجمة أخرى أكثر منطقية
من سابقتها - أي ترجمة السميولوجيا إلى
علم العلامة -
هي " علم الدواليل " هذا المصطلح العائم الذي يجمع بين "
الدال" و بين " المدلول
" وما جعلهم يترجمون السيميولوجيا
" بعلم الدواليل " هو اعتبارهم
لما قاله رائد اللسانيات " سوسير " في فصل قوله أن ( sing) بمعنى
" دالول " هي اجتماع مابين الدال
( signifier ) و بين المدلول ( signified ) فضلاً على انها تحافظ
على الجذر المشترك بين هذه المفردات
و سواها مثل الدلالة ( singfiicance ) والتدليل( singification ) و
بالتالي فأصل الجذر في المعجم اللغوي اللاتيني لا يرتبط البتة مع ما تفي به ترجمة
السميولوجيا إلى " علم
العلامة" كون التتابع الصوتي
لكلمة ( mark ) في المسرد اللاتيني هو ما يقابل ( العلامة ) عند الترجمة إلى
العربية .
ضِف إلى ذلك أن الدواليل تبحث عن
مدلول متعالٍ أي عن مفهوم مستقل عن
اللغة تشتقه من عوالم أخرى غيبية تتماهى
في الحسي و المجرد مُشَكِلة نموذج ملكوتي يختفي بالمعنى عن الواقع و يترفع به عن
مستوى المعرفة الانسانية ليعانق الذات اللاهوتية الغيبية و هو مدار بحث
السيميولوجيا أي البحث في جينالوجيا المعاني سواء كانت "الجينالوجيا "
بمعنى الأصل حسب " المسرد اليوناني"
او بمعنى التطور حسب" داروين" او البحث في البداية
حسب "نيتشه" او بمعنى
الحفر ،
النقد ، التعديل ، فالاضافة حسب اركيولوجيا " ميشال
فوكو" ، فالسيمولوجيا إذاً بحث في أصل المعنى بدايةً
ثم اعتراف بتطوره ثانياً و هو نكران و استخفاف بالأصل ثالثاً ما يفرض بناء
جديداً و روحاً حيوية للمعنى رابعاً .
و هنا امكننا القول ان ادراج
امكانية ترجمة " السيميولوجيا" إلى "علم الدواليل " اقتراح
جائز بل واجب على الناقد أن يتبناه حتى يجمع بين التناقض الذي يفرضه التحول
التاريخي و الذي غالباً ما يشير إلى
مدلولات تراثية سلفية تقتضي التسليم و الثبات و بين مدلولات أخرى تفرض اعادة تعيين هوية المعاني وفق خصوصية
العصر .
بقلمي
ماجدة بوكلوة
يوم السبت 6 أفريل 2024