حامد حبيب
القصة القصيرة في التراث العربي الإسلامي"_"٢"
حامد حبيب
ومايشيرُ إلى قِدَم كتابةِ القصةِ
القصيرة في التراثِ
الإسلامي ، ماكتبه رموزُ الصوفية
في هذا المجال الأدبي ، وقد
كانت القصة لديهم
رمزيّة ، ترتدي _
ظاهرياً _ قصص الحيوان أو الطير ،
وتحمل رمزاً عميقاً للطريق الصوفي
الذي يوصِّل الحضرة الإلهية ،
وهو مايُعَد من تراثِ الأمّة ، وقد تُرجمَت آدابهم إلى
العربية في وقتٍ لم يُعرف فيه هذا الفن
في أوربا.
ومن رموز الصوفية الذين كتبوا
القصة :
(١)
فريد الدين العطّار
وهو مولود في بلاد فارس (٥٣١ه_١١١٩م) وتوفّيَ
في (٥٨٦ه_١١٩٠م) ، وقد
اعتبرته (آنا ماري شيمُل)
ضمنَ شهداء الحُب الذين قتلهم المتمسكين بحِرَفيّة
النّص ، ورغم كتابته لمختلف الأساليب الأدبية في فنّ الشعر والنثر ،إلّا أنَّ الأسلوب القصصي
هو الغالب
فيها . وكان من أهم كُتُبه "منطق الطير" الذي كتبه
مُستلهماً قصة كتبها قبله ( أحمد الغزالي ) المتوفي
سنة(٥٢٠ه_١١٢٦م).
وقد كتب فيها قصة بعنوان"سيمُرغ"...
و"سيمُرغ" كلمة فارسية مركبة من مقطعَين"سي"
بمعني : ثلاثون ، و"مُرغ" بمعني : طائر.
وقد صارت هذه القصة رمزاً عميقاً للطريق الصوفي
وتحكي عن" سفر مجموعة من الطيور
نحو ملكهم
الأعظم "سيمُرغ" ، وهو
طائر في غاية
الجمال والجلال،وقد عرَّفَ شيئاً من ذاتِه بريشٍ أسقطها في
بلاد الصين،وهو ساكنٌ فيها في مكانٍ
سحيق البُعد.
وأثناء. سفرِهم الملئ
بالمخاطر والمهالك ، هلكت
الطيور كلّها إلاّ ثلاثين
منها تصل إلى
باب قصر
"سيمُرغ" ،وهناك يُطلَب منهم الفناء التام من أنفسهِم،
لكي يدخلوا على حضرة الملك العظيم،وعند وقوفِهم أمامه يكتشفون الحقيقة عن
ذواتهم وعن "سيمُرغ"،
وهي أنهم وسيمُرغ شئٌ واحد، فعندما ينظرون
إليه
يرَونَ أنفسَهم ، وعندما ينظرون
إلى أنفسِهم يرونه هو ، فعندئذٍ يسقطون في
هُوّةِ الذات الإلهية التي
لارجوع عنها "
" ولنا
لقاء......"
_______________
حامد حبيب _مصر
