"خياط الفقراء" قصة قصيرة
بقلم بنصغير عبد اللطيف
بنصغير عبد اللطيف
خياط الفقراء:
خياط الفقراء يتواجد في سوق قديم في مدينة المحمدية ؛سوق من الأسواق
الشعبية يقصده عامة الناس لشراء الخضر و الدجاج الرخيص الثمن ؛و بعض أنواع الملابس
التي تباعاللطبقة الوسطى أو الفقيرة التي تعاني و تكابد لتحصل على الضروريات
للتمكن من العيش في حدود محسوبة لا مكان فيها للثراء أبدا؛خياط الفقراء أو خياطو
الفقراء يجتمعون في مكان مخصص لهم تجدهم في دكاكين أتعبها الزمان وتقادمت ببطئ
شديد لأن روادها فقراء و بذلك فالربح الذي يحصل عليه الخياط زهيد حيث أنه لا
يستطيع أن يغير ملامح دكانه فتتقادم مع مرور السنين لتبقى على حالها فالمقاعد
متآكلة باهتة و جدران الدكان تصبح كالتحف التي تقادمت مع مرور السنين و آلات
الخياطة من النوع الكلاسيكي أعرفها منذ ولادتي فقد كنت أراها في طفولتي فتجدها لا
زالت تقاوم السنين و تشهد على مآسي التاريخ و كد الفقراء لكسب ما يسد الرمق؛ خياط
الفقراء يقصده زبناؤه لا ليخيط لهم ثوبا جديدا ؛و لكن ليرتق ثقوب ملابسهم التي
تآكلت من كثرة الإستعمال أو للزيادة في طول سروال لم يعد صالحا لطفل زاد طوله أو
لتغيير أعناق قمصان أكلها تعب الزمان و كثرة التنظيف قمصان تشهد على ضعف حال
أصحابها؛ أو ربما للزيادة في حجم بعض الملابس المستعملة أو النقص منه حتى تصبح
صالحة للإستعمال مرة أخرى بعد أن لفضها الأغنياء من فوق أجسادهم رغم أنها لا زالت
صالحة للإستعمال ؛فيشتغل عليها الخياط بذكاء و بمهنية لتصبح صالحة للإستعمال مرة
أخرى و يلبسها إنسان محتاج لستر جسمه؛أقصد خياط الفقراء في الكثير من الأوقات
لأصلح بعض ملابسي التي تعرضت للتلف في السنوات الماضية أو لإصلاح بقايا ملابسي
أحيانا فأجد رجلا أنهكته السنون شاحب الوجه بئيس القسمات فأجلس في صمت بعد أن أسلم
و أنتظره حتى يفرغ من أصلاح الملابس القديمة بمهارة مدهشة لتصبح صالحة مرة أخرى في
هدوء شديد أجده غالبا يستمع للقرآن الكريم مستعينا به على هموم الدنيا؛فأستريح و
أنا أسمع كلام الله الذي يذكرني بالموت والبعث والحساب؛فأستصغر الدنيا و أحتقرها
؛ثم عندما ينتهي من العمل الذي بين يديه ينظر إلي في هدوء شديد فأعطيه ملابسي
ليصلحها بحرفية عالية ؛و عندما أسأله عن الثمن يقول لي سيكفيني ما تجود به. فأدفع إليه
ثمن عمله و أمشي في تسليم شديد وراء خطوات
الفقراء ؛لأجابه قساوة الدنيا معهم في صبر و تسليم,