اقرأ ايضاً

جاري تحميل ... ألف ياء

إعلان الرئيسية

إعلان

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد علَّم نفسك ما هو
آراءالعقيد بن دحو

ماذا يريد الأولياء من المدرسة؟

 

العقيد بن دحو

ماذا يريد الأولياء من المدرسة؟

العقيد بن دحو

%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%82%D9%8A%D8%AF%20%D8%A8%D9%86%20%D8%AF%D8%AD%D9%88

هذا هو السؤال اللغز الذي حيّر و أدهش ، و أرّق علماء حضارة التربية في مجرى التاريخ ، سواء من يوم ان كانت المدينة أحسن معلم (بوليس) Polis أو المدينة خلال هذا العصر الذي أثقله منطقه، مدينة الذكاء الإصطناعي و صفر ورقة و الصفر التاريخي.

كنا في مقال سابق رأينا السؤال نفسه مع الفارق : ماذا تريد المدرسة من الأولياء ؟

أما اليوم و في ظل انفجار المعلومات ، زمن غصر الصورة ، اعلام المواطن الرقمي صار الأولياء أكثر حرية و أكثر جرأة للتخلص من عقد و كبث الماضي ، و التعبير الحر عما يليق بإبنائهم التلاميذ الطلبة في جميع الأطوار التعلمية التعليمية.

قد يتخيّل البعض ان الأولياء يريدون لأبنائهم التفوق الدراسي في المواد العلمية ، ذات المناهج التجريدية كالرياضيات ، و ذات المناهج التجريبية كالعلوم الطبيعية و العلوم الفيزيائية ، التي تمكن الطالب بعد اجتياز عقبة امتحان الثانوية العامة (البكالوريا) من التوجيه الأكثر رغبة الشعب البيولوجية او الطبية أو التقنية الإلكترونية او الذكاء الإصطناعي (الروبوتيك).

قد يبدو في الظاهر هذا أمل كل ولي تلميذ متابع شريكا فعالا في الجماعات التربوية ، ان ابنه المتفوق تمكنه نتائجه النهائية من ولوج شعبة من هذه الشعب العلمية التقنية. بينما لا حديث يكاد  يذكر عن الرغبات الأخرى للشُعب الأدبية أو الإنسانية.

أو كأن تترك لهذه التخصصات الأخيرة من ذوي المعدلات الدنيا ، و كأن القاضي ، المحامي ، الإداري  ، النفساني ، الصحفي ، المدير ، الوزير ، السفير ، رئيس الحكومة لا يتخرج من هذه الفروع الادبية. حتى صار بالمخيال الإجتماعي (الأدبي) اختيار الطلبة النتائج المتوسطة أو فوق المتوسط بقليل ينظر لهم نظرة ازدراء و غض الطرف !

المشكل بالتوجيه و في ثقافة المجتمع ، التي أوشكت أن تخلق تمييزا عنصريا غير مقصود بين طلبة العلوم و طلبة الأدبي !.

ما يطلبه الاولياء من المدرسة بعيد كل البعد عن هذه الحسابات و التقسيمات و التفريقات...المعدلات...و غير المعدلة منها .

الأولياء يريدون من المدرسة أن تخرج أبناءهم مبدعين و هذا هو اللغز ، لكن لا يستطيعون التصريح بها ، كونهم أسرى ذاكرة تاريخية مريضة تحسب كل بادرة ابداعية خلاقة تترك تبعة أخلاقية ما أو هرطقة اختلال توازن ما ، ليست فقط لدى التلميذ الطالب و انما كافة أسرته و من خلالها لدى كافة افراد المجتمع.

لكم أن تتخيلوا وليا تلميذا او طالبا و هو يتفرج على ابنه ممثلا على ركح خشبة مسرح مدرسي صغير ، او مقدما لنشاطات المدرسة ، او شاعرا ، او منشدا ، مغنيا ، موسيقيا

...الخ وهو يمارس فنا من الفنون الزمكانية المدرسية ، أن تلمس على حين غفلة مدى اغتباط و فرحة و بهجة هذا الولي بولده فارسا يجيد مخارج الحروف كما يجيد تتبع حركات الإيقاع ، لكن سرعان هذا الولي ما يتذكر في اللاوعي انه مرتبط بذاكرة تاريخية تجده سريعا يكظم فرحه هذا و كأنه اقترف وزرا لا يغتفر في حق نفسه و في حق المجتمع . يحاكم نفسه بنفسه بعد ان لم يجد من يحاكمه !.

و عند انتهاء الإحتفاء سرعانا ما يعود الى ترديدات النتائج و التقييم و التقويم المنزلي خوفا من أن يكون قد خرج عن طوق طاعة  المجتمع. أو أن يكون قد شط عن القاعدة الرقيب الداخلي و عدالة الفلكلور !

لكن في نفس الوقت يطيب له ان تقوم المدرسة بهذا الدور ليتملص من المسؤولية امام نفسه و من مساءلة مجتمعه !

الأولياء يدركون في اطار المسكوت عنه ان الإبداع المدرسي الأدبي الفني الثقافي هو النتائج الحقيقية التي ينبغي أن تكون  ، الحل و  النجاح و ليست التفوق في تلك المواد الذي أضفى عليها المجتمع برنسا من العظمة و الجلالةمن الهيمنة حتى صارت بمثابة (القضاء و القدر) بالمعنى الأرسطي للكلمة تتحكم في مصائر التلاميذ و الطلبة.

الأولياء يريدون الإبداع و الخلق في الوسط المدرسي ، ان يتعلم ابناؤهم مختلف الأجناس الادبية و الفنية الفكرية ، النجاح الخالد الإنساني و صتاعى للإنسان و أنسنة الإنسان في حدود الإتجاهات الحديثة و في حدود انتشار ثقافة التسامح و الأمن العالمي ، نفي اللحظة ، و ليس هذا النجاح الرتيب الستاتيكي الخالي من الروح و المشاعر. لكنهم بالمقابل يريدون من المدرسة أن تكون لسانا ناطقا بإسمهم كنوع من انواع النأي بالنفس ، و كنوع من أنواع الهروب الإجتماعي.

ان ولدا تعلمه شيء من الفنون الزمكانية كفيل أن ينتقل الإضفاء به من العمر المدرسي الى العمر العقلي بمعدل ثلاث (n3).

وهذا هو المفقود حاليا في جل مدارس الدول العربية و عند دول العالم الثالث لأسباب دينية أو لغوية و احيانا حتى سياسية.

في الأخير نقول الفن و الثقافة و الأدب في الوسط المدرسي هو الحل ، و الخلاص يخلص الاولياء من الكبث التفسي و معظم كبار  قادة العالم كانوا فنانين أدباء مفكرين.

كان الرئيس الامريكي السابق ريغان ممثلا ،  و أوباما عازف ايقاع ، الرئيس السينيغالي الأسبق سيزار سنغور شاعرا...  و العديد.

هذا الذي يجعل المتمدرس متميزا ، يخالف الإختصاص و يهتم بالقضايا العامة للمجتمع..و في الأخير ولد تعلمه اليوم رجلا تنقذه غدا (مالرو) ؛ و الثقافة انقاذ .

ماذا تريد المدرسة من الأولياء ؟

و ماذا يريد الأولياء من المدرسة !؟.


***********************


***********************

اكتب تعليقاً

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *