عبد القادر الغريبل
عبد القادر محمد الغريبل
ـــ أين هو؟
ـــ إنه ممدد على السرير بغرفته
ـــ هيا، انهض ...
ـــ لم نستطع إغماض أعيننا ليلة
البارحة، لحظة سماع الخبر من شدة القلق عليك
ـــ نحن لم نأتِ من المحمدية إلى هنا، إلا لأجلك.
ــــ ماذا جاء بكما لهذا البيت ؟
ـــ لقد أتينا لنرى ما جرى
ـــ لقد فعلتما كل شيء، يمكننا المغادرة الآن
ــــ حسنا، على الأقل أخبرنا بمن تعاركت معه، لنذهب ونظهر له وجهنا الآخر،
بهذه الطريقة لن يطاردك مرة أخرى.
ــــ هل ثمة شهود عيان للنازلة
ـــ عليك أن ترى ما فعلوه بوجهه
الجميل، إنه مجروح من هنا إلى هنا، منظره يفطر القلب.
ــــ لقد تعارك معه بيديه العاريتين، ومسح به الأرض، ولحظة فض الشجار،
غافله بطعنة سكين على وجهه.
ــــ الجبان هو المعتدي
ــــ إنهزم، عليه أن يتقبل عاره
ــــ من هو؟
ـــ وجه مألوف ذاك الحقير
ــــ أعتقد أنه إبن...
ــــ ذلك السكير الذي يستلقي على رصيف الشارع حتى يلتقطه أحد المارة،أو
شرطي ...
ـــ أين أبوه؟
ـــ إنه متغيب في رحلات عمل
ـــ هل فعل له أي شيء عندما علم؟
ـــ ماذا يمكنه أن يفعل؟
ــــ لقد تم تقطيب جرحه ... غرزة...وحرر الطبيب شهادة طبية تثبت مدة العجز،
لنتابع المعتدي قضائيا
ـــ عليه زيارة جراح تجميل جيد
لمسح أثر الجرح.
ــــ فتحي، افتح الباب سي التهامي
ــــ افتح الباب.
ـــ أختي إنه متهور بالفعل، يخالط الأنذال
ــــ كمال، انتبه لما تقوله، أنت فظ للغاية
ــــ لا تخاطبني بأسلوبك الوقح
ــــ لا تتحرك برفع يدك علي، أيها الأحمق
ــــ أبعد يديك قبل أن...
ــــ فتحي...!!
ــــ توقفا، توقفا عن العراك
ــــ لقد لكمني وما قلته إلا صوابا
ــــ كريم أأنت بخير؟ دعني أرى...
ــــ فتحي، أقسم بالله أنني سأريك العين الحمراء
ــــ آمل أن يصرف مال القضية على جنازتك
ــــ إذهبي إلى قصر زوجك
ــــ أتريد مني أن أغادر، لتفعل ما تريده، لن اتركك ولو لثانية.
ــــ لا يجب عليك أن تتصرف بهذا السلوك السيء
ــــ أنا آسف للغاية، سامحني
ـــــ سامحني، يا أخي، لقد أثر فيَّ الحادث الأليم
ـــ *عزيزي سي التهامي، عليكم أن
تحلوا الأمر معه.
ــــ سنحاول كلنا إحتواء وضعه وتسويته.
ــــ فريدة فتاة رزينة، لكنها لم تحظَ بخطيب واحد.
ـــ عزيزتي، ما يهم هو العائلة
الجيدة، والتي لا يحظى بها الجميع، ألا تعرفين لِمَ يتحمس عندما يتحدث عن مشاكل
الآخرين؟ لأنه يريدنا أن نعتقد أننا جميعا في أحسن الأحوال.
ـــ لا تغضبي يا عزيزتي
ـــــ أأنا ساذجة لأصدق قولك؟ تأخذين دورتين في معهد...وتحاولين إبداء
اقتراحاتك الخاطئة!
ـــ كل الأسر تتخبط في مشاكل جمة،
ولديها مجانين حقيقيين،
لنفترض أن (فتحي) مجنون.
ـــ إن كنت ترفضين الذهاب، توقفي
عن قيادة بقيتنا للتساؤل والحيرة
ـــ لماذا تقبلين هداياه؟ لماذا تردين على
اتصالاته.
ــــ وما دخلك أنت؟ وما شأنك بالأمر
ــــ أنت ...فظة وعديمة المشاعر
ـــ وهل لديك ما تقولينه أنت؟
ـــ إنها تخفي بطاقتها بنفسها،
وتسأل إن كانت بحوزتنا!
ـــ وحين أسألها: عمّ تبحثين؟ تجيبني: ستعرفين ذلك...
ـــ تحدثي عن نفسك فحسب؟
ـــ ما اقتنعت به نفسي أنني...
ـــ أحيانا علينا أن نقوم بما يفعله الجميع، كي لا نبدو غريبي الأطوار
ـــ كريمة، إذهبي لقططك ورسوماتك.
ــــ لا بأس يا أختاه، حين تغادرين
البيت مع زوجك، سيضطر الجميع لمعرفة حقيقته، متى سنكف عن جرح مشاعر بعضنا البعض؟
ـــ عليك تناسي الأمر.
ــــ انتظري قليلا، لعلك تجدين شخصا تحبينه فعلا.
ــــ دعونا لا نخدع أنفسنا، إبنة
خالتي تخطت عتبة الثلاثين، و لا أحد تقدم لخطبتها.
ــــ أمي عاجزة، ولا أحد يأبه لحالها، أنت الوحيدة التي تهتم بها، أخواتك
لا يطعمْنَها تفاديا للذهاب لدورة المياه.
ـــ أطلب منك عدم المغادرة لأنني أعلم أن ذلك العريس لا يليق بك.
ــــ إنك لن تتزوجي مجددا، ستضيعين
هذه الفرصة...
ستبقين مثار سخرية لنسوة الحي.
ـــ إنني بمثابة والدك، عليك الذهاب مع عريسك دون إبداء أي اعتراض منك أو
من ...
ــــ أخي التهامي، أنا رهن إشارتك.
ــــ ربما يكون طيبا، لكنها لا تحبه، إنها تحب شابا آخر وما زالت تنظر في
صوره، وأذكر أنني يوما رأيتهما معا في الشارع ولكمته على وجهه، ولم أدعها ترجع
للمعهد.
ــــ أختي، لا تغادري بيتنا، وإن
كنت تفعلين ذلك بسبب خوفك من أخي الأكبر فلا تغادري، لا تنخدعي بأقواله، إنه يفرض
إملاءاته عليك كالأخريات.
ـــ إن كنت تتركيننا بسببي، فلا تغادري أنا من سيغادر أقسم بالله، سأنام
بالشارع.
ــــ أنت تريدها أن تنضم لشلة العوانس بالحي.
ــــ إنت متشرد في البيت، فكيف
ستكون خارجه؟
ــــ و أنت، لا تشعر بالعار أو بأدنى حرج من زواجك بشمطاء أحنبية، ذلك حرام
مطلق.
ــــ هل تعيّرني أيها المدمن..
ــــ أنت يا أختي تأخذين قرارات خاطئة، ستندم عليها تاليا
ــــ باسم، توقف، عار عليك، إن مرض
والدتنا نتيجة مشاكلنا.
ـــ أنا لست المتسبب في ذلك.كان عليها ألا تنجب دزينة أطفال.
ــــ أختى، كنت متيقنا أنك سترضخين
لأوامر الأخ الأكبر
ــــ فعلا، يلزمني إطاعته كأخي الأكبر
و هو وصي علينا جميعا، وفي حديث لسيدنا
محمد (صلعم) (من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا فليس منا).
ـــــ لقد إرتديت بدلتي القديمة التي تبدو كأنني غارقٌ بداخلها.
ــــ كلا، إنها على مقاسك لنأمل
أن تتعافى من الإدمان، لتكتسب حيوية
ونشاطًا كما كنت من قبل.
ــــ أختي، سأكون متأهبا لاستقبال عريسك وأهله.
ــــ أخي العزيز، أتريد مني أن
أجلب بعض الثلج لوجهك؟
ــــ كلا، إنه لا شيء، أنا عطش،
ألدينا أي مياه غازية؟ مع الثلج؟
ــــ أجل، لقد نسيت سأجلبها لك.
تمت
بقلم عبد القادر محمد الغريبل
تطوان / المغرب
* عزيزي عميد الأسرة والوصي عليها بالعامية المغربية
اكتب تعليقاً