حميد حسن جعفر
الشاعر صلاح فائق
الكتابة و مطمئناً ينام الشاعر في الغابة
قد يبتلي
الفعل الشعري بقاريء او بمتابع يحاول ان يتحول الى ناقد فذ كما يقول بعض الشعراء
بدون حق عن بعض القراء الذين يقفزون كما الكناغر الى حديقة النقد،كما يبتلي الله
من عباده المؤمنين بالأمراض وما يمتلكن من
عذاب الدنيا كبديل عن عذاب الآخرة،
أقول هذا
وانا اتابع كتابات الشاعر صلاح فائق الذي يحاول ان يصلح من شأن القراءة من خلال
الكتابة ،انه الفعل الحياتي الذي كثيراً
ما يشكل ما يشبه الحرفة الو المهمة
،التي يتخذ منها الشعراء وسيلةًلتغيير العالم ،الشاعر مهما كان انتماؤه الجغرافي والتاريخي لا يمكن
ان يعلن عن مشاريعه وهو وسط عالم مما ينتمي الى -الدستوبيا- العالم الرديء
البذيء الذي يقوده اشخاص هم اقرب للحيوان الكاسر من الانسان المسالم، حيث تتحول
القيم والمبادىء الى ما يشبه -السكراب
-الادوات المنزلية العاطلة ،تتم هذه الممارسات من خلال وجود سلطات/قوى فاعلة قادرة
على الغدر بالعالم وتحويل مساراته من خلال صناعة الحروب وتغيير الحكومات والسلطات
و الحكام الى اجهزة منتجة للرعب والاقصاء وانتاج قوانين الاذابة والالغاء ،وتحويل
الكائن البشري الى مادة قاتلة —طلقة،آلة حادة،مادة مقدسة ،قطع لسان،بتر
اصابع،اجتثاث جسدي وفكري ،سيّاف، مجموعة ممنوعات —هكذا يتحول الفرد الذي يقال ان
امه قد ولدته حراً
الى مفردة في قاموس الحاكم ،والى حجر في بناية
يسكنها المستبدون ،
الشاعر الذي
يعيش وسط هكذا فضاءات ليس بأمكانه ان يدعو الى تغيير العالم ،
الّا بعد ما
ينتمي الى الهجرة ،الى ما يشبه الهروب ،هروب هو اقرب للانتحار ،
وهذا ما حدث
فعلا لما قبل التغيير وسقوط الدكتاتورية، فقد كان البحث عن مصدر /عمل في البلاد
الاخرى عذراًللخلاص،هكذا نجد المئات بل
الألاف من الادباء والشعراء والصحفيين،قد وجدوا في البلدان الاخر اوربية او آسيوية
او حتى عربية المكان الأكثر أمناً
صلاح فائق
الشاعر الذي خبر العديد من البلدان ليستقر اخيراومنذ سنوات في بلد آسيوي
هو—الفلبين—ليجد روحه تمارس فعلاً
حياتياً ،تمكن من خلاله ان يطلقها كأي طائر ،كأي ريح،كأي عالم بعيد عن
اللصوص والحطابين والمستثمرين ومتعهدي المقاولات ،ان يقول الكثير ،لا رقابة تتحكم
بما يكتب سوى رقابة الحس الانساني ،حيث الشعور بأن هناك فعلا حياتيا آخر ،غير الذي
ترسمه الممنوعات ،هناك ممارسة مطمورة تحت اطنان من العادات والسنن والفتاوى
،وسلطات القائد والزعيم ورب العائلة ،والاخ الأكبر،والمقدس ،واللازم والممنوع
،صلاح فائق يعيش حياته وفق تصوراته هو لا وفق تصورات الحكومة الفلبينية مثلا، لا
تاريخ اولي كتراث ولا جغرافية بديلة كمنفى
بإمكانه ان يحد او يلغي ما يري ان يقول ،لا ديمقراطيات تبيح للسلطة تكميم
الافواه ،بدل اطلاق حريات القول ،الى تغيير الانتماءات العرقية الى سواها او الى
التغير السكاني ومن اجل اطلاق كلابها في تعقب
الاخر /الخصم او الند،او الذي يحاول ان يجد طريقا اخر غير الرسمي ،وان كان
لا يتعارض معه،
صلاح فائق
بقدر ما يشعر المتلقي بسهولة تشكيل
القصيدة او الجملة عبر الفطرة ،يشعر
الشاعر بحالة تقترب من العصيان الذي
يعتمده ما ينتمي للاسلاف
في الاستجابة
للحراك الذي يشكل اكثر من قانون ملزم من اجل انتاج ما ينتمي للمغايرة،
ربما -وهذا
الذي من الممكن ان يحدث وجوباً- يجد الشاعر نفسه في صراع مع بقايا الماضي،من
التفكير في التخلص من تركات الملكيات والجمهوريات والانقلابات والاحكام
العرفية،حيث تتم عملية الاغتسال من ادران الافكار المعادية للحريات بانواعها، لإقامة ما يشبه الملاك ،ما يشبه الولادات الأولية ،حيث
الولادة مع كل كتابة لنص كتابي،
كتابات صلاح
فائق لن
تتوافر وفق -عفو الخاطر- بل جاءت
عبر امتحان يعتمد الخيارات المتعددة
والالغاءات وانتخاب الأفضل ،الكتابة بقدر انتمائها للمقدس فهي بين يدي الشاعر لا
يمكن ان تنتمي لجانب من المقدس، حيث يكون الشاعر في حلٍ من كل القوانين القامعة
والمانعة لما من الممكن أن يشكل
الكائن فعلا جماليا هو الاقدر على تمثيل
قدرات الشاعر ،
لولا احساس
الشاعر صلاح فائق من انه الكائن الاوفر حظاًفي امتلاك الحرية اكثر من سواه ،لولا
هذا الاحساس لما تمكن من ان يقول شيئاًبسيطاً مما يمنح الفعل الكتابي جانباً من
محاولة تغيير فكر القاريء ،
الكتابة لحظة
توفر الحريات تتحول الى مجموعة مسؤوليات ،اولها المغايرة وليس اخرها المتعة، لذا
يجد القاريء في متابعة ما يكتبه صلاح فائق ما يوفر له ممارسة فعلية لما كان يحاول
ان يتستر عليه ،خوفا او حفاظاًعلى تشكيله الحياتي المهدد بالالغاء وربما بما يمكن
ان ينتظره من معتقل او من مركز صحي
للامراض العقلية،،
شكرًا للبعيد
البديل الذي منح الشاعر صلاح فائق نوعا من حرية القول والكتابة والنوم بأمان وان
كانت هناك غابة،