اقرأ ايضاً

الفوضى و النظام في الأدب التمثيلي اليوناني

فريق ألفا تيم - مارس 21 2025

الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون (18)

فريق ألفا تيم - مارس 21 2025

أنت بقلبي-١- (في عتمة الحافلة )

فريق ألفا تيم - مارس 21 2025
جاري تحميل ... ألف ياء

إعلان الرئيسية

إعلان

إعلان في أعلي التدوينة

جديد علَّم نفسك ما هو الفرق

 

 (ديدالوس) و (المونيتور)

العقيد بن دحو

العقيد بن دحو

%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%82%D9%8A%D8%AF%20%D8%A8%D9%86%20%D8%AF%D8%AD%D9%88

ديدالوس هو مهندس أغريقي ورد اسمه في جل الملاحم الهوميرية. تعود اليه هندسة و بناء تلافيف متاهة جزيرة (كريت) حيث سُجِنَ الكائن الخرافي (المونيتور) شبيها بالهولة التي كانت تتغذى عن اللغز :

من هو الكائن الذي يمشي :

- في أول النهار على اربع

- و في وسط النهار على أثنين

- و في آخر النهار على ثلاث ؟

اجاب أوديب أو أوديبوس : الإنسان !

ثم قيل عن المونيتور كان يمتلك مجموعة خراف واحدة منهم يحمل الصوفة الذهبية !

ثم قيل ان اوديسيوس بطل ملحمة "الأوديسا" في هذه الأوديسا ، اي الرحلة الطويلة صادف تواجده في احدى تلافيف هذه المتاهة ، أستطاعت (اريانا) ان تنقذه وتمده طرف خيط داخل المتاهة و طرفه الآخر خارجها.

سجن المونيتور و أيضا ديدالوس كما تقول الأسطورة اليونانية بدوره داخل المتاهة !

غير أنه تمكن من الفرار و النجاة ؛ اذ صنع لنفسه اجنحة من ريش و لصقهما بالشمع ، و قد حمل معه ابنه (ايكار) و لما بلغا عنان السماء ؛ أقتربا قليلا من الشمس فذاب الشمع و سقطا في البحر !.

الحديث لا يتوقف عند هذا السردبة العجائبية الخرافي و الإ نكون كمن ينقض غزله صباحا و يعيد نسجه مساءا ، و انما كيف استطاع المذهب السيريالي أن يعود الوراء كتغذية راجعة بألاف السنين ، من الميلاد ، منذ ان ظهرت السيربالية في مقاعي و حانات و اماكن الاهو و الترف بباريس و ألمانيا (1919 - 1939) ميلادية الى القرن الخامس قبل الميلاد ، الى المدرسة الكلاسيكية. ليخبرنا رواد السيريالية ان السيريالي يحقق ذاته مرتين ، مرة بالحلم حيث يعيد أسطورة ديدالوس ، و مرة اخرى بالغموض و السحر في اعماق الفكرة حيث يعيد أسطورة يوسف.

أنا كالكُلاب استشعر الأشياء للى اللانهائي أو كما يقول أحدهم.

 الحلم الذي يزيح الخليقة عن نشأتها الأولى و يمنحها الفنان السيريالي ابعادا اخرى ، طقسا كهنوتيا ملائكيا نرجسيا ، التحليق بأجنحة ابعد منه ، يحلق في ملكوة النفس ليعبر عن خواطره في مجراها الحقيقي ، بعيدا عن أي التزام يفرضه العقل أو المنطق ثم الإيمان بسلطان الاحلام المطلق ، ما وراء الطببعة او ما وراء الحقيقة الذي تدركه الحواس.

الإبداع الذي يوقف اللعبة السيريالية عند حدود الحلم الخالص ، الحلم اثناء النوم او اثناء اليقظة ، لا يتجاوز مرحلة الكلمة الفارغة و لا الفكرة النمطية و لا الفعل التكرار الممل الأجوف.

يحقف السيريالي ذاته الغوص بأعماق الفكرة ليكتشف ارثه هناك على اعلى متكإ له

- أكسر قشرة ألفاظه و أفصح عن لب الفكرة !

- يا برج (ايفل) قطيع الجسور يثغو هذا المساء.

أيتها الكلمات هل انت أساطير أم آس الموتى !؟

- أنا البحر في احشائه الذر كامن *** هل سألت الغواصين عن صدفاتي !

انها المعجزة السيريالية تلك التي تجعل (المهندس) ينجو بأعجوبة من كائن خرافي يسكن اعمق اعماقه ، هول يدق اعناق البشر دقا ، و يطحنهم طحنا !

هو نفسه الفنان الذي اطلق عليه (سطالين) لقب "مهندس الروح" !

المعجزة تتم كلما استحممنا في حوض السباحة و لا نذوب فيه كقطعة السكر !

هنا أيضا السيريالي يوصح لنا على طرف نقيض أن  (الماء) الذي حسبناه الحياة ، يشكل أسطورة عنصره بإستمرار ، من حيث الماء هو الماء !

تماما كما عجزت (جولدن شتاين) ايجاد تفسيرا لوردتها ، و اكتفت بالترديدة شبيهة بتعازيم التعازي التي تقام قداس معابد : "الوردة هي ورة هي وردة"!

الماء أرهب و أخاف و أرق الفنان الرسام العالمي (بيكاسو) حين خرج ناجيا من حوض الإستحمام و لم يذوب كقطعة السكر !

هو نفسه الماء الذي اخرج العالم ارخميدس من حوض الإستحمام عاريا للناس بالشارع صائحا : وجدتها...وجدتها...وجدتها / Eurika...Eurika....Eurika!

فماذا عن عناصر الحياة الأخرى : النار...الهواء....التراب اذا كانت تشكل رُهّابا (فوييا) بهذا الخطر ؟

. لو أن السيريالي رمى نفسه في واحدة من هذه عناصر الحياة او هم الأربعة دفعة واحدة ؛ كيف سيكون الحال !؟

بيكاسو الفنان الذي اعطى معنى جديد للفن و في كل لوحة فنية يرسمها كان يخرج من اغوارها سالما معافى ، حتى انه وقف ذات مرة متسائلا متأملا : هل هذا هو أنا !؟

أشك أن اكون هذا هو أنا !

حين يعوزني اللون الأزرق أستخدم اللون الأحمر.

وحده السيريالي يفتح شباك منزله ليرى ويراقب و يتابع نفسه يعبر الشارع المقابل ، ربما يلقي التحية و يسمع صدى الرد بأحسن منها ارجاء غرفة بيته !

وحده الفنان الرسام السيريال كان حين يرسم بورتيرهات بعضهم بعضا لا احد منهم يتعرف على صورته ، كونهم رسمو من مسافات البديهة الراصدة و سذاجة البداية البعيدة ، من ذاكرة اللا وعي ، يوم كان البشر أشد ارتباطا بذاكرتهم الحيوانية (سمكة القرش و مالبورور) ، للفنان الشاعر (رمبو) انه الإتحاد مع العدم.

الهروب الى الموت ، من حيث الموت ذاته يخشى من الموت

أو دع الميت يدفن الميت ! (أورفيوس و الطوطم) للفنان المسرحي المخرج السينمائي (كافكا).

هروب الفنان السيريالي الى الأسطورة و بالضبط الأسطورة الاغريقية ليس حبا بالمعجزة الاغريقية اللامادية ، و انما الأقرب اليه من حيث الحلم و السحر ، اذ الخرافة أو / الأسطورة وعي المجتمع الحلمي.

أدى هذا الى التساؤل لماذا هذه السيريالية ؟

لا توجد اجابة جاهزة لأسئلة جاهزة . السيريالي يطرح اشكاليات عدة منها ؛

- اللجوء الى الأسطورة

- الهروب من المجتمع

- الغربة

- التفكك

- التفتت

- العدمية

- اللا انسانية.

كلها أسباب منعددة نتيجة الحرب أدت الى السيريالية قدم العديد من الفنانبن جراها انفسهم قرابين لإنقاذ الباقي.

في الحقيقة لا احد فتك أو سجن الفنان السيريالي بقدر ما فتك به الوحش الذي كان يغذيه من دمه و هو صغير و لما عظم و كبر غلب طبعه على تطبعه و فتك بصاحبه لحظا او لفظا او اشارة !

كان منذ البدء يسعى الى الموت الذي هو يعرفه.

يموت السيريالي مجهول القبر حتى ان كتب على قبره هنا يرقد بيكاسو ، هنا يرقد رامبو ، هنا يرقد إليوار ، هنا يرقد بريتون.....

و حتى ان وضعوا على قبرهم الجماعي او الفرداني باقة ورود من أكاليل الغار أو الآس لا لتدل عن الميت ، انما لعظمة الميت ، ستظل الوردة هي وردة هي وردة !

يعجز المرء تماما على ايجاد تفسير شاف كاف لماذا السيريالي مشروع انتحار عاجلا ام آجلا.

كونه عاجز عن ايجاد تفسير لتلك اللوحة التي رسمها و حبلها المشيمي لا زال عالقا بذاته يأبى الإنفصال !.


***********************


***********************

اكتب تعليقاً

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *