اقرأ ايضاً

الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون (17)

فريق ألفا تيم - مارس 20 2025

ماذا يريد الأولياء من المدرسة؟

فريق ألفا تيم - مارس 19 2025

الولادة البشرية و الولادة الإبداعية

فريق ألفا تيم - مارس 19 2025
جاري تحميل ... ألف ياء

إعلان الرئيسية

إعلان

إعلان في أعلي التدوينة

جديد علَّم نفسك ما هو الفرق بين
آراءالعقيد بن دحو

الفوضى و النظام في الأدب التمثيلي اليوناني

 

الفوضى و النظام في الأدب التمثيلي اليوناني

العقيد بن دحو

العقيد بن دحو

%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%82%D9%8A%D8%AF%20%D8%A8%D9%86%20%D8%AF%D8%AD%D9%88

يقول الفيلسوف افلاطون -في البدء كان شاعرا محبا للشعر و الشعراء - الفوضى هي نظام غير مرئي . و من خلال هذه الرؤية يمكن القول ان النظام هو فوضى مرئية و غير مرئية ، معقول و غير معقول أي أسطورة أو خرافة !.

و بين تثنية الفعل الدرامي و نقيضه ، ببن الفوضى و النظام ، بين المرئي و اللا مرئي ، بين المحسوس و اللامحسوس ، فضاء ثالث رحيب لا يمكن التعبير عنه الا بالمعادلات الرياضية أي وفق نهج التجريد.

هذا اذا كان الشعر عموما هو الإتصال بين ما يمكن ادراكه و ما لا يمكن ادراكه . محاولة ايجاد العلاقة بين سمكة القرش و الشاعر و (مالبورور) ، بين البناء و الهدم (رامبو) أو بين الشاعر و الجندي المحارب ؛ أي بين فعلين ، فعل الإبداع او الخلق ؛ و بين فعل القتل حسب أسطورة فنان عند (بريتون).

تقول الأسطورة اليونانية حاضرة الاغريق : حينما نظرت الأغارقة الى السماء ، تطلعت الى حركية الكواكب و النجوم كانت هذه الظاهرة قد أذهلتهم ، أدهشتهم ،  أرهبتهم و اخافتهم في نفس الوقت. و لما ولّت نظرها ثانية وجدت توالي الليل و النهار ، اي الزمن . كانت قد ألهته و جلّته و سمته (كرونوس) ؛ إله يتصف بالظلم و الجور و القسوة ، يولد له ابنا بالنهار يسمى نهارا و ابنا بالليل يسمى ليلا لا يدوم احد منهما. و في يوم من الأيام ازداد للزمن مولودا بهي الطلعة (زيوس) خشيت أمه أن يبتلعه أباه الزمن فما كانت إلا أن لفت حجرا في لفائف المولود و ألقت بالحجر بفم الزمن حتى يتوهم بأنه ألتهم زيوس الفتى الجميل.

في حين أسلمته أمه الى يد امرأة بعيدا عن أي مكروه حتى يبلغ أشده.

عاد زيوس فتى قويا فارسا و أشتدت معركة بين والده الزمن و بينه انتهت بهزيمة الزمن كرونوس.

اخضع زيوس الجميع الى سلطته. هذه الفكرة ، فكرة انتصار زيوس على كرونوس ، أي الجبر جاءت منها "الجبرية".

و ما كاد يعم الهدوء الأرض Ghea حتى قامت معركة اخرى بين زيوس و بين العمالقة (التيتانوس) Titanus أوشكت بإنهزام زيوس لولا المدد و المساعدة الذي تلقاه من لدن ابن عمه (بروثيموس) محب البشر ، فانتصر من جديد. و لما أنتصر أراد أن يخضع الجميع الى سيداته ، غير أن من المستحيل أن يخضع لسلطته سجين الحرية بروميثوس ، أن يُدعَن الى زيوس.

بروميثوس هنا يمثل (الحرية) و منها جاء شعار : "لا حرية لأعداء الحرية".

عندما انتصر زيوس بمساعدة ابن عمه واهب النار للبشر من مملكة السماء Oranus ، تراه يمسك بتلابيب إله الشر (ثيفون) و يقذف به بركانا (اثنا) بإيطاليا ، كما تراه يمسك بالأطلس و يرمي به سلسلة جبلية الأطلس شمال افريقيا  تشد السماء حتى لا تقع على الأرض !

وما كاد يستتب الوضع حتى كادت ان تندلع معركة جانبية بين زيوس و بروميثوس ، لكنها انتهت بالتفاهم و التراضي على ان يترك بروميثوس سبيل حريته، على ان يحتفظ زيوس على سيادة العالم.

هذه الفكرة ، فكرة الوئام ،  هي الوئام بين مبدأين مهمين و ارادتين ، مبدأ الجبرية و ارادة الحرية.

كما تعود فكرة الفوضى الى الزمن و فكرة النظام الى زيوس ، حتى سُمي بإله النظام.

و مع الأيام استطاع زيوس ان يتقاسم و يشارك حكمه مع اخوته و بعض من أفراد عشيرته ، كما صار محبا للهو و الزينة و النساء ، مقربا و محبا للبشر.

لذا عندما تقرا اشعار هوميروس الملحمية ستكتشف أن زيوس سيد النظام ، إله النظام ، و ديانته بشرية. كون امتاز زيوس بما يمتاز به البشر ، متبعا الحكمة المستقرة في رأسه : صحيح الدولة لمن يحكم ، لكن في نفس الوقت لم تخلق لرجل واحد ، و بالنهاية على من يحكم المرء اذا كان البلد خاليا !؟

مع الأيام شعر زيوس بثقل حجم المسؤولية المستقرة في رأسه فطلب من الإله الأعرج (هيفياستوس) الذي كانت تسخر و تضحك عليه الآلهة أن يشق رأسه ببلطة ، فتخرج من رأسه الإلهة (منيرفا) ، الهة الحكمة بيدها الرمح و على رأسها الخوذة ؛ في اشارة الى قوة الحكمة. كما استطاع زيوس أن يتخذ من الإلهة ( تميس) زوجة انجب منها (يونوميا) إلهة الحكم الصالح التي حملت الى البشرية و العالم الحرية و العدل و السلام و النظام ، كما أستطاعت أن تنجب الأقدار الثلاث (لاكسيس - أثروبوس - كلوثو) يتحكمون في مصائر البشر.

كانت هذه الفكرة من المخيال الجمعي للأغريق. لا ينطق عن فراغ. هي الحقيقة الاولى للفوضى و النظام كما يراها باحث واع وازن.

كما أن الحرية و العدالة و المساواة التي ينشدها نظاما ما هي فكرتان سياسيتان في المقام الأول ؛ تتأثران بتحولات المجتمع و قدراته التفكيرية التغييرة. فعلاقة الفرد بسائر أفراد المجموعة هي في أساسها حرية ، و علاقة المجموعة بالأفراد هي في أساسها مساواة.

و بين الحرية ضرب المساواة نتجت الحضارة الديمقراطية.

ولو أنهما فكرتان مستحدثتان ، إلا أن الفكر الكلاسيكي الأرسطي يشير الى أن عقدة (اونتجون) عند الشاعر الدرامي التراجيدي صوفوكل هي فوضى ، و أونتجون عند كافكا نظام.

 أيضا (أوديب ملكا) عند صوفوكل فوضى ، و عند نفس الشاعر الدرامي (أوديب في كولونا) نظام.

لكم ان تروا ايضا مأساة (إلِكترا) عند نفس الشاعر صوفوكل فوضى ، و عند اسخيلوس في ثلاثيته الشهيرة (اوريست - اجاممنون - حاملة القرابين) نظام ، هي نفسها الثلاثية عند الكاتب الوجودي جون بول سارتر بإسم (الذباب) أو (الندم) نظام،

هي (بروميثوس مقيدا أو سجينا) عند الشاعر ارستوفانز فوضى و عند نفس الشاعر في (بروميثوس طليقا أو حرا) نظاما !

غير انها فوضى من فوضى ؟ فوضى خلاقة ابداعية بناءة و ليست هدامة عدمية ، انما أباحتها الضرورة من اجل البناء الدرامي.

لهذا السبب اعاب النقاد عندما دار الدولاب و اظهر الشعراء أوديب ملكا و الدم يتقاطر من عيناه.

اعابوا الشاعر ، كما هي أونتجون و هي تقتاد الى مثواها الأخير ، الى مملكة الأموات ، حيث (هديز) لا يؤوب منه مسافر !

كما اعابوه على إلكترا و هي تقضي على نفسها وسط الطلام الدامس ووسط  القتامة المقيتة.

اذن رأينا كيف تؤثر القوة العسكرية العالمية على السياسة فتصير الفوضى و الفوضى المدمرة و الفوضى الخلاقة احد أهم أسس النظام العالمي الجديد ، حسب منطق ابليس أي وقق قوته التدميرية ووفق ما صار يطلق عليه "جنون التاريخ" و أين الجنون هو الذي يحكم العالم ، و أن المجانين سادته.

هم أنفسهم ذاك الفارس البطل الأغريقي (أياس) التي ذهبت الآلهة بعقله و انزل بسيفه البتار في ماشية البريئة و ما يوجد في حظائر اليونان تقتيلا ، و لما بان الصبح اعادت الآلهة اليه عقله و صوابه  لينظر بأم عيناه  ما أقترفته يداه !. استخزى الفعل ، .... يدور الدولاب مجددا و مع نفس السيف الآثم يتخلل صدره.

هي فوضى بكل المقاييس ، لكنها فوضى تكفيرية تطهيرية من ادران انفعالات النفس.

فهل الفوضى التي نراها اليوم على مستوى هذه البربرية الحربية في مختلف بؤر توثر العالم - خبط عشواء- فوضى خلاقة ؟

الخشية ان تضع الحرب اوزارها يدور الدولاب عن نظام عالمي جديد اكثر قسوة و اكثر جرما ، أقل حرية ، أقل مساواة و أقل عدالة. وليدة نظام مخرجاته (فوضى) ، عندما تفرز الإنتخابات الديمقراطية رجلا مجنونا يقود العالم.

و عندما تفرز المخابر فيروسا يفتك بالصحة العامة العالمية ، و عندما تصنع الورشات ماكينات نووية تدمر البشرية على وجه هذه البسيطة !.


***********************


***********************

اكتب تعليقاً

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *