جاري تحميل ... ألف ياء

إعلان الرئيسية

إعلان

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد علَّم نفسك
آراءالعقيد بن دحو

القانون في الأدب التمثيلي اليوناني الكلاسيكي

 

القانون في الأدب التمثيلي اليوناني الكلاسيكي

العقيد بن دحو

 العقيد بن دحو

* - "اذا تعلق الشعب بشيء صار قانونا"../(يانك).

كما ورد في "الثيوغونيا" Theogonie انساب الآلهة ، سواء عند الشاعر ةلملحمي هوميروس أو عند هزيود تقول  الأسطورة : عندما أنتصر "زيوس" سيد النظام على آلهة الشر "تيتانوس" بمساعدة بن عمه بروميثوس سجين الحرية ، حاول أن يُدعن الجميع لقوته و سطوة سلطته من آلهة و بشر ، لكن مستحيل أن يمارس هذه السلطة المطلقة مع جد اليشرية أو أبا البشرية ؛ حتى أوشكت أن تندلع حربا ضروسا بين الإرادتين ، ارادة الجبرية عند زيوس و ارادة الحرية أو الإختيار عند بروميثوس ، ليتحامل في الأخير كل طرف على نفسه و يتنازل عمافيه ، فيصير زيوس سيد النظام بينما يُترك بروميثوس و شأنه محبا و صديقا للبشر.

بعد مدة أستطاع زيوس أن يشارك حكمه بعض اخوته و عمومته كما صارت ديانته ديانة بشرية.

 ضاق بالحكمة المستقرة برأسه ، و طلب من الإله هيفياستوس الأعرج الذي كانت تضحك و تسخر منه الآلهة أن يشج رأسه ببلطة و تخرج منه يونوميا الهة الحكمة نحمل الخوذة على رأسها و بيدها الرمح ، و تنجب الألهة تيميس الهة الحكم الراشد ، تنشر الحكمة ارجاء المعمورة و لتنجب بدورها آلهة الأقدار الثلاث (بارك) Parque و منه (لاكسيس) ، (أثروبوس) ، و (كلوثو).

كانت هذه أول سذاجة بداية ميلاد قانون يسير حياة البشر جنبا بجنب حياة الآلهة ، أنصاف الآلهة و الأبطال.

و مع الأيام و التقدم الثقافي و الحضاري للأغارقة نزل القانون منزلة الفن ، و لا سيما الفن التمثيلي الذي احبته الاغارقة و صار اكسيرهم اليومي ، و ظلوا متعلقين به الى أن صار قانونا.

و لأن لا يمكن فصل ما يجري من تنافس شديد بين الحزبين الاورستقراطي و الديمقراطي ، و السعي كل تيار سياسي الى الهيمنة على عدد مقاعد (لاكروبول) ، كان بالمقابل يتطور و ينمو الفن بشقيه الزمكاني.

حتى قننت و شرعت المسرحية بقوانين أو كما سماها ارسطو وحدات.

1- الزمان و هو توالي الليل و النهار ، ألهته و قدسته الأغريق و سمته (كرونوس) ، يتصف بأنه إله ظالم جائر من ابنائه الفتى الجميل (زيوس) و هو فكرة مجردة. الزمن : دورة شمس واحدة أي يوم و ليلة ، الزمن الذي خصص لعرض المسرحية. بزبيعة الحال هو و قت طويل بالمقارنة للوقت الذي تعرض فيه المسرحيات اليوم أي (36 ساعة).

2- المكان قدسته الاغريق و سمته (جايا) Ghaea يقع تحت حسه.

3 - الحدث : تختلف التراجيديا عنها في الكوميديا ، اذ لا يسمح الانتقال من الفرح الى الحزن او العكس..جو من الرعب و الالم يعصر تلك العائلة أو تلك ، بينما الجمهور مكبلا بأصفاد التطهير و التكفير لا يستطبع أن يفعل شيئا.... لا حول و لا قوة له الا التأسي يعيش في هلع آسر لما يعرض عليه الى آخر دقيقة.

4 - عظمة اللغة ، و لأن الحوار موجها للفئة النبلاء آلهة و أنصاف آلهة و أبطال ، لا يسمح فيها بهجو أو اسفاف أو سفور ، مخارج فصيحة لا يسمح بادراج أية لهجة شعبية.

5- عظمة الشخصيات : أبطال ، آلهة و أنصاف آلهة.

والعديد...من الوحدات أو القوانين الهامشية الأخرى...

كانت هذه مجموعة مساطر أو ميثاق شرف أو هي مجموعة تشريعات القوانين التي يقف عندها الأدب التمثيلي الكلاسيكي الأغريقي حتى سمي بالمسرح الأخلاقي لكثرة و عظه و ارشاده و حكمه.

غير أن لا يوجد تشريع قوانين دون مُشرع أو  دون قاض.

فإذا كان النص الإغريقي يطرح اشكال : الجريمة لا تفيد !.

فإنه بالمقابل يطرح اشكالا آخر : القانون لا يجب أن يكون مناهضا للعدالة ، و هذا ما رأيناه في قصة اونتجون ، حين يسن عمها كريون بعدم دفن بولينيس ، تسر أونتجون على دفن اخاها.

القانون كريون ، بينما العدالة الواجب و الوازع الأخلاقي.....الى آخر القصة الدرامية.

عند النقاد و الباحثين في الكلاسيكيات الاغريقية يرون أن جودة النص التقليدي في جوهره يحمل نصوصا أو فقرات تشريعية أو قوانين و في نفس الوقت عدالة و حكم ايضا. أي الحكم برؤوسه الثلاث : التشريعي - القضائي - التنفيذي.

بينما (القضاء و القدر) الجهاز القمعي في دولة يحكمها النظام الدكتاتوري.

أحيانا النص الدرامي هو من يحكم على البطل كما هي عند "إلكترا" تسجن بغرفة بلا نوافذ و لا باب حتى الموت . و هي التي حكمت على " أوديب ملكا" أن يفقع عيناه ، و يتيه في ارجاء المدينة حسيرا أعمى تقودانه ابنتاه الكترا و او انتجونا.

هو القانون الذي قضى على " أونتجونا" عند مملكة الاموات تحت الأرض (هديز) و حيث (هادس) لا يؤوب منه مسافر.

و هو الذي قضى على "أياس" أن يموت منتحرا..و هو الذي قضى على "فيلوكتيتيس) بالنفي وحيدا شقيا بعلته عشرة سنوات بأكملها.

أحيانا العدالة (العدالة الشعرية) عاجزة عن عدم تطبيق القوانين ، كون الشخصيات المقترفة الذنب من الفئة العلية النبيلة ؛ كأن تكون من الأبطال او من عظمة الآلهة أو من أنصاف الآلهة ، الى أن جعل ضمير البطل أو الشخصية النبيلة تحاكم نفسها بنفسها. كإلكترا نموذجا عندما تقيم الحد و الحكم على نفسها بقولها : ".....لم يكن هناك انسان ليعاقبني...فكان عليّ أن أعاقب نفسي بنفسي " !

نتساءل : من ألقى القبض على المجرم (النبيل) ؛ من حاكمه ؛ و من نفذ الحكم !؟

لا تنسى أنه أدب تمثيلي يعود الى المذهب الأخلاقي.

فتش عن الضمير (هوب)   Hope.

هي نفسها القوانين و المحكمة التي شيّدت لمحاكمة أوديب ملكا ، لما لم يجد من يحاكمه حسب قوله للكاهن الاعظم (تريسياس) : " يا تريسياس كنت تحسدني على ضوئي فأردت أن تجرني الى ظلمتك.....منذ اليوم لن تستطيع أن تستطيل عليّ بما يمنحك العمى من تفوق " !

لاحظ هنا كل نص تراجيدي اغريقي تقرأه يشعرك و كأنك في محكمة ، النص مقدس قانوني قبل أن يكون شاعري شعري ، و هذا هو عين القانون وروح القانون..فالقانون ليس مادة صماء كما يقول أهل الحقوق الاكادميين أنما روح ، له نفس جماعية ، سرعان ما يعود الى أصله الى الحكم الصالح. القانون كامن في نفس كل واحد منا و ان تفاوتت درجة مدنيته و تحضره.

غير أن خارج النص شهدت الاغريق ازدهارا في تشريع القوانين القرن (- 411) ق.م حين شرع الحكيم الذي دُوِّن اسمه في معبد (دلف) ، الحكيم "صولون" القانوني ، حين شرّع لأثينا قوانين عادلة تجمع بين النبلاء و عامة الشعب الفئات الكادحة العمال و الفلاحين و المهنيين.

بل أزدهرت هذه القوانين شيوعا و تشريعا في عهد الحاكم (بيزيستراتوس)  سمح الحكيم صولون مواصلة سن قوانينه ، و حين أنزل الى رغبة الجماهير جاعلا من عبادة (ديونيسيوس) اله العربدة و الشعر و الخصب و النماء ديانة و عيدا لكل الاغارقة..كما قام هذا الحاكم تسطير قوانين تدون  و ترسم فيها الملحمتين الشعريتين الشهيرتين "الإليادة" و " الأوديسا".

كما نزل عند رغبة الشعب اليوناني بأن جعل فن التمثيل فنا قائما بذاته جاعلا منه محاكاة الشعب الأصيلة لافعاله النبيلة ، تقوم بشكل دوري منافسات يتبارى فيها شعراء هذا الفن ايهما احسن ابداعا و فكرا و محاكمة.

يعود الفضل للحضارة الإغريقيه أن انتبهت مبكرا أن القانون و العدالة اصيلة متأصلة في كل شيء سياسيا اجتماعيا اقتصاديا ثقافيا جميلا ، قائما على النسبة و التناسب (ستانسلافسكي) ، في خياله فكرا و في شعوره روحا و في شهواته رويّة ، نشعر فيه بقوة وبالقرب من حياتنا و بإمعان في تفهم مشاكلنا في نغم جميل محبب الى النفس ، له وفعه على القلوب الصادمة وقعا مباشرا.

النص مقدسا عند الأغريق كون اشترك في سنه و خلقه  و اختلاقه الألهة و البشر على حد سواء. يوم حل الأله في البشر و حل البشر في الإله ، و من هنا جاءت فكرة (الحلولية)

فالقوانين كانت سماوية عليه ، قبل أن تصير ارضية تخضع لإرادة البشر كمدخل و متخلل و مخرجات و تغذية راجعة. مما أكسبها روحا انسانية قابلة للطعن و للتراجع و كذا التحيين.

تلك هي القوانين داخل النص و خارج النص في الأدب التمثيلي اليوناني الذي لم يكن في مقدوره نزعه كما يحدث في عين واقع مجتمعه. و كونه محاكاة لأفعال نبيلة لا يطالها تقادم و لا يمسسها تسنه و لا زمن. أنها نفي اللحظة و على كل عصر أن يفهمها و يطبقها حسب منطقه الحضاري الذي يعيشه مادام الإنسان في مجرى التاريخ هو الإنسان ، حتى ان صار الذكاء الاصطناعي هو قضاء و قدر هذا العصر ، و حتى ان صار النجاح المادي هو اله (النجاح).


***********************


***********************

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *