صيف فارغ
العقيد بن دحو
صيف و أي صيف يمر علينا ، صيف الكلل و الملل و الفشل على حسب تعبير عميد
الأدب العربي.
صيف أختصر و شمل جميع الفصول الأربعة ؛ لا سيما ان كنت من ساكنة الصحراء
طبيعيا ، و ان كنت من ساكنة الجنوب الجزائري جغرافيا ؛ اذ الحرار ميراث الفنون و
الجنون ، رجلا يمشي بيننا في الزمكان ليلا و نهارا.
و ان كان حظنا أوقعنا في حوض اگثر ارتفاع درجة الحرارة على وجه الكوكب.
فهذا لا يمنعنا أن نمارس وظائفنا الحيوية الإجتماعية الإقتصادية الثقافية و حتى
السياسية ان كانت ثمة من سياسة ، على العلم ان الحضارة الديمقراطية علمتنا أن هذه
الاخيرة تتأثر بالجغرافيا
اذ لا يعقل أن تتوجه الى الحجر و الشجر و الرمال الحارقة ليلا و نهارا دون
البشر.
الصيف الرباعي وحده يعم الحيز هو الأربعة فصول ، و هو الماء ، النار ،
الهواء ، و التراب !
صيف حار جاف صيفا و حار جاف شتاءا و بقية الفصول الأخرى..
محم بالثحراء و بالجنوب لا ننتمي البتاتا الى هكا المناخ البحر المتوسط
الأرعن الذي علموه لنا و درسوه لنا أساتذة التعليم بالطورين المتوسط و الثانوي !
اذ كنا نلتمس يوميا الرمل و الحجر فأين البحر أستاذ !؟
البحر بعيد.. بعيد بالمئات الكيلومترات 1600 كم ، المصيبة ان كلف هذه
الأستاذ أبنك ببحث حول البحر ، ووجدنه خارج البيت بكشكوله يسأل ما لون البحر !؟
كيف تقنع تلميذا بريئا غضا بالظواهر الطبيعية للماء ، بأن الماء لا لون و
لا طعم و لا رائحة له ، و أنه يأخذ شكل الأناء الذي وضع فيه !
كيف تقنع تلميذا أن الماء يتجمد عند ثفر درجة مئوية و يتبخر عند 45 درجة
مئوية.
كيف تقنع هذا التلميذ و ذاك أن حالات المادة السائلة تمر بالحالات الثلاث :
السائلة - الصلبة - الغازية !
كيف تقنعه أن الماء اذا مر من الحالة السائلة الى ااحالة الغازية تسمى
(تبخر)،
و ان مر من الحالة السائلة الى الحالة للصلبة يسمى (تجمد)،
و ان مر مباشرة من حالة تجمد الى
حالة تبخر تسمى الحالة حالة (تصعيد أو تسامي) ،
و اذا ما عرضت بخار الماء الى لوح
صقيل يتجمع في شكل قطرات ماء ، تسمى الحالة (تكاثف أو تمييع)
أما لون البحر الذي يبحث عنه هذا الأبن ، شبيه البحث عن الصوفة الذهبية
الأسطورية !
الواقع لا يمكن فصل البحر من طببعة معدنه الأصيلة (الماء).
كل ما في الأمر هو انعكاس لون
السماء على سطح ماء البحر. و هل السماء حقا زرقاء !؟
كيف تقنع هذا التلميذ لا يوجد شيء بين اليماء و الأرض سوى الشواش العدم
العماء !؟
يجب أن تصع حدا لتفسيرتتذ هذه و الا وجدت نفسك و بدورك تفسر الماء بالجهد
بالماء !
لا تحاول أن تفسر هذا الصيف بحره الناس فالناس فهمت اللعبة. و جدت حلا بين مذيع
نشرات الاخبار الجوية و ببن مستهلكي المادة الإعلامية الجوية ، لعبة الإتفاق على
الكذب. المذيع يوهم نفسه بأن هذه درجة الحرارة بالصحراء (الماء هو الماء) لا تبخر
و لا انصهار و لا هم يحزنون.. و الجمهور
كذلك ، يعني مسرحية تتصيف على شواطئ الكذب.
الصيف كاذب املأه بما شئت ، كل ما هو أمامك تحولات المادة الاولية لا يغير
في الود الودود قضية
الصيف فارغ املأه بما شئت ، اكذب على تفسك ، تحامل على تفكيرة و أبطل عوامل
الحواس الفيزيولوجية ، (الإيكولاليا)، و (السونستاسيا)...
من رأيه يركب الحمار قل له مبرووووك الحصان (العود)!
لا أتخيل أي تنمية محلية أو وطنية دون حراك الثقافي.
الثقافة آخر ما تبقى لنا بعد نخسر كل شيء ، و يشرع مسؤولينا في بداية تفسير
الماء !
الثقافة ما يجب أن نتعلمه بعد أن نتعلم كل شيئ ، بأن البحر و السماء كلاهما
لا لون لهما ، انما يستمدان (الزرقة) من أكوان اخرى.
تماما مثل القمر فهو ليس كالشمس عنصر مضيئ انما القمر عنصر مضاء ؛ أي يستمد
نوره من الشمس.
لكن هناك شمس من شمس ، شمس أدرار '
و الجنوب بصفة عامة فوق الوصف و لا سيما بهذا الصيف الفارغ.
دون حراك ثقافي لا نستطيصع أن نفسر هذا الفراغ الرهيب ، فراغ الناس ، فراغ
الازقة ، فراغ البضائع ، فراغ الوقت ، فراغ العمل ، و تفربغ الفراغ ذاته.
كيف يقنع المذبع الجكهور بأن درجة الحرارة هذه هي درجة الحرارة المطلقة مع
أخذ الارتيابات بعين الحسبان !؟
كيف تقنع تلميذ المدارس الباحث بلون البحر!؟
كيف تقنع صاحب المشروع على ان ورشته المفتوحة على هذه الشمس (الشمش) هي حقا
ورشة لها بداية و نهاية و ليست سرمدية يقوم بها عمال شمسيون سيزيفيون ينقضون يومهم
غدا.
تلك الخفرة في طريق المدارس بالتراكم و ااإضافات تنتقل الى اطفال المدارس ،
سوف بألفونها و مع الايام تصير من مسلماته
و من قضاياه و انشغالاته ، و الخشية ان يتعامل معها كإرث خلفه الأباء للأحفاد.
كم اشفق من خال ذاك التلميذ ، و ذاك عامل الورشة ، و حتى ذاك المسؤول
المتابع أن مشكل الشجرة و مدى ألمها و حزنها لا يكمن في الفأس و انما في المقبض
الذي صنع من قلب قلب لحاء خشبها.
مشكلتنا ثقافية في اصل تشكل الماء كيمبائيا ذرتين هيدروجين مقابل نصف جزيء
أوكسجين.
كم يشق عليّ مشهد صورة ذاك العامل المهني و هو يحمل مظلا قديما مهترئا لا
يقيه من اي شيء سوى أنه يتحامل على نفسه ، و يتوهم العمل ، على أنه يقايض و بفاوض
على عرقه ودمه مقابل دريهمات معدودات (الخبزة) !
و الحديث عن الخبز في صيف الفراغ هذا يطول بدوره و بحاجة الى تفسير مائي من
نوع آخر ، جيب اللي يفهم.
أهو (ديمتر ) اله الخبز عند اليونان في الميثولوجية الأغريقية !؟
أو هو (الخبز الحافي) للكاتب الروائي المغربي "محمد شكري" !؟
أو هو عنوان مسرحية الشهيد المخرج "عبد القادر علولة"!؟
أو هو الخبز الذي اشاد اليه الصحابي الجليل بقوله : " يجب أن يقدم
الخبز للناس مجانا كالماء "!
العوذة مجددا للماء رغم الحديث هذه المرة حول (الخبز) ، فكرة الخبز تندرج
تحت فكرة تراكم النعم.
و أي نعم تجنيها من صيف فارغ الا من شمس كالقضاء و القدر بالمعنى الأرسطي
للكلمة ، تطارد الناس من الظل الى الظليل ، ظل بدوره فارغ يريد ان يختفي وراء هذا
الفراغ المطلق.
صيف لا ينسى ثقيل
..
ثقيل...ثقل بحث عن لون البحر. ثقل هذه الوسائل البسيطة التي. كلما رماها
خذا العامل بكل قواه الأرض تعود عليه بالغبار و الأتربة من نفس القوة متساوية له
في الشدة لها نفس الحامل مختلفة له في الاتجاه.
صيف من صيف ، صيف فارغ و صيف مملوء بالأرق ، و الخشية ان نخرج من نحت رحمة
المكيفات الكهربائية و خوفا ضربات البرد ، بل عفوا ضربتت شمس.