اقرأ ايضاً

أهواء متصحرة للشاعرة خديجة الحمراني

فريق ألفا تيم - مارس 13 2025

الأدب و الصحافة

فريق ألفا تيم - مارس 13 2025

" الكلمة..... " بقلم : إيميلي أيما وولف _النمسا 🇦🇹 ترجمة : حامد حبيب _ مصر 🇪🇬

فريق ألفا تيم - مارس 13 2025
جاري تحميل ... ألف ياء

إعلان الرئيسية

إعلان

إعلان في أعلي التدوينة

جديد علَّم نفسك ما هو الفرق

 

أزمة الأغنية العصرية

العقيد بن دحو

العقيد بن دحو

%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%82%D9%8A%D8%AF%20%D8%A8%D9%86%20%D8%AF%D8%AD%D9%88

يقول العلامة المفكر الإجتماعي ابن خلدون في مقدمته الشهيرة: أن الأمم و الأمصار أول ما تُمس ؛ تُمس في أغانيها!.

حتى نهاية سبعينيات القرن الماضي شهدت الأغنية ازدهارا حضاريا لم يسبق له نظير. خاصة منذ عصر بزوغ أنجم جمهورية مصر العربية الغنائي بكل أبعاده ، و مذاهبه ، و مدارسه المختلفة كلمة و لحنا و موسيقى و أداءا و جمهورا ذواقا و اعلاما فنيا ناجحا مواكبا.

ظهور الفنان فريد الأطرش ، محمد عبد الوهاب ، كوكب الشرق أم كلثوم ، و العندليب الاسمر عبد حليم حافظ ، و كذا خيرة كُتاب الكلمات و أساطين التلحين أدى بنجاح الأغنية العربية و بلغت أوجها طحليا وطنيا عربيا و حتى عالميا ، بل توجت بالمحافل العالمية بقلاد و اوسمة دولة . كان انعكاسه على سائر البلدان العربية من المحيط الى الخليج. حيث تحرك الوتر وجادت الحناجر بأحسن ما فيها.

و لأن الحضارة لا تدوم ، ووفات هؤلاء الفرسان ، و عدم المقدرة على مواكبة العصر و تقلبات ظروف البلدان العربية السياسية الإجتماعية الثقافية الإقتصادية كان السبب المباشر في تدهور الاغنية العربية عامة و العصرية خاصة.

و لأن الطبيعة لا تأبى الفراغ ، تركوا هؤلاء العمالقة غيابا مهولا في ساحة الغناء و الطرب ، فراغا رهيبا يصعب جبره ، مما أفرز بالساحة الفنية أشباها و انصافا و أشباحا تمثل الغناء ، و الغناء ليس أصيلا فيها ، لم تستطيع ان تكون امثولة او انموذجا أو قدوة لمختلف الأجيال التي جاءت من بعد جيل الاهرامات الفنية السلف ، مما تسبب في قطيعة اتصال وتواصل مع مختلف الأجيال.

ولكن هل يهم الدولة الأغنية !؟

رغم تحذيرات ابن خلدون و سائر علماء الإجتماع في الفن و الأدب و الثقافة على ان ما يهم و يسري في الاغنية يهم و يسري في الدولة ، الا أن هذه الاخيرة تعاملت مع الاغنية كفلكلور ، من أجل تحويل انظار الجماهير عن اهتماماتهم و انشغالاتهم اليومية. اغاني توفر الرفاه و الترف. و عندما تستخدم الأغاني ميكيافلية أو ماكلوهانية ، الغاية تبرر الوسيلة أو الوسيلة ذاتها هي الغاية فلا تبحث عن المستوى الفني و الذوق الفني الراشد و لا الذائقة الجمعي لمستوى دولة راشدة بديعة ماتعة خلاقا.

و عندما تجد هذا النشاز الغنائي و هذا الشرخ الفني في قميص الاغاني العربية اجمالا فهو شرخ في حضارتنا و ثقافتنا المادية و المعنوية.

هذا الشط و المط و العط على حد تعبير  عميد الأدب العربي د. طه حسين. المستوى التراجعي الذي وصلت اليه مستوى الاغنية العربية ، ووصول الاشباه اشباه المغنيين افرز للمواطن العربي ما يسمى " أغنية الجيب" على غرار "كتاب الجيب" ، "مسرح الجيب" ، و القصيدة " هايكو"...

وهكذا لا تسأل عن الطرب ، اذ لا غرو ان استمعت الى أحد هؤلاء (...) يتغزل حبا باحد حيواناته ، او يغني كلام يشبه كلام ؛ (كلام) السيد (K) بطل رواية القلعة.

قد يعلق قائل أسباب الفشل على نشجب الحضارة الرقمية و الإنبعاث الجديد الذي وصلنا اليه و فرض منطقه الليبرالي على الجميع ، و ما هو عندك ردئ يحتمل الجودة ، و ما هو عند الاخر جيد يحتمل الرداءة !

عالم معولم تغيب فيه المعايير ، التقويم و التقييم ، المحاكمة ، التفكير و الإبداع الروحي !

و بالتالي بيضي و افرخي يا حمامة.

صحيح الأغنية أصيبت في مقتل كعب (أخيل) الوحيد ، حين صار (كاتب الكلمات) ، (الملحن) ، و (المؤدي) جملة واحدة ، كتلة واحدة ، شبيهة بعبارة ارسطو التقليدية المأسوية : "في يوم واحد و في مكان واحد يتم فعل واحد لشخص واحد"!

بل صارت شبيهة بتلك قرارات الحزب الواحد الشمولي الذي كان يسود العالم العربي قبل بزوغ فجر الألفية الثالثة ؛ الذي كان يحكم شعب وفق منطق واحد شاقولي..و عندما تجد (فنانا) احاديا بهذه النمطية البائدة الراديكالية فلا تسأل عن أي (عصف ذهني) مرتقب.

ما فات عن هؤلاء الذين يلوون عنق الأغنية ، ان الأغنية مشروع دوله لها مدخلها الخاص ، متخللها ، و مخرجها و أثرها الرجعي ، تعالج داخل المخابر و الورشات حتى قبل ان تصل الى الأوستديوهات او على ركح الحفلات و التسجيلات.

تعالج كما تعالج سائر المشاريع الكبرى بالمجالس الوطنية التشريعية و الحكومية.

ثم آخر يتساءل عن غياب الجمهور الهادئ الهادف الواع الوازن ؟

الجمهور تحصيل حاصل ؛ الجمهور ذكي جدا يعرف فرسانه بالسليقة و بالفراسة ، و يعرف الدخيل من الأصيل ، و الشاعر من المتشاعر ، و الموسيقي البديع من البديل ، و المغني صاحب الملكة من الفبركة.

و بالتالي نأى بنفسه حفاظا على ما تبقى له من ماء وجه.

كل هذا اوصلنا الى ما نحن عليه اليوم من اغاني هابطة عرابيها و مواليها لا يستطيعون اقناع احدا. ليس لهم حوارا يبتغونه يسعون وراءه.

نعم الدولة مسؤولة عن المحافظة على اغانيها ، و حفظ و تتبع هرم احصاء الأجيال الفنية دوريا.

تشجيع المواهب الجديدة الشابة دون التفريط في الأجيال القديمة.

عدم فرض نمط معين من الأغاني لأسباب سياسية.

دعم ورعاية الفنون عامة.

الأغنية شبيهة بالتاريخ ، اذ لبناء حضارة يلزمنا تاريخ و الشبيه للتاريخ (مالرو).

الأغنية لم تعد لهوا و لاترفا ، نبدو أنها بدأت حياتها هكذا...لكن التطور الحضاري و الثقافي جعلها ثقافة و حضارة ، اما الآن فهي توعية وتعبئة و سلاح.

أن الشجرة بلا عصافير تتردد عليها بأعذب التغريدات و الشقشقات هي شجرة ميتة . العصافير تذكر بإمكانية العيش بسلام في هذه الحياة الجميلة و من حق الإنسان أن يثبت حقا بانه اهلا لها ، لأن الأموات لا يغنون أو كما قال (غابرائيل غارسيا ماركيز) : "نحن كالببغاوات نتبكم عندما نشيخ" !.

و لا نريد للوطن العربي أن يشيخ و تسبة الشباب قيه تجاوزت 75 % من عدد الساكنة.

  لا ان يتوقف عن غناء الحياة و الأمل.

تقول الأسطورة الأغريقية حين سرق جد البشرية أو أبا البشرية (بروميثوس) (النار) من مملكة السماء هدية للبشر ، جلب معه صندوقا ، و لما  فتحه انتشرت كافة الأوبئة و الأمراض أرجاء المعمورة إلا شيء واحد هو (الأمل) Hope بقي بحد قاع الصندوق..معنى الأمل آخر ما يبقى بعد تمسنا المكاره. هذا الأمل ما هو الا الغناء فتراه في جل الملاحم الاغريقية فتى جميلا محبب للأنفس له وقع  عزف ألحانا بديعة عذبة من ڤيتارته على القلوب الكاظمة الصادمة وقعا مباشرا ، صنع اوثار ڤيتارته من حواجب عشيقاته . تقول هذه الأسطورة كان له صوتا جميلا شجيا يراقص الحجر و الشجر و البشر ، شارك في جل الحروب التي اخذتها اثينا ضد اعدائها ، بل تعود اليه اغلب انتصاراتها.

على الدول العربية ان تولي وجوهها صوب سلاح الأغنية بعد أن خسرت الرهان ان تحول ثروة النفط الى سلاح ريعي استراتيجي يبعث عن الأمل البسام لأجيال عدة.


***********************


***********************

اكتب تعليقاً

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *