حوار درامي أم مجرد سؤال وجواب (س-ج)
العقيد بن دحو
المتتبع للحركة المسرحية للجيل هذا ، يلمس بسهولة مدى الخلل الرهيب في
كتابة السيناريو المسرحي.
الحوار المسرحي الجاد الواع الوازن البديع لا يتوقف عند هذا الممثل أو ذاك
الممثل المحتمل !.
ليس كل كلام و أي كلام و مردود عليه حوار.
أيٌ أثر فني أدبي ثقافي فكري غايته الأولى و الأخيرة أن يصل الى جمهور ما
بالزمكان. بغية أن يُعلم ، أن يُمتع ، أن يٌذهل ، أن يٌدهش أو حتى أن يبعث على الأمل
، الألم ، اليأس ، التعزية ، الشفاعة....الخ
وليس الحوار ، حوار شرطي الأداب العامة ، او رجل مراقبة الضرائب أو حوار جاجز تذاكر السفر ، أو حوار حق الطريق
على وزن : السلام ، و ردالسلام : و عليك السلام و رحمة الله وبركاته !
أو حوار كم الساعة من فضلك ؟
الساعة تشير العاشرة صباحا !
أو هي كتلك أسئلة المدارس الأمريكية (صح أم خطا) True Or False ، شبيهة
بتلك الإجابة التجريدية الرياضية الواحد عنصر حيادي في عملية الضرب أو الجداء ، و
الصفر عنصر حيادي في عملية الزائد :
1 ×1=1 و 1+0=1.
أيٌ غاية تجدى من هذه الشاكلة من الحوارات .. !؟
الحوار الدرامي في الأدب التمثيلي يختلف عن أي حوار آخر ، عن حوار رجل
الشارع ، و عن حوار تعليم أطفال المدارس.
كما يختلف عن حوار رجل الساسة و الدبلوماسيين ، و كبار قادة الدول من
مدنيين و عسكريين ، فلكل منهم لغته الحاصة و أسلوبه الخاصة في زمن تفريغ اللغة عن
قيمتها و قِيًمها الأنسانية ، ولم يعد الأسلوب هو المجتمع و لا بالرجل و لا الطفل
أبا الأنسان و لا أبا للرجل.
غاب ذاك الحوار الذي كنا نرتقى ونعلو الى مصافه. منه و عن طريقه و اليه في
تلك الكلاسيكيات الخالدة المجيدة ، البديعة الأخلاقية الإختلاقية الراقية . حوار
الأبطال و انصاف الآلهة و حوار الآلهة بالمرة
ليحلٌ محله حوار لعب دور البديل ، بدل الوقت الضائع (الكومبارس) ، السفلية
، رعاع القوم ، المنبطحين ، و حوار العبيد في زمن فوضى و اختلال حواس و تداعي أفكار الحُريات.
رحم الله زمنا حين كان الحوار فقرة بأكمله ؛ بل نصٌا مونولوجيا أو
مونوجاتيا بأكمليهما...شارحا فاضحا ، مفصلا و محللا لأسباب الحوار الخلاقة ؛ كل
كلمة تحمل فكرة مجمدة في رحم الزمن !.
لا حديث اليوم ، و أنت تقرأ بعض
حوارات هذا الجيل التعِس ، الذي فضحته و كشفته الكتابة الحديثة الرقمية على الرغم
من تزكيته بواسطة الذكاء الإصطناعي الا أن الخلل بيٌن مع أول صفحة و أنت تتصفح تلك
المخطوطة أو ذاك الكتاب ! لتكتشف حجم المأساة و حجم تلك الخطوة التي خطوها هذا
الجيل في هوة سحيقة لا بداية و لا نهاية لها ، حارقا جميع مراحل المذاهب و المدارس
الفنية الكلاسيكية التقليدية الأخلاقية.
لهذه الأسباب و تلك تلمس بسهولة تلك التوصيات التي كان يوصي بها كبار أدباء
و كبار نقاد العالم (الهوراسية) او فرانسوا كروازييه أو جل نقاد و فلاسفة الالمان
، و هم ينصحون عن كثب بالعودة الى الكلاسيكيات و بالضبط الأغريقية اليونانية منها.
و مما زاد المأساة مأساة ، و الفجيعة فجيعة تلك النصوص المقتبسة عن روايات
، فليست الحوارات الروائية مما كانوا بتخيلون أصحابها الروائيين أن تكون معدة للمسرح ، فليس ما يليق
للمسرح ما يليق للرواية بالضرورة ! .قد
تلمس ذاك التمايز من أول خطوة يخطوها المقتبس
في حواره من أجل أحل أن تكون لا لأحد. بل تلمس تلك السقطة المدوية عندما
يلامس رأسه بعد طول انتظار و ترقب قاع الهوة... !
و اذا كان يقال في الشعر ما هذه الكلمة !
و اذا كان يقال في الرواية ما هذا (المؤثر) !
خشيتنا مع أصحاب و نصير سيناريو (س-ج) سؤال جواب أن يُقال في هذه المسرحية
أو تلك ما هذا (الفشل) !؟
ملاحظة : ان لم نعُود الى الكلاسيكيات ستظل الإجابة عالقة و كعادتنا نسجل
الخطيئة ضد مجهول ، و ليتفرق دم المسرح بين القبائل ، و ليحل وجه أبيكم ، ان كان
لهذا الجيل فعلا من أب .