لماذا يخشى المخرجون مناقشة العرض المسرحي
العقيد بن دحو
جميع المذاهب الفنية من الكلاسيكية الى التجريبية الى مختلف الإتجاهات
الحديثة و ما بعد الحداثة الجماعية و الفردانية ، و كذا غالبية نقاد الفن المسرحي
و المهتمين بشأنه يشيرون الى أن مناقشة العرض المسرحي تتمة و تكملة له..و ليست
المساس به او البحث عن مكمن الخطأ و الهفوة و التشهير به.
الخطأ أصيل بالذات البشرية ، يمكن
التقليل منه لكن لا يمكن القضاء عليه.
لهذا ارتبط مفهوم انتاج مسرحية بفكرة (مشروع) نتاج ابداعي شامل كامل مادي
معنوي روحي بدني سيكولوجي أونتربولوجي ، يشارك فيه المؤلف ان وُجِد ، المترجم /
المقتبس ، المنتج ، المخرج ، الممثلون ، و يمكن تخيل الجمهور المحتمل.
مشروع له مدخلاته ، متخلله ، و مخرجاته ، وتغذيته الراجعة / الأثر الرجعي ،
أين يمكن تصويب خطأ او التأكيد من المعلومة.
إلا ما اصبح متداول و متعاهد عليه ، و لا سيما بعد تسعينيات القرن الماضي
اين قضى العباقرة الثلاثة الجزائريين نحبهم : ولد عبد الرحمان كاكي ، عبد القادر
علولة ، عز الدين مجوبي اختفى مناقشة العرض المسرحي نهائيا ادبيا فنيا تقنيا Le debate théâtrale و لا حتى مجرد حوار بسيط خول منجز السيد دكتاتور العرض المسرحي
المخرج
Discussion
مما افرغ العرض من محتواه الأصلي الذي جاءت من أجله هذه المسرحية أو تلك.
مما بدا المشهد "قهوة موح كول و روح ! " كما يقول المثل الشعبي
الجزائري.
قد يتفهم البعض هذا الجنوح و الشطط من بعض المخرجين ، حرجهم و هروبهم من
بعض أسئلة النقاد و رجالات الإعلام و الصحافة المختصة و العامة المحرجة ، التي قد
تقلب العمل برمته راسا على عقب..بل تكفي اشارة بسيطة مكتوبة من لدن ناقد ثقف لقف
أن يؤثر على نتائج تقييم و تقويم العرض المسرحي ، لا سيما ان كانت هذه المسرحية أو
تلك تدخل ضمن اطار منافسة على جائزة من
الجوائز.
صحيح هذا المخرج لا يحبه المؤلفين و يخشاه المنتجين و المخرجين (اسكاربيب)
لكنه بالمقابل شر لا بد منه ، فهو بمثابة المحلف في محكمة الضمير ، الناطق الرسمي
بإسم الجمهور ، الغائب الأكبر في العملية المسرحية....
الجمهور شريكا و ليس دخيلا عن العملية المسرحية ؛ كون في الأخير العمل كله
لا يعتبر معبرا عنه الا اذا كان من أجل أحد ، هذا (الأحد) هو الجمهور السيد و لا
سيادة الا للجمهور.
كما ان أي عمل مسرحي لا تصحبه مناقشة بعض العرض يكون غير معبرا عنه ، لذا
لاغرو ان وجدت قاعات للعرض المسرحي شبه فارغة و البقية المتبقية (كراسي يونسكو
الفارغة) كون خوف و خشية المخرجين و الممثلين و المشرفين من
المناقشة و فوبيا الناقد. النقد و نقد النقد و تهميشه أدى الى خلو مدرجات المسرح
من الجمهور.
كما يجب أن يراعى محدودية ثقافة الممثل و المخرج و بعد الاحيان حتى
المشرفين لا يقرأون....لذا ترى الجميع يطبق سياسة الهروب الى الامام.
فاقد الشيء لا يعطيه عندما تلمس بأم عينيك الرداءة راجلة تمشي بين الناس في
عقر بيت المسرح ، بيت الثقافة ، الفكر ، الحوار ، الحرية ، التوعية ، و
التغبئة.....فلا تطلب من المسرح لا خبزا و لا شعبا عظيما !.