جاري تحميل ... ألف ياء

إعلان الرئيسية

إعلان

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد علَّم نفسك
آراءحامد حبيبنقد

الغلمُ في خيالِ الأدباء

 

حامد حبيب

الغلمُ في  خيالِ الأدباء

 


  الخيالُ يسبقُ الابتكار ، والإنسانُ  يعشقُ الخيال، لذا لعبت الأساطيرُ  في  حياتنا  دورراً  خطيراً.

والأدبُ  قائمٌ  في  حدّ  ذاته علي  التخيّلِ والخيال، ولولا ذلك ماكان لوجودِه معنى.

وللخروجِ  من   رتابةِ  الأعمال  القصصية   التي اعتادها القرّاء،خرج بعضُ الأدباء  إلى هذا  العالم

الفسيح الآخَر،والتحليق في ارجاء الكون والعوامل الخفيّة  ، ليقدّم  لنا  رؤيتَه وفلسفته  ومواقفه  تجاه

 العالم  والإنسان  عبر  مادةٍ  أكثرَ  ثراء وجاذبية

ومتعة، مؤثِراً إن يجذبَ القارئَ له ولمُراداته  من

تلك الكتابة عبر هذا العالم الذي يستهوي  القارئ،

وأن لايترك المجال للعلماء وحدهم يجوبون الكون

ويستكشفون غوامضه ويقدمون الابتكارات ، دون

إن يشاركهم ذلك او يزاحمهم ،أو ربما يسبقهم في

هذا المضمار، ولعلّ   كثيراً  ممّا  أبدعوا  كان له الفضل في إمكانية تحقيق بعض خيالاتهم.

وبما ان العالمَ  في القرون  القليلة  الماضية  دخل سباقاً محموماً من خلال  علمائِه  في  استكشافات

واختراعات ، ووصل إلي  القمر، وصار الفضاءُ

إحدى مجالات بحوثه  وتطبيقاته  ، راى   الادباء

إن لايدَعوا العلماء وحدهم يحصدون هذا الإنجاز،

وحاولوا  إثبات  قدرتهم  على  المزاحمة والتأثير، ولكن    بطريقتهم    الخاصة  ،    ولقد    تكالبت

جهات الإنتاج الفني السينمائي ،والإذاعة  في فترة

سابقة على  ماانتجه  ادباء  الخيال العلمي ، ووجد

هذا  رواجاً  هائلاً  بين  الجماهير  المتهافتة  لهذا

النوع من الأدبِ في ظل السباق العلمي  المحموم،

لعلهم  يعثرون  على  ضالتهم  في  التعرف علي المجهول  في  علاقتهم   بانفسهم   وبالكون   من حولهم،ومايخفيه المستقبل لهم.

إذن جاء ادب  الخيال  العلمي ،لا ليحارب  العلماء

في مضمارهم،ولكن مبادرة تكاتف معهم  في  ظل

واقع  يتسم بالسرعة  والاستحداث بين  كل  عشيّة

وضحاها ، وفي ظل سباق عالمي محموم في كافة المجالات التكنولوجية والعسكرية والأمنية والاقتصادية والثقافية.

والأدبُ طالما  صاحبَ  الواقع  في  كافة  تطواته، ونموّه ، يجدّدُ دماءه دائماً ليبقى حيًًّا  ويؤدي دوره

المنوط به حيال مجتمعه والعالم من حوله.

فأدبُ الخيال العلمي ليس عملاً فنياً للتسلية والمتعة فقط،بل  هو أدبٌ  له  رؤيتُه  وفلسفته   عبر  إطارٍ

مشوّق اكثر  جاذبية  في  واقعٍ  صار  اكثر  مادية

ويجئُ هذا الادب ليرُدَّ  الإنسان أو يحاول  ان يُفيقه

من هذا الجموح ةحتى لاينسلخ  عن  ذاته  وطبيعته

الإنسانية ، مهما بلغ به المدى في التقدم الحضاري.

وإذا  كان   للخيالِ   عوالمُه   اللامحدودة  بعوامل الزمان والمكان ،وإذا كان العلمُ استطاع أن يتخطّى

اللامُمكنات ويحوّلها إلى المُمكنات ، ويقدّم  لنا على أرض الواقع تطبيقاته  الهائلة المُدهشة ، وإن  كان أدبُ  الخيالِ  قد  مهّدَ  للغلمِ  بأفكارٍ  ربما  لم  ترِد

في حساباتِه ، وتطلعاتٍ قد تجوزُ في الواقع ،فإنهما

على كلّ حال يلتقيان في كَونٍ واحدٍ منوطٌ  بالبحث

ولايحرمُ فيه الخيال.

وقد جاء أدبُ الخيالِ العلمي كنوعٍ  من  المصالحةِ

بين الأدبِ والعلم الذي هما في  الحقيقة  لاتعارُضَ

بينهما،فالأوّلُ يقومُ على الخيال،والآخر يقومُ  على

أساس التجربة واستقراء الواقع ،والوصول لقوانين

مُحدَّدة.

وأدبُ الخيال العلمي أدبٌ معاصِر،جاء نتيجةً للتقدّم

العلمي والصناعي  في  القرن التاسع عشر والقرن

الغشرين،وقد جاء هذا الأدبُ ليُرضي  في  القارئ ميولَه  في  أن  يقرأ أدباً  متّصلاً  بقضايا  عصره ،ويفتح أمامَه باباً للتنبؤ بمحاذير المستقبل ، والتنبؤ _أيضاً _بإمكاناتِه الهائلة.

والفانتازيا بطبيعتِها  تتمثّل  في  حُلمِ الإنسانِ  في تجاوُز الحواجز الزمانية والمكانية ، دون أن يقومَ

هذا الحُلم على أيّةِ أُسُسٍ علمية.

وقد ألهبَ الخيالُ العلمي عقولَ العلماء في النصف الثاني من القرن العشرين،فكان هناك تفاعلٌ بينهما،

تحوّلَ  هذا  التفاعُل _ أحياناً _إلى  شبه سباق بين الفريقين ، فأصبح  لدى أدباء  الخيال العلمي  _في

ذلك الوقت_ثروةٌ علمية يرتكزون عليها ،وينطلقون

منها إلى آفاقٍ رحبةٍ  يجوبونها ، وقد  طوّرت  هذه

العوامل  من  أدب  الخيال  العلمي ، بحيث  أصبح

لوناً مستقلًّا من ألوان  الأدب  المعاصر ،  واحتفاء

الفنَّ السينمائي به ساعد على نموّه أيضاً.

وكان هناك اتجاهان في أدب الخيال العلمي :

*الاتجاه الأول: اعتمد على دراسة النواحي العلمية أولاً ،واستخدمها في رواياته، وقد مثّل  هذا الاتجاه

"جول فيرن" الذي كان من أبرز كُتّاب هذا الاتّجاه،

وكان غرامه بالقصص الغامضة هو الذي دفعه إلى

كتابة هذا النوع من الأدب.

*الاتجاه الثاني : كان من  أبرز  كُتّابِه "ه.ج.ويلز"

الذي يصفُ أعمالَه بأنها تدريباتٌ للخيال،ولاتدّعي

تناول أشياء يمكن تحقيقها.

ومن كُتّابنا  العرب ،  "د.يوسف عز الدين عيسى"

(١٩١٤م)،وكان رئيساً لقسم الحيوان بكلية  العلوم جامعة الإسكندرية سابقاً ، وكان من  أسبق الأدباء

الذين كتبوا في أدب الخيال العلمي باللغة العربية ،

وكان  أدباً  أقرب  إلى  الفانتازيا  منه  إلى الخيال العلمي،وكان يهتم بالفكرة الفلسفية أكثر من اهتمامه بالفكرة العلمية، وكان قد كرّسَ معظم طاقته الأدبية في الكتابة للإذاعة المصرية،وكان من  كتاباته في هذا   المجال  تمثيلية   بعنوان  :  "عجلة الأيام" ،

و"رجل من الماضي"التي أذيعت بالبرنامج  الثالث بإذاعة لندن عام١٩٥٠م،  وتمثيلية "لانريد  الحياة عام١٩٥٥م ،  و"الطوفان"    وقصة  "قطرة ماء"

وغير ذلك . ولم  ينشر  الدكتور  يوسف عز الدين عيسى  تلك  التمثيليات   الإذاعية   في   الصحف والمجلات إلّا بعد  أن نشر توفيق الحكيم"المولود"

عام ١٩٠٢م،وكان أوّل نشر في  أدبنا  العربي له صلة بالخيال العلمي.

وقد نشر توفيق الحكيم بعد ذلك :"في سنة مليون"

،و"الاختراع العجيب"عام ١٩٥٣م، و"رحلة  إلي الغد" عام١٩٥٨ م ، ثم مسرحيتَيه  ذات   الفصل الواحد : " تقرير  قمري" و"شاعر على القمر" ، ولاشك  أن  اهتمام  توفيق الحكيم  بأدب   الخيال العلمي،كان مبعثه محاولات دخول الإنسان عصر الفضاء في خمسينات القرن العشرين .

كما كتب يوسف السباعي روايته"لستَ وحدك"عام

١٩٧٠م، وكان موضوعها  متعلقاً بالفضاء أيضاً ،

وفي  هذا  المجال  كتب فتحي غانم أيضاً ،  وسعد مكاوي ، الذي نشر (١٩٧٣م)  مسرحيته  " الميِّت والحيّ"،ومحمد الحديدي الذي كتب روايته"شخصٌ آخر في المرآة"سنة١٩٧٥م ، والتي كان  محورها هويّة الإنسان ومايعانيه من ازدواجية الخير والشر.

وكذلك كتب الدكتور مصطفى محمود المولود في غام ١٩٢١م ، روايات  في  هذا  المجال ،  منها:

"العنكبوت"عام١٩٦٤م التي   قامت  على  فرضٍ أساسُه أن لاأحدَ ينتهي، وأن  الكل يُولَد  من جديد،

ويعيش حياتَه مرات لانهائية، وأنه  في  كل  مرة يخرج الإنسان إلى الدنيا بشخصية مختلفة ، وكأنه إنسانٌ جديد،وأنه يمكن بالوسائل  العلمية  يستطيع الإنسان أن يطّلع على الزمن جميعه خلال مايسمّى ب"إكسير الحياة"،و"رجل تحت الصفر"

عام١٩٦٧م،والتي قامت على أساس

فرض علمي آخَر، هو: التفتيت  المَوجي  للأجسام.

وكان (نهاد شريف) المولود عام١٩٣٢م،أول كاتب مصري يكرّس  قلمَه  لأدب  الخيال  العلمي  فقط،

فكتب:"قاهرالزمن"عام١٩٧٣م،و"رقم٤يأمركم"عام١٩٧٤،  و" الماسات الزيتونية " عام ١٩٧٩م.

ومن  هؤلاء أيضاً : "رؤوف  وصفي"، الذي  نشر مجموعة  قصصية  بعنوان " غُزاة  من  الفضاء "

عام١٩٧٨م.

وكان هناك كتاباّ من غير المصريين ،  جرّبوا هذا

النوع من الأدب ، مثل الكاتب المغربي "أحمد عبد السلام البقالي"حين نشر روايته "الطوفان الأزرق"

عام١٩٧٦م ورواية"سكان العالم الثاني عام١٩٧٧م

وتفاصيل  محتوى  كل  رواية  وقصة  ومسرحية تتعلق بهذا النوع الأدبي، يستطيع القارئ  الرجوع

إليها ،ليتعرّف علي طبيعة الموضوعات، والغرض

منها.

وفي النهاية ،فإن أدب الخيال العلمي أضاف كثيراً

للقراء، وساهم  في معرفة  الواقع العلمي المذهل،

مميزاته  وخطورته ، ولم  يخلُ من النقد والتحذير أيضاً  مما قد  يصيب البشرية من  أخطار  نتيجة

التوغل العلمي في نواحٍ قد تضرّ بالإنسان،وأيضاً

تفتح الباب لمزيد من التنبؤات ومزيداً من الأحلام

التي لا تتوقف لدي الإنسان.

_______

حامد حبيب

كاتب وناقد ومترجم

مصر


***********************


***********************

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *