تيسير المغاصبه
أنت بقلبي
-٢-
(في عتمة الحافلة )
سلسلة قصصية
بقلم:
تيسيرالمغاصبه
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
أنت بقلبي
-٢-
لماذا شريط ذكريات أيام الطفولة لا
ينقطع أبدا
هذه المرة ،لماذا ياترى،هل لأني أرى عدد كبير
من الأطفال في تلك الرحلة ،أم أن طفولتي
لاتفارقني أبدا وتصر على فرض نفسها ،
أما تلك الذكرى فهي التي بقيت أمام عيني كل
لحظة عندما قبض علي متلبسا وأنا أقبل باسمه
على فمها ،ولأن تلك القبلة تبقى حية إلى الأبد
ويبقى سحرها مدى الحياة؛ فلابد أن تكون
العقوبة موازية لها من قبل هؤلاء الذين يعلمون ماذا
تعني تلك القبلة وما وراؤها،
عقوبة في حق أطفال بالسادسة من أعمارهما ،لكن
أم باسمة بقيت ثائرة ولم تغفر لي ذنبي أبدا خصوصا أنها
هي صاحبة الكلمة ،وهي الآمرة النهاية لا زوجها ،يومها قال أبي
لها مهدئا مع نظرة فيها ألف معنى تفهمها هي :
-لنكتفي بعقوبة الولد ولاداعي للفضائح وإذا أردت
أن أقتله فإني حتما لقاتله؟
كان جارنا العم زكي الذي بلغ الخمسين من عمره
ولم يرزق باولاد يحبنا كثيرا ويراقبنا بسعادة ونحن
نلهو أمامه ويقول دائما:
-لو رزقني ألله باولاد لكان أصغرهم في أعماركما؟
يوما ماإلتقط صورتين بكامرته لنا.. أنا وباسمه
ونحن نقف مواجهين لبعضنا البعض وكنت أمسك
بيديها كما طلب مني ليعطيني واحدة وتبقى الأخرى معه للذكرى؛لكن نسختي أنا
مزقتها أمي
وقالت غاضبة :
-هذا "الزكي" يريد أن يفضحنا مع الناس ؟
كانت زوجة العم زكي الجميلة كلما رأتني تسألني:
-أين القبلة يا عزبزي؟
فتقبلني على خدي قبلة عنيفة لها
صوت فيضحك زوجها العم
زكي قائلا:
-لقد "شفطتي" الولد ياحرمه؟
لقد كانت لاتعتبر اليوم الذي لا
تأخذ فيه قبلة من خدي محسوبا من حياتها،
ثم تقول مداعبة :
-أين حبيبتك باسمه اليوم؟
تكتسي وجنتاي باللون الأحمر فتضحك هي وتقول
موجهة الكلام لزوجها:
-أنظر إلى (خدوده )كيف إحمرت؟
تمر بي ذكرى اليوم الذي كان من
أقسى أيام حياتي ،
هو اليوم الذي يفوق بقسوته تلك العقوبة التي
كانت موازية للقبلة الأولى ،لقد تركت عائلة باسمة
الحارة ،تركتها بلا رجعة.
إلتقينا أنا وباسمه قبل الرحيل بيوم واحد في
منزل العم زكي ،وبكينا..بكينا بحرقه ،يومها أخرج
العم زكي الصورة نسخته هو وقطعها إلى نصفين
فأعطاني صورة باسمه واعطاها هي صورتي
وطلب منا أن نخفيهن عن أعين الناس ،
كانت زوجته تنظر إلينا وتقول من خلال دموعها :
-والله الاولاد قطعوا قلبي ؟
رحلت باسمة مع أسرتها إلى مكان غير معروف
أما أنا فوقعت طريح الفراش لأيام
،قيل أنها أيام
طويلة جدا .
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
أطالت نظرتها هذه المرة متحدية الجميع ،لم أبعد
نظري عنها أبدا ،تمنيت أن تأتي السماء بمعجزة ،
ماذا لو ..كانت هي ...
ولكن ذلك لايمكن أن يحدث سوى في الأفلام،
ولنفترض أنها كانت فتاة أخرى هل سينتهي الحلم،
لكن..لكن ما السحر الذي يجذبني
إليها ،
حسنا لن أنتظر طويلا سيما وأن الرحلة أوشكت
على الإنتهاء،
أخرجت محفظتي وأخرجت منها صورة الطفلة
باسمة في القسم الموجود معي من الصورة ،
تظاهرت بأني أريد الذهاب إلى المضيفة الجالسة
إلى جانب السائق لأسألها عن الوقت المتبقي من
زمن الرحلة.. وأنا أعلم ،
وعندما عدت إلى مقعدي أسقطت صورتها في طريق
عودتي إلى جانب مقعدها في الممر كي تراها ..لكن الصورة
سقطت مقلوبة ،نظرت إلي وقالت :
-عفوا ..لقد سقط منك شيء ؟
ويالجمال صوتها وعذوبته ،تقدمت منها ..رفعت
الصورة ..جعلتها تراها، وقلت:
-ها ..هذه هي ؟
إرتعشت ..ترنحت ثم أمسكت بحقيبتها
فأخرجت منها القسم الثاني من الصورة
صورتي ورفعتها أمامي ثم نهضت و نزلت عن
مقعدها المرتفع إلى الممر أمامي وقالت :
-أ...أنت .......؟
قلت بصوت مرتفع بلا وعي مني ومقاطعا:
-باسمه؟
ردت وهي لاتستطيع ان تمنع دموعها من الانهمار:
-نعم أنا باسمه؟
لم أستطع أنا أيضا منع دموعي من الانهمار فاحتضنتها
بشوق فطوقت عنقي بذراعيها ونسينا أنفسنا
حتى ارتفع تصفيق الشباب والشابات وحتى
الأطفال فرحين،
وعلت تعليقات النساء :
-الحمد لله على السلامه؟
-سبحان الله ؟
-الله يحمي الشباب ؟
-الله يحفظهما لبعضهما؟
" تمت القصة "
"وإلى قصة أخرى "
تيسيرالمغاصبه
اكتب تعليقاً