الفنومية و الفنوتيك
العقيد بن دحو
أدى ظهور اللجوء الى الأسطورة في مختلف الاداب و الفنون ، بل حتى عند مختلف
الأجناس السياسية و الدبلوماسية الى اتخاذ عدة معالجات بنائية لغوية و اللابنائية
ايضا .
ليست على مستوى اللغة ، من حيث
اللغة هي الاسلوب او من حيث الأسلوب هو المجتمع او هو الرجل (Buffon) ؛ و انما
من حيث الطفل أبا للرجل و الطفل أبا للإنسان (فريود). اذ الكلمات صارت كلمات
العائلة ثم انزاحت نحو كلمات العشيرة ، ثم انزاحت نحو كلمات القبيلة الى ان انزاحت
نحو الكلمات العنصرية.
لم تعد الكلمة تلك الاشارة التي تسبق الحركة فحسب بل الخلية و النواة
الاولى للجملة ، بل للفقرة ، بل للنص بأكمله و للمحيط.
كل كلمة تحمل قصيدة متجمدة قي رحم
الزمن . تحمل مورثات ميتاكوندرية تاريخية في مجرى الزمن تذكر بتلك الكلمة التي
كانت بالبدء : قال الرب للكون : "'كن فيكون".
الكلمات الاربعة :(4M) Les.
Mots; Mythes , Myrths , Morts
هذه الكلمات الاربع من جملة مقطع بيت شعري للشاعر السيريالي (دسنوس) يقول
فيها : " أيتها الكلمات ، هل أنت اساطير ، و هل تشبهين آس الموتى" ؟ .
تقوم بدور الايحاء ، بمعنى اللفظة الاولى. اهمية تقديس الكلمات في الديانات
الكبرى . فالكلمات ، و الكلمات المجترأة هي التي تسير الانظمة الدينية و تنسقها. و
في سفر التكوين : ان الله خلق الكون بكلمة فقال :
كن نورا فكان نورا. قوة التعزيم في الصلاة و تكرار الدعاء بلا انتهاء يوما
بعد يوم. ثم القوة المنيعة كما جاءت بها الكتب المقدسة. التي تحفظ بقوتها هذه حتى
ان ناقضت الافكار و الأكتشافات المعاصرة . قوة الكلمة التي تحول القربان الى جسد مقدس ودمه.
الكلمات اساطير ، يمكن لصدى الحروف ان تكون قوى الوقع في نفوس البشر ، حتى
اننا ننقاذ للكلمات احيانا اكثر مما ننقاذ الى أية قوة أخرى. فالشعارات تكون
قناعتنا في الوجهه السياسية ، و مقاطع الاغنيات القديمة توجه حياتنا العاطفية.و
بما ان الاساطير قوى نفس جماعية لا تغهم مهما اجتهدنا ؛ فإن الكلمات التي تحملها -
تحصيل حاصل - لا تفهم ايضا.
اذن نحن هنا أصوات لا مجرد كلمات صماء بكماء معطلة الحواس معدمة تراسل
الحواس ، و معطلة تداعي الافكار.
لم تعد اللغة وعاء الفكر بل الكلمة ، كل كلمة تخفي صورة ناطقة حديث بألف
صوت (يانك).
تحمل حقيقة ما عن انفسنا عن محيطنا ، عن أصلنا و فصلنا ، كاشفة اسرارنا
الأبدية في رحم الزمن.
الرجل هو الكلمة !
الكلمة التي يقولها البشر هي نفسها
الكلمة التي يقولها الإله الإعريقي القديم.
ادى هذا كله الى التمييز بين اسلوب التطور التاريخي Descronucs و اسلوب التطور التوافقي Synscronucs.
و بين النظريتبن (التطورية)و (التوافقية) في الدراسات اللغوية ، و اكثر
شياعا التاريخي منهما. الذي يعني كل لحظة من الزمن يمكن ان تنظم الى العناصر
الكونيةما ، و كل واحدة من هذه العناصر لا يدرك تماما إلا ضمن شروط ماضيه الخاص
به.
فالزمن أشبه بأسلاك الهاتف ، شبكة الاتصالات البريدية ، فالاسلاك مربوطة
معا ، و لكنها منفصلة في اتصال كل منها نقطة في الماضي البعيد. اما الاسلوب
التزامني فإنه يتجاهل التاريخ الخاص لكل
عنصر بمفرده ، و يركز الضوء عن العلاقة
فيما بين هذه العناصر في أية لحظة معينة. فبدلا من نزع غلاف كل سلك بمفرده من حزمة
اسلاك الزمن. فانك تقطع في الحزمة مقطعا عرضيا لترى ترتيب النهايات المقطوعة.
الاسلوب التزامني يشبه لعبة
الشطرنج ، كما يقول (سوسور) : ان لك أن تدخل اللعبة في اية مرحلة تشاء ، و أن تعرف
الموقف بكل دقة ، دون أن تكون ثمة ضرورة معرفة المواقع السابقة لكل قطعة بل دخولك
، لأن المهم هو الموقع الراهن لكل قطعة بالنسبة لموافع القطع الاخرى.
بمعنى : فإن أي عنصر لغوي مفرد لا يمكن أن يوجد بمعزل عن غيره ، ذاك أن
(هويته) تتقرر بالمجموعة التي تضمه. وهو يحافظ على تلك الهوية بالوقوف موقف
المعارض للعناصر المجاورة الأخرى. ان اعادة تعريف علم النطق مكنت الباحثين في
التطور التاريخي من دراسة علم الأصوات لينفصلوا عن الأسلوب التزامني في دراسة
الفونيمية Phonemics و على اثر هذا التمييز بين علم الأصوات Phonetics و الفنومية ، اسنطاع (كنيت ل. بايك) 1954 ان يقترح نظاما تصنيفيا
لجميع الحقول البحث. يعتمد على الاختلافات الرئيسية بين (التطورية) و (التزامنية)
و هي البحث عن الأسطورية في الاساطير الأمم القديمة. فالخرافة او الخرافية ان نعرف
تلك الاشتقاقات اللغوية التي لا تكاد تفرق بالاشتقاقات في علم الرياضيات ذات
المنهج التجريدي فالخرافة Myth من Moufh , و الاسد
من العسل ، و القوة من الشعر ، و الطوطم من المحرم ، و اللغز السفانكس من الانسان
، و الخرية من ديدالوس ، و الذباب او الندم من اوريست ، و تلافيف متاهات جزيرة
كريت من احشاء الام الحامل....و هكذا دواليك.
من الصعب اليوم على أي دارس او باحث لغوي و في اي معالجة ما أن يجد لونا من
الالوان الاسلتك اللغوية او اي موقعا يضع فيها بيدقه اللغوي ضمن اللعبة اللغوية
الكبرى ، تفجير و تركيب ها من الداخل نحو الخارج و العكس. تلك التي يبحث عنها بشكل
جدي ووازن ، ان لم يعود الى كنه و اصل الاشياء ، حتى لا اقول عليه ان يعود الى
أساطير الأولين و الى خرافات امهات الملاحم الانسانية الخالدة في مجرى الزمن و
التاريخ : " الاليادة" ، " الاوديسة" ، " الإنيادة"
، "الشاهنامة" ، "المهابهارته".... و كذا المقدرة على الرجوع
عبر مختلف الدراسات الدرامية بشقيها التراجيدية و الكوميدية او سنظل متأخرين ،
باحثين عن أنصاف الحلول او هي الحلول الجاهزة (الفوتوشوبية) ؛ نسخ / طبع ، Copier /coller.
الرجوع الى الأصل فضيلة ، لا لنبقى تاريخيين مملين نكرر انفسنا ، و انما من
اجل ان نضع انفسنا بإستمرار في حالة تفكير و تغيير.
العودة الى ما قبل الكلمة ، يوم
كان الانسان أشد الارتباط بذاكرته الحيوانية. تلك الكلمة التي لا تزال تحتفظ
بشفرات العديد من مورثاتنا الثقافية الانسانية السوسيولوجية الاقتصادية.
و لا اعتقد حين قال المفكر الفيلسوف الحكيم سقراط في معبد (دلف) باليونان
القديمة : تكلم كي أراك " !
ان تتكلم كلاما يشبه (السيد كلام) و لا صمتا يشبه (السيد صمت) كما هم في
ابطال رواية (القلعة) او هم عند برنادشو ، انما كلام أصيل متأصل له تغذيته الراجعة
لفظا و لحظا و اشارة ، صوتا وموسيقى و شعورا و روية يحدث في الانفس هزات فكرية ان
مستها عصا موسى !.