جاري تحميل ... ألف ياء

إعلان الرئيسية

إعلان

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد علَّم نفسك
آراءالعقيد بن دحو

الشر الجميل ، ازهار الشر ، و الشر الأبيض

 

الشر الجميل ، ازهار الشر ، و الشر الأبيض

العقيد بن دحو

العقيد بن دحو



يقول الشاعر الملحمي الإغريقي (هزيود) : "معظم الناس أشرار و من يفعل الشر في الآخرين يفعل الشر في نفسه أولا ".

لا تزال لعبة الخير و الشر منذ العصر الهليني ، مما قبل التاريخ أو ما قبل الميلاد ، يشكل المكون الاساسي للصراع الدرامي. بين الإنسان و محيطه الطبيعي ، كيما يجد سبيلا للتوازن او للتكيف مع الطارئ.

الإنزان مع الظروف الطبيعية تقلبات الطقس أو المناخ و الظرف الإجتماعي.....

تلك التي أرعبته و أخافته ، بل هددته في حياته . و كيما يتفهمها اكثر ، حاولت الذهنية الإغريقية التقرب منها - بدل الهروب منها - و منحها صفات و خصائص بشرية او هي قريبة من البشر.

بل أعتبرها تملك قوى غيبية تفوق طاقتها و قدرتها طاقة و قدرة البشر (المانا) . لهذا ألهها و قدسها و جلها ، و سماها إلها او نصف إله أو بطل.

فبقدر ما كانت آلهة للخير كانت آلهة للشر ، سماها (تيتانوس)  Titanus

أو كما ورد في " الثيوغونيا" Theogonie سواء عند الشاعر الملحمي هوميروس كما  ذكرها في " الإليادة" . أو كما وردت في فهرس الآلهة أو انساب الآلهة عند الشاعر الملحمي (هزيود).

تقول الأسطورة : عندما انتصر كبير الآلهة سيد النظام (زيوس)   على أبيه الزمن كرونوس ، اندلعت ثورة اخرى بالمقابل بين زيوس و آلهة الشر فأوشك أن ينهزم زيوس حتى جاءه المدد و العون و المساعدة من لدن ابن عمه بروميثوس سجين الحرية فكان  ان أمسك بتلابيب إله الشر (تيفون) و يقذف به بصقليه و يصير بركان (اتنا). كما تراه يمسك بتلابيب إله الشر (أطلس) و يقذف به شمال افريقيا ، و يصيره جبال الأطلس ، تشد السماء حتى لا تسقط على الأرض !.

 كانت هذه الفكرة ، فكرة سذاجة البداية عن الشر و محاولة شخصنته او جعله (حالة) ؛ يمكن رصده أو سبره أو قياسه تحت أي مقياس كان أن جعله يقع تحت حواسه.

غير أن تكاد الذهنية الإغريقية لا تكل و لا تمل من أن تجد مبررا او تفسيرا تعليليا لما يحيط بها من تقلبات و تغيرا سواء في طبيعة البشر او في طبيعة الطبيعة ذاتها .

ما فتىء يسرد لنا الشاعر الملحمي هزيود في قصيدته الشهيرة " الأعمال و الأيام" الفلسفية الشهيرة حتى يعرض لنا ما حلمت به المخيلة اليونانية الجمعية به. تسرد بأن عندما سرق (بروميثوس) النار من مملكة السماء (اورانوس) oranus الى البشر حيث كان يحب البشر  فأراد زيوس أن يعاقب من خلالها البشر و بروميثوس و كان يسمى جد البشرية او أبا البشرية ، فكان ان خلق له الهة مغرية ، غوت بروميثوس و هام بها و أحبها ، سماها هزيود (بندورا) كما أطلق عليها لقب " الشر الجميل". هذا الشر الانثوي جلب معه صندوقا الى الأرض و لما فتحه انتشرت كافة الامراض و الاوبئة أرجاء المعمورة و لم يبق بقاع الصندوق إلا شيئ واحد و هو (الامل) Hope.

كما سجن عند صخرة عظيمة تنهش وحش الطير كبده نهارا ليتجدد ليلا.

غير ان مع الايام ، و مع التقدم الثقافي و الحضاري أتخذ الشر صفات و خصائص بشرية نباتية و حيوانية ؛ و مزيجا بين الحيوان و البشر ، (سانتورات) أو (الساتيرات).

و كما للإنبات من شر للزهر شر

فعند الشاعر السيريالي الفرنسي (شارل بودلير) انواع من  الورود و الزهور و حصيله من الغار و الآس تمتاز بميزة الشر . كنوع من أنواع أختلال و تراسل الحواس ، و تداعي الخواطر بالوعي و اللاوعي ، فالجمال بقدر ما يوجد بالحسن بقدر ما يوجد بالقبح. بقدر ما تسطع الفضيلة في الاثر. فالنحاث يظل ينحث في منحوثته ايام و شهور حتى تصبح جاهزة و تحقق مبدأ التوازن و العدالة. فبقدر ما تقول ما هذا الجمال ! يمكن ان تقول ما هذا القبح ! باللوحة او المنحوثة او القصيدة الشعرية....الخ من الفنون الزمكانية.

و عندما تصبح "أزهار الشر" Les fleurs du Mal واحدة من تلك التعابير ما وراء الطبيعة ، التعبير عن خواطر النفس في مجراها الحقيقي بعيدا عن أي إلتزام يفرضه العقل أو المنطق ثم الإيمان بسلطان الأحلام المطلق.

أزهار الشر كان لها ما يبررها حين كانت باريس 1943 تعج بالفساد الاخلاقي و الإجتماعي و السياسي و الإقتصادي ، كما استفحل الإدمان عن شرب الخمر و كذا انواع سموم  المخدرات كالهروين و مشتقاتها ، لم يجد الشاعر حينذاك عن التعبير عن الجمال المفقود بالشر الجميل. اذ أصبح ما يميز (الشر) يميز الورد و العكس . حين يحل الشر بالورد و العكس (الحلولية).

كما أنتقل الشر الى السياسة و الى التاريخ  عبر المستشرق المفكر الكاتب الحضاري الفرتسي (روجيه غارودي) الذي اصبح يسمى بعد اسلامه على أرض الجزائر (رجاء غارودي).

حين أطلق على المستعمر الغربي عموما الفرنسي خاصة و الامريكي لقب " الشر الأبيض".

الصورة التاريخية للرجل الابيض وهو يعبث فسادا بالقارتين الإفريقية و الأسيوية فسادا و دمارا و استعمارا.

صورة ذاك الإقطاعي الذي أستعبد الأفارقة الزنوج و زجَ بهم في لجج عباب البحار أسرى مصفدين مقيدين يباعون و يشترون في سوق النخاسة الأوروبية و الأمريكية.

هذا الشر الأبيض الذي ملأ الكينونة شرا لونا و مساحة و كتلة و حجما و نوعا.

هذا الشر الابيض الذي بدوره امتاز بصفات و خصائص و ميزات عنصرية.

فصار للشر لونا ورائحة و طعما ايضا. خصائص المادة الفيزيائية و الكيميائية (سونستاسية) و (ايكولاليا)

أيها الراعي ، يا برج (ايفل) قطيع الجسور يثغوا هذا المساء !

او كما يقول بودلير في قصيدة أخرى.

اذن (الشر) كان رمزا فقط اسطوريا يتخذه الشاعر ليعبر عن شيء آخر. كما يجب أن يكون و ليس كما هو كائن أن يكون.

 


***********************


***********************

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *