اقتصاد المعرفة و معرفة الإقتصاد
العقيد بن دحو
منذ الإنبعاث الحديث , بل ومنذ اندلاع الثورتين الأمريكية و الفرنسية , منذ القرن الثامن عشر و حتى مطلع القرن التاسع عشر قد تكون جٌل القيّم قد فقدت معناها , و أصبح جليا وواضحا على المنظرين والخبراء و الباحثين في علم و فلسفة السياسة الإقتصاد و الإجتماع ة الثقافة , وواجبا منحها حيوية و نشاطا جديدين , وكان السؤال في كل ما جد جد , وفي كل ما جد جديد : هل يمكن البدء من جديد ؟ و اذا كان هذا ممكنا , أين يجب البدء؟
وظل السؤال قائما حتى مشارف القرن
العشرين , مع عصر العولمة و الإنتقال من المحلية الى العالمية الى العولمة او
الكوكبة او الأمركة من جديد حسب دورة التاريخ , بعد أن مسّ الأنزهايمر و الشبخوخة
و ظاء الرعاش ارجاء القارة العجوز وعلى رأسها فرنسا , ففاض الجو لأمريكل و اصبح
لها الحق المطلق على العالم اجمالا. , وقد جاء الرد من ثلاثة مصادر حتى لا أقول
نظريات , مؤسسات ريادية جديدة وحديثة بدون جدران / sociètè sans murs . أين تنوب التكنولوجبات الحديثة مقام العديد من الأطر و العلائق
و الأحكام و القوانين وكذا قللت من الفعل البيروقراطي , وجعلت الفعل أكثر انسانيا
. كما استفادت من التغييرات الثورية للمعلومة مما صارت معادلا كميا , ومنحت لها ما
يميز ( البضائع) كتلة ومساحة وحجما و لونا ونوعا , بل تقييما وتقويما و ماركتينغ ,
وعليه صار من يملك المعلومة يملك القدرة او الطاقة , بحبث قدرة المعلومة لا تتجاوز
طاقة صاحب المعلمومة و إلا عدنا الى نغي المربع الأول!.
حين قادت التجارب الأولى على الإنسان
و البيئة الى افراز سلسلة من الطاقات اللامنتهية ترتب عليها اضرارا فتاكة لا تزال
تعاني منها البشرية حتى اليوم كالطاقة النووية التي كانت بالبدء مجرد معادلات
كيميائية نووية ونظائر ومواكبات و انتهى الأمر الى يورانيوم مشع احرق النسل والحرث
, و أفسد الزرع والضرع لا تزال تعاني منه البشرية حتى اليوم.
المعلمومة هي المعلومة , سواء كانت
ذات مكون لبنيات فوقية أو لبنيات تحتية , فالضرر و النفع واحد , وكما كان وراء كل
ثروة كبيرة جريمة كبيرة , المعلومة ايضا اذا كانت مضللة ينجر عنها اقتصادا مضللا.
هذه التغيرات الحديثة في المجتمع
ذاته , أدى متفاعلها الى الى اعادة فحض حديدة لمقاييس المعرفة و الإقتصاد على حد
سواء.
ومادام الأمر حديثا بتكون النظرة حول
الفلسفة او الأسلوب , أو مجموعة المناهج والبرامج والتصورات و الدولة والمجتمع و
تأثير اقتصاد المعرفة على كل واحد منهما.
لا يمكن اليوم استثناء أي مؤسسة
(....) من المعرفة , و أساس المعرفة العلم و التعلم , و أن نعود الى التلميذ
بالمدرسة و اليافعين وصغار المراهقين بالمتوسطات والثانويات وحتى بالجامعة على
اعتباره محور العملية التعلمية التعليمية , واستهداف هذا المحور كحالة ابداعية ,
أي وضعه في حالة ابداعية خلاّقة , سواء معتمدا على قدراته الفردية الخلاّقة (
الرائز) , او جماعيا حين توضع أمام مجموعة مصغرة او متسعة في حالة ( عصف ذهني) قصد
الوصول الى مفهوم / (understanding ).
لكن لا نكتفي بالمعلوماتية كزخرف أقوال
دون افعال , بل أن تجد طريقها الى التطبيق وتحويلها من فكرة مجردة الى واقع ملموس
له قيمته المادية والمعنوية لذلا سائر افراد المجتمع / know-how is not electricity unless it's far
appled.
واذا كان الإقتصاد عموما هو نصف
المعيشة , فالمعرفة في هذا النصق (half
of) هو
الذي يجعل الفارق بين ما ووجد في معبد ( دلف) منذ القرن الخامس قبل الميلاد أين
كان يدعو أرسطو الناس الى ضرورة معرفة النفس , فكس المعرفة الجهل , والجاهل يفعل
بنفسه ما لا يفعل العدو بعدوه.
كما أن المعرفة هي معرفة ( مالرو) :
رأس كامل الإمتلاء في رأس كامل الإعداد. بمعنى العلم المرفوق بالتقنية الحديثة ,
من اجهزة الكومبيوتر و سائ الأجهزة الذكية , ومن اٌنتاج و الإنتاجية.
صحيح منذ ظهور الإنطباعية تحلل
الإنسان الى مجرد بقع ضوئية و لونية , وعومل مجرد آلة شيئ من لا شيئ (كل شبئ لا
شيئ) !
با ما صدق أن يستمع الى النفخ في
مسامعه , اإنسان رأس المال اختفى تماما و صار جزءا مما انتجه , حين انتقل ما يميز
الطابع الصنمي للبضائع الى الإنسان , بل ويحكم فيه تحكما تاما.
اليوم ومع اقتصاد المعرفة , واحالة
المعرفة الى الإقتصاد , حتى لا يصير مجرد تحليلات و تفسيرات نظريات صماء على
بلاطوهات أين يتحلل بدوره الأستاذ المحلل او الخبير و بصبر مفسرا للأحداث السياسية
وفق نظرياته الإقتصادية.
اقتصاد المرفة أن يعود الإقتصاد الى
المعرفة , والمعرفة الى الإنسان مفسرا الظواهر الطبيعية التي تعيده الى التفسيرات
الأولى الأم, وتصبغه بالصبغة الإنسانية مكتشف الأجهزة الذكية التي يتحكم فيها و
ليس العكس - لا يجوز أن نكون معاديين لأية فكرة حضارية - من أساسه.
يخطر احيانا للعلماء و الباحثين و
للمنظرين قد يكون للإنسان أكثر راديكالية , واكثر ثورية , وحده الإنسان القوي يقف
و يعلن للبشر ...هكذا عشتم في الماضي , وهكذا ستعيشون في المستقبل. اذا توفر لكم
المال , لن توجههوا اهتماماتكم إلا لمصلحتكم , واذا توفرت لكم السلطة لا تجدون
حاجة الى تبرير اخطاءكم , واذا كانت القوة بجانبكم فالحق بجابكم. هذا منطق
التاريخ. ومن لا يقبل هذا فليعش كالديدان تحت الأرض تنضح من رطوبة.
اقتصاد المعرفة وبعيدا عن كل
النظريات التي جاءت بها مختلف التيارات الفكرية والفلسفية , سيظل الإقتصاد عاملا
مهما في تطور الشعوب و الأمم والدول , وتبقى النظرية / tout/ compte = fait حتى اذا ما تضمنت المعرفة صارت / homo information.