جاري تحميل ... ألف ياء

إعلان الرئيسية

إعلان

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد علَّم نفسك
آراءالعقيد بن دحوفنون

فكرة الجنون في الادب و الفن و الثقافة

 

فكرة الجنون في الادب و الفن و الثقافة

العقيد بن دحو

تبدو (الحالة) ، حالة الجنون في الفن و الادب و الثقافة و الفكر عموما مرضية ، اكلينيكية صرفة ، في حاجة الى علاج ، كاي مرض من الامراض العضوية او النفسية او حتى تلك التي صارت تميز القيم الاجتماعية الاقتصادية و السياسية.

بل صارت مقرونة (باللعب) ، لعبة عميقة الجذور ، القصد من خلالها اعادة التوازن كفن المحاكاة.

تثنية الفعل الدرامي و نقيضه الانساني ؛ اختلال التوازن فجرت العادة ان يعلق المعلق الرياضي على مقابلة رياضية فيها من الاثارة ما فيها ، ومن روعة اللعب و دهسته و ذهوله ما فيه و من بديع الابداع و الفنيات بقوله : هذه مباراة مجنونة!.

و تقول العامة عن شخص متميز ، موهوب هذا الشخص مجنون....و هكذا دواليك !

فالفنان الرسام الذي قطع ادنه ليرسمها ، و العالم الذي نسي ان يلبس حذاءه ، لا يمكن ان نصفه بالمريض او بالمجنون ، الماخوذ بالمعنى الاغريقي القديم للكلمة.

غير ان من شدة عجز المعجبين عن وصف حالته هذه فوصف اصطلاحا بالمجنون.

هل عرفت الاغريق حاضرة اليونان هذا النوع من المرض ؟

بمعنى هل عرفت الاغارقة مجنونا ما تم عليه الاتفاق. او تم صناعته او ابداعه بالمخيال الجمعي....؟

اذا عدنا الى الدراما اليونانية ، و بالضبط الى ماساة او تراجيديا (اياس) او يسمى في لغات اخرى " اجاكس" ، عند الشاعر الدرامي صوفوكليس او يسمى صفوكل : يلتمس الباحث في علم الميثولوجية او العقد ، ان شخصية اياس التراجيدية تمثل عن حق و حقيقة لسطورة (الجنون) ، الشخصية المجنونة المقرونة بالمرض النفسي و الذهني ، بل الجنون الاجتماعي ، الجنون السياسي ايضا ، تفسر على : كما يجب ان يكون و بسس كما هو واقع بالفعل !.

تعود قصة(اياس) بن تليمون ، ملك سلامين بطلا من ابطال اليونان امام طروادة. حارب فاحسن البلاء ، و ظهر على الطرواديين في مشاهد عظيمة و حمى اليونانيين جميعا بعد ان انهزم زعماؤهم و ابطالهم ، فما زال يدافع عنهم حتى اقبل اخيل فرد اعداءهم منهزمين. فلما كان مقتل اخيل جعل اليونان سلاحه جائزة لاعظم ابطالهم شانا ، و اجلهم خطرا ففاز بها غريمه اودسيوس ، و غضب لذلك اياس جن ، فذهب عقله ، و انحى بسيفه البتار على ما كان في حظائر اليونان من ماشية ، فلما عاد اليه عقله وصوابه في صباح اليوم الموالي ، استخزى ما فعل فقتل نفسه.

كانت هذه الفكرة ، او هذا الحلم الجمعي الاغريقي ، سذاجة البداية .عقدة الجنون و ارثه الفني على اعتبار الاسطورة : ميراث الفنون كما يقول نيكولاس فريده.

غير ان في الفن و الادب. يصف افلاطون الشاعر بالجنون السماوي.

الجنون الملح : الذي يحمي العقل من الفساد.

كما اعتبر بعض المفكرين ان امراض المجتمع التي تقع في هذا العصر هو مرض الانسان ، الحرب ، مظاهر القتل ، الاوبئة ، المجاعات ، النزاعات الداخلية و الخارجية السياسية الاقتصادية ، الخوف ، التعذيب ، الدم ، القوة ، كل هذه الاشياء تندرج تحت مسمى " جنون التاريخ"! .

ومنه الجنون جاءت فكرة ، حلم ، كلمة ثم فعل. فبقدر ما تقول ما هذا المؤثر ، و ما هذا الغناء ، و ما هذه الروعة ، نقول ما هذا الجنون !؟

عندما يصير الجنون ابداعا خلاقا. و تفكيرا رائزا!.

داويني بالتي كانت هي الداء !

و الضد بالضد يفهم !

احيانا لا بد من حقن الجسم بالترباق ، بالسم ، كيما يكتسب مناعة ، تولد كريات دم بيضاء و مناعة تدافع عن الجسم المعتل.

قد نجدها في سم العقرب الذي يستخدم في نفس الوقت كنجاعة شفاء من لدغات سم العقرب ذاته !

و هكذا يوصف المبدع الموغل في العقلانية و ايجاد الحلول الذهنية للمشاكل النستعصية بالمجانين.

فالمجانين بالاول و الاخير هم الذين يحكمون العالم ، فهتلر حكم بالحديد و النار ، و نابليون بونابرت عاش حياة اوروبا و ازدرد الجيوش ، و كوفيه تزوج من الكرة الارضية ، و تجسد اوكنيل في الشعب ، بينما بلزاك الذين يدعونه الخالق الاله بامكانه ان يحمل مجتمعا باكمله في ذهنه.

الا ان مركز ثقل الجنون قد نشهده في ذاك العالم الفيزيائي ارخميدس حين خرج في يوم بارد عاصف من حمامه الدافئ عاريا ، صارخا : وجدتها...وجدتها...وجدتها ! Ulrika....Ulrika....Ulrika.  اي جنون هذا مقترنا بالعبقرية المرضية.

ان الجنون يحمل الصدارة في عالمنا الحاضر المعاصر. كما يعتقدالسيرياليون ان الذين يسميهم العالم بالمجانين ، هم الذين يوجهون العالم منهم : ترفال ، هوغو ، بودلير ، لوتريامون ، و دوستوفسكي  و كافكا. اي جميع الذين بدا يتحكمون بذاكرتهم للتاريخ ، يرجعوا الى زمن ما قبل التاريخ ، الى الاسطورة اي الى عقدة او ماساة اياس.

تبدو الفكرة الجنونية هي عودة للتاريخ مرتين ، مرة في شكل مسخرة و تارة اخرى في شكل ماساة.

عندما الاولياء يسخرون من استاذ التربية الفنية الذي يجرس ابناءهم الرسم و النحث ، او من استاذ الموسيقى ، او من كوتش المسرح المدرسي ، وهم في داخل قرارات انفسهم يتمنون لو ان ابناءهم فعلا موهوبين مثل ذاك الفنان الفولاني او المبدع العلاني ، المغني ، الموسيقي ، الرسام ، النحاث ، الممثل ، الكاتب

هم داخليا يقرون باهمية الملكة الابداعية عند الاخر حتى ولو كانت بميزة الجنون.

خذ الحكمة من افواه المجانين.

يعاني مجتمعنا من انفصام الشخصية ، تثنية الفعل الاجتماعي و نقيضه ، لذا خلقت المدرسة و المركز الثقافي و المدارس الفنية لمعالجة مثل هذا الاضطراب في الشخصية . و ان لولا هذه الفنون ، ولولا هذا الجنون ماركبت الناس باخرة و لا عبرت البحار ، و لا ركبت الطائرة و سافرت القارات ، ما صعدت الاقمار ، و ما توصل العالم الى هذه الاخبار السريعة ، و ما صار العالم ملك يديه على شاشة هاتف نقال يسافر بدون تذكرة و لا جواز سفر اصقاع العالم ، بل العاقل ، و عاقل العقلاء من يشارك في هذا الجنون ، جنون الماضي ، جنون الحاضر ، جنون المستقبل ، جنون التاربخ ، و جنون الجغرافيا او يعيش ابد الدهر بين الحفر !

سوف تكون نهاية هذا التاريخ ، حيال قوة الخير و الشر نهاية هذا الجنون الخلاق ، و بعدها لم يعد في الامكان ابداع اكثر مما كان.

ساعتئذ ما قيمة مجتمع لا يفهمه الا العلماء ، الا العقلاء ، سوف يشعر فيه الناس بالغربة ، التفكك ، التفتت ، العدمية ، اللامعقول و الهروب من المجتمع.

بعض الجنون الارضي فنون ، فما بالك ان كان جنونا سماويا.


***********************


***********************

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *