جاري تحميل ... ألف ياء

إعلان الرئيسية

إعلان

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد علَّم نفسك
أريج محمدشعراءفنوننقدنقد شعر

الدكتور أمجد ريان مساحة للدهشة في تفاصيل العادي مابين تمرد الأسلوب وسهولة اللغة ـــــــ رؤية ــــــ

 

الدكتور أمجد ريان مساحة للدهشة في تفاصيل العادي مابين تمرد الأسلوب وسهولة اللغة
ـــــــ رؤية ــــــ

أريج محمد



يعد الشاعر والناقد د. أمجد ريان حالة استثنائية في كتابته للقصيدة ، والتي تعتبر تجسيداً أمثل لعبارة "السهل الممتنع" فالمتتبع لتجربته يلاحظ الخروج عن المألوف في استخدام اللغة التي يبدو جلياً فيها الميل نحو البسيط من المفردات وأعني هنا تناول الأشياء المتوفرة من حولنا داخل البيت في القهوة في الطريق إذن هي المفردة اليومية المعنية بالتفاصيل التي تمثل الركيزة الأساسية في شعره وبعض المفردات العامية امعانا في محاولته توضيح فكرته الأشمل من خلال الأنا الشعرية وتفاصيلها "الخاص والهامش" واسقاطها على الكل "المجتمع" وهذا يمثل الشق الثاني من مقولة السهل الممتنع مثلاً في قصيدة البليتاشو كنموذج أول والتي يقول فيها :

يقفز البلياتشو فوق السرير .. ويقهقه

بكيْتُ فوق طبقات الأرض فوق البازلت ، والجير ، والجرانيت

كل طبقات الأرض كانت تحتي :

فأغرقتها بالدموع الغزيرة ثم عدت إلى حجرتي : 

وتوقفت أمام المكتبة وقد وضعت بين الكتب :

تذاكر المترو وبواكي اللبان ، وروشتات الأدوية وقفت أمام المكتبة :

لأتناول كتاباً من على الرف وأفتحه أمامى

ولكنى لا أكاد أفهم شيئاً والحروف تتداخل وتتداخل

وعلى المقعد الخشبي جلست

والببلياتشو يقفز في أركان الحجرة بلا هوادة

ومن النافذة رأيت : امرأة تطلب شيئاً بإلحاح

من رجل صامت كالتمثال وأنا واقف أحس بالحيرة ، فأبدأ الغناء :

مردداً أول أغنية غناها "عبد الحليم حافظ" ولم تشاركني حبيبتي في الغناء لأن صوتها تحشرج بعد نزلة البرد الأخيرة

فجريت بقدمين قويتين فوق الأرض

ليلاحقني البلياتشو ذو الأنف الحمراء الكروية ويقول لي :

لن أتركك بعد اليوم ، وبدمعِ عيني استقبل الفكرة الحميمة التي تقول :

إن "السنط" من أهم الأشجار المصرية ، وأن الخشب في بلادنا مصدره "السنط. وأنني في طفولتي تسلقت معظم أشجار السنط التي كانت في حينا وتسلقت أشجار التوت لأجلب دود القز . .

شخصيات خيالية افتراضية تمر بذاكرتي وأنا واجم ، أخاطب نفسي :

لَيتَ الشّبابَ يَعود يَوماً

وفوق صخور الغلاف الأرضي يجرى الطفل ضاحكاً إلى حضن أمه ، وأنا أدخل البيت متسللاً ومخففاً من وقع صوت حذائي حتى لا يراني والدي لأنني كنت أمسك برواية "زينب" ووالدي توعدني بالعقاب الشديد لو اهتممت بأي كتاب من الكتب غير المدرسية حتى أنجح في امتحان آخر العام .

نلاحظ وفي عتبة النص الأولى العنوان اسلوب متفرد في اختيار اللغة المفردة وصعوبة الأسلوب في تركيبته والمعنى إذ يستخدم أمجد أسلوب الصدمة والمفارقة استخداما ذكياً يحمل القاريء على الدخول في عالمه بحالة من الانتباه ومن ثم تتبع خطواته المتسارعة وربما القافزة من فكرة إلى أخرى اعتمادا على الإشارة لها بعبارات وصور شعرية توقظ الكثير من المشاعر "الحنين الغربة الوحدة الحزن الفرح الهروب الحيرة الملل التمرد التداعي "فيدخل القاريء في مساحة الدهشة ويجد نفسه في مكان الأنا الشاعرة هو ذاته بتفاصيله الصغيرة ووجوده الهامشي ربما وتساؤلاته الكبيرة ومعاناته في وسط هذه الحياة فيتحقق للشاعر عنصر الخروج من مرحلة الذاتي إلى الآخر كمجتمع .

الرمزية متوفرة في قصائد أمجد حاضرة في أبسط صورها وأعمق معانيها مثلاً حينما يقول :

فجريت بقدمين قويتين فوق الأرض ليلاحقني البلياتشو ذو الأنف الحمراء الكروية ويقول لي : لن أتركك بعد اليوم ، وبدمعِ عيني استقبل الفكرة الحميمة التي تقول : إن "السنط" من أهم الأشجار المصرية ، وأن الخشب في بلادنا مصدره "السنط. وأنني في طفولتي تسلقت معظم أشجار السنط التي كانت في حينا وتسلقت أشجار التوت لأجلب دود القز .

فمن خلال الالتفاف على حقيقة مايقدمه البلياتشو من مشاهد مضحكة يطرح لنا فكرة الواقع المظلم الذي يلاحقنا رغم وجودنا على ظهر أرض غنية معنويا وماديا بفنها "الفنان عبدالحليم حافظ " "أشجار السنط" وقوة إنسانها فالقصيدة عند أمجد ريان لا تخلو من الشعور بالامتنان للوطن وقيمته رغم طابع الحزن والغبن الذي يكتنف معظمها إذن الرمزية عنصر يضيف الكثير من الحميمية بين القاريء ولغة القصيدة عكس النوع الذي ينأى عن مخيلة القاريء ويمعن في الغرابة مما يخلق حاجزاً بينه وبين الفكرة أو المعنى المضمر في قلب الشاعر .

في النموذج الثاني قصيدة "شخبطة"على الحائط يقول :

حياتي تشبه البوستر المعلق ودائماً أتوه بين الدلالات التي تهرب .. هل الحكايات تتفتت ، لكى تمتزج بالحياة أم أن الحياة هي التي تتفتت كي تمتزج بالحكايات ؟ الكلام يحيط بي ، الكلام يحاصرني ، والثرثرات تسرقني . ودهشة الجسد تتواصل بدهشة الوجود اختفيت في الشارع ، اختفيت تماماً ، وعند الناصية انكسرت اللغة ورأيت "الشخبطة" : تزدهر على الحائط . . يعيش الإنسان عادة على رأس الحزن ويظل يجتر الحكايات دون أن يتوقف كنت أوقِّع في الاهتزاز ، والأرض تضيع في خطوتي في البيت كانت التخاريف تشهق والشفرات تتوالد وأنا أحاول أن أحتفظ بالحكايات والـظروف ولكنها تهرب منى فأضع "الكنكة" فوق "عين البوتجاز" وأنتظر رائحة القهوة أقضى الساعات الطويلة فى الفيسبوك ، لأنه ليس للإنسان وجود خارج الحكاية ، الحكاية هي نور البهلوان الحكاية هي قدرتنا الباهرة في التعايش والحكاية هي الفرصة الوحيدة لكي نحب ، ونبتسم للفتاة الممشوقة ذات الشعر السمين داخل ذيل الحصان الطويل . . الصور تختارنا في كل يوم ولم يكن منتصف النهار عادياً بل كان عاتياً وكنت أحس بأن بالاغتراب يغزو التفاصيل ومهما قلت : فلن أتمكن من أن أحكي الحكاية لأنني أريد من الحكاية لبها أريد من الحكاية حدّتها وحنينها ، أرجع برأسى على ظهر المقعد وقلبى : يفور بالحكايات التي تلد الحكايات ، ثم مزيد من الحكايات التي تلد الحكايات .

يؤكد د.أمجد على أسلوبه باتخاذ تفصيله هامشية قد تشاهدها في أي شارع "البوستر" ويدخل من خلال رؤيته للتشابه بينها وبين حياته لأسئلة كبيرة وجودية وفلسفية بحته تشغل بال الكثير منا ولكن لم يخطر على بال أحد أن يقرأ طرحاً لها وغوصاً في دهاليزها من خلال قصيدة تتسم بهذه اللغة ذات الدلالات البعيدة المضمون "الحياة التفتت الحكايات الكلام الثرثرة الشارع الاختفاء " وصولاً لعبارة انكسار اللغة عند الناصية ومن ثم رؤية "الشخبطة" وهي تزهر على الحائط والمعروف عن الكتابة على الجدران انها رمز للتنفيس في زمان الثورات واعلان المخفي والمسكوت عنه حتى في حالات الحب وفي قفزة مدروسة ينقلك مباشرة عبر المقطع التالي من القصيدة وفي داخل الإطار الفكري في وحدة موضوعية لا انفصال فيها حيث يقول :

يعيش الإنسان عادة على رأس الحزن ويظل يجتر الحكايات دون أن يتوقف كنت أوقِّع في الاهتزاز ، والأرض تضيع في خطوتي في البيت كانت التخاريف تشهق والشفرات تتوالد وأنا أحاول أن أحتفظ بالحكايات والـظروف ولكنها تهرب منى فأضع "الكنكة" فوق "عين البوتجاز" وأنتظر رائحة القهوة أقضى الساعات الطويلة فى الفيسبوك ، لأنه ليس للإنسان وجود خارج الحكاية ، ينقلنا إلى داخل البيت وبلفسفة ذاتية جميلة حيث يبدأ بمقولته "يعيش الإنسان عادة على رأس الحزن ويظل يجتر الحكايات دون أن يتوقف ... ومن ثم يسهب في الغوص في توضيح فكرته من خلال تفاصيله الصغيرة التي يكمن فيها اصل الحكاية وسر الحياة إلى أن يصل إلى حالة الركون وهو ينتظر رائحة القهوة وتمر الساعات وهو يطالع الفيسبوك في إشارة واضحة لربط القاريء بتفصيله يعايشها الجميع ولها أثر في حكايته وهكذا في الصور أصل كل الحكايات وفي القصيدة المعنى والأسئلة وفكرة الركض نحو الإجابات مهما جلبت لنا من قسوة ووقائع محزنة أو قادتنا نحو مدارج الحنين فمن رحم كل حكاية تولد حكاية جديدة قصيدة جديدة والدهشة هي الفيصل من خلال فكره ونزعته نحو آفاق جديدة في عالم الشعر .

أريج محمد _السودان_مصر 14/3/2024


***********************


***********************

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *