جاري تحميل ... ألف ياء

إعلان الرئيسية

إعلان

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد علَّم نفسك
آراءالعقيد بن دحو

تخلصوا من عقدة "الاجواد" اولا

 

تخلصوا من عقدة "الاجواد" اولا

العقيد بن دحو



ليتها كانت عقدة "اوديب ملكا" عند الرجل ، او  "الكترا" عقدة اوديب عند المراة.

انما هي عقدة مرضية بالمقام الاول ، مردها و مرضها الى التقمص الشخصي الاعمى او التقليد الاعمى ، الى حد التوحد !.

المتتبع للحركة المسرحية بالجزائر ، يلاحظ ان جل المسرحيات التي تعرض بعد تسعينيات القرن الماضي ، تكرار مكرر ؛ و تجريب مجرب لمسرحية الشاعر الدرامي و المخرج الممثل القدير المرحوم عبد القادر علولة. لاسيما التقليد الببغاوي حتى لا اقول شيئ اخر (...) . مسرحيات فقيرة ، منتكسة الملامح ، تتوارى خلف اصبع واحد !

خاصة تقليد الممثل القدير المرحوم سيراط بومدين في شخصية جلول الفهايمي ، كما جاء في عبارته الشهيرة : "جلول الفهايمي كريم. و يامن كثير بالعدالة الاجتماعية. يحب وطنه يجهد واخلاص ، يتمنى لبلاده تتنمى بسرعة و تزدهر فيها حياة الاغلبية. جلول الفهايمي ماد يده باستمرار لقراينه ، يوقف بحزم وقت الشدة و يساهم بكل ما يقدر عليه ضد الغبينة . دقيق في السيرة ،ذكي في الخطة و لكن فيه ضعف ، عصبي ، تتغلب عليه النرفزة ، يزعف و يخسرها ....."!

هذه العبارة الخالدة قد لا تتكرر ابداعا في مجرى التاربخ الفني المسرحي الجزائري .

هذا التقليد الاعمى ظل و لا يزال قائما حتى الان. و تكاد تجده في كل مسرحية تعرض حتى اليوم.

صحيح قد لا تتكرر في العبارة حرفا و كلمة وجملة و فقرة كما هي في ذاتها ، لكن نبرات و حركات و اشارات جلول الفهايمي / سيراط بومدين قائمة في كل عرض درامي مسرحي.

بل الاغرب و المحير تلك اللهجة الوهرانية الفونيميتيكية للثابتة في كل مشهد عبر ربوع مسارح التراب الوطني حتى تلك المستحدثة الجهوية منها.

المتتبع للحركة المسرحية بالجزائر ، و من يمتلك ادنى ذائقة موسيقية ، او احساس مرهف للسمع ، و من يتابع حركات الممثلين على الخشبة يلتمس شخصية جلول الفهايمي بكل وزنها و ثقلها. بل قد يلتمسها عند كل شخوص المسرحية : علال ، الربوحي ، العساس ، الحبيب ، المعلمة ، الكورس او الجوقة او (الجميع) ، لمنور ، جلول الفهايمي ، العامل. العاملة.

اذن طيلة اكثر عقدين من الزمن ، اي تقريب جيلا باكمله لم تستطيع المخيلة الفنية نسيان الماضي الفني المسرحي ، الثراثي منه.

ذاك ان الممثل المسرحي و المخرج لم يستطيع الاندماج في الدور الجديد و نسيان الماضي بكل تجلياته !.

هذا في حد ذاته مرض فني ، يعود بالدرجة الاولى الى طبيعة التكوين ، و الى ضعف المهرجانات الفنية التي عجزت عن ايجاد البذيل عن ثلاثية او رباعية المرحوم الشهيد عبد القادر علولة فية(الخبزة-الاقوال - اللثام - الاجواد) !

مرور اكثر من عقدين من الزمن لا تزال " الاجواد" راسخة في راس كل ذهن ممثل لحظا و اشارة و لفظا.

تشعرك بان كل المسرحيات التي تعرض امامنا لصوت واحد لحديث واحد ، حتى ان تعددت النصوص و اللغات و اللهجات.

بهذا التقليد المرضي و ما نلمسه من عروض مسرحية اقتباسا او التماسا او التباسا ، نستشف ان المرحوم عبد القادر علولة بعمله الخالد هذا الجاد الواع الوازن ، يكون قد اغلق (اللعب) عن كل من ياتي بعده.

و لا سيما لم يكن البحث جادا ، و  التخلص من الماضي التليد العلولية.

كان من المفروض طيلة العشرية الاولى التخلص من هذه الحالة الاندماجية و الدخول في حالة تركيز لغسيل دماغ مسرحي ببغاوي ، و الانطلاقة من جديد.

هذه الحالة تعكس عمل الورشات ، و العودة الى البدء ، الى التدريب على الكلاسيكيات التقليدية الاخلاقية القديمة العالمية ، لنسيان الماضي و الانطلاقة الجديدة في ملكوة مسرح جديد متجدد وفق عمل الورشات ، و اعداد ممثل جديد ستانسلافسكي جديد ، قادر على الحفظ بسهولة و النسيان بسهولة. ليست له نوستالجية على احد او نص او حركة او فعل.

ان ظلت مسارحنا في هذه الغيبوبة ، في هذا الفقد للوعي اللحطة الراهنة . ستظل مقلدة غير مجددة الى ابد الابدين ، و كل نص يعرض ، يحسبه الجمهور المتتبع الجاد و بعض من امتهنوا مهنة الصمت ان "الاجواد" هي من تجري على خشبة المسرح ، و ان قرين او بديل جلول الفهايمي هو من يمثل مادام الايقاع هو هو ، و الخركة هي هي......سيظل جلول الفهايمي باسم اخر ، و الاجواد باسم اخر ، بينما الروح واحدة!.

هذا معيب ان لم يستطيع المسرح الجزائري التخلص من هذا التقمص المرضي ، ان لم يستطيع التجدد في كل قواعد اللعب ، ان لم يستطيع ان يوحد اللغة المسرحية ، ان لم تسطبع هذه المهرجانات الاقلاع الخضاري من جديد في عالم يتجدد كل ثانية تقريبا صورة و شكلا و لونا.

لا تحدثني عن الجوائز ، فالجميع صار يدرك بان وراءها خلفيات جمة اجتماعية سياسوية و شبه ثقافية.

الامل كل الامل في التكوين الاقامي و المستمر لاعداد كوادر و اطر و كفاءات المسرح دينامية غير تلك الستاتيكية التي لا تزال رابضة في مخيلة كل فنان.

اعادة الهيكلة من جديد و الانصات الى الجمهور عبر ربوع الوطن الى الاسئلة الجديدة التي صار يطرحها ، ليست تلك التي كانت مرتبطة بالخبز ، و انما اسئلة اخرى ، متعلقة بحياة الانسان و ييئته اولا ، و خلق مصير جديد له ثانيا.

التخلص من عقدة "الاجواد"  و من طقس " جلول الفهايمي" ظاهرة صحية اذا ما انتهجها المكون المسرحي الحديث الجزائري اليوم ، ثم لا باس بعدها ان التبس او اصيب بعقد اخرى ، ما دام المسرح عموما نصا و سينوغرافية و ممثلا و جمهورا قائما على العقد.

لا بد من انبعاث حديث لمسارحنا و التخلص من الذاكرة العلولية الى الذكاء العلية ، يعلو بالشان العام الى مصاف الدول الاممية التي تعتبر المسرح تنمية...تعبئة...ثقافة...حضارة...و سلاح.


***********************


***********************

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *