رسالة إلى قلبي
العقيد بن دحو
توطئة/ كتب الي ذات يوم أديب جزائري في جريدة اسبوعية تسعينيات القرن
الماضي : "ليتك يا عقيد كنت دون قلب" !.
سلام الله عليك و رحمة الله و بركاته.اما بعد :
ارجو ان تكون بخير و على خير ، لقد اطلت الغياب و اشتقت اليك. اشتقت الى
شطحتات نبضك ، كلما تحسست شرايين معصمي ؛ و كلما استرقت رهافة السمع و انت تحت
جناح هدأة و هدهدة الهزاع الأخير توزع الدم و الكريات البيضاء و الحمراء الى سائر
خلايا الجسد المثقل بي ، حتى لا تعلم يمينك بما أخفته يسارك.
كم كنت كربما سخيا ملائكيا تجود بلا حساب !
ارجو ان تكون في سعادة و اريحية من امورك الحياتية ، ارجو ان لا تكون وصلتك
وشاية مكروه او كاره او حسود علينا
يفسد الود و يحقن الغضب الجسد !
يا سيد الاصغرين
انت تعلم محبتك عندي فوق الزمان و فوق المكان لا يطويها هجر و لا نسيان.
هذه مدة لم تصلني عنك رسالة و تطالعني عنك اخبار ، لا تقول لي انك نسيت
عنواني أو بريدي الإلكتروني او هاتفي المحمول او حسابي
على منصات شبكات التواصل الإجتماعي ، بل انت لا تحتاج قلبي يا قلبي الى كل هذا ،
تكفي همسة منك لتتداعى الخواطر و تتراسل الحواس بالوعي و اللاوعي يا قلبي العزيز
لأعلم ما يلم بك.
لأن صداقتا تتجاوز المحسوس ،
تتجاوز المرئي ، ازلية جوهر لا تتجزأ ،
كالشمس تحجبها الغيوم بعض الوقت لتعود اكثر قوة و اكثر سطاعة....لأن الشمس خلقت
هكذا و دورها لن تحيد عنه او كما يقول الفلاسفة.
اكتب اليك ياقلبي القلب ، و انا اعلم محبتي عندك ، و كيف لا و نحن من
اشتركنا و تقاسمنا الملح و الطعام ، شهدنا الحلوة و المرة ، تكبدنا سويا وعكاء
السفر ، تجشم تعاسة الحياة ، تلكؤ المفردات و تلعثم العناصر ، احببنا معا و كرهنا معا ، كان موسا واحدا يدبحنا من الوريد
الى الوريد كما يقول المثل الشعبي الجزائري.
لا بأس يا عزيزي يا قلبي الرؤوم من بعض العتاب الذي لا يفقد الود قضية.
اتذكر يوم تركتني وحيدا في شباك من احببنا سويا معا ، ما اتعس امرأة يحبها
اثنين رجلا و قلب !
كنا مجنونين تدرنا رياح الشوارع لا أحد يلم انقاضنا ؛ شتاتنا..... هيولى لا تخضع لنواميس الكون المتحرك و
المقنن.
كم ضحكنا الى حد الهيستيريا و بكينا الى حد النحيب ، حينما علمنا انها
اختارت رجلا آخر زوجا لها ! يوم ذاك افترقنا بضربة سيف واحدة شقنا شطرين قطبي
معناطسي متنافرين ، كل منا اختار سبيله و حظه المشؤوم.
أعلم بانك تشبهني الى حد كبير ، انك احتفظت بحبك و لم تتزوج ، انا ايضا
مثلك ،"كميلة" عروس فارسة احلامنا اختطفت ، لا يمكن ان تنسى ؟ كانت قضاء
و قدرنا لا يمكن ان تكون لرجل آخر !
لا تقول لي انها ماتت و توقف قلبها على نبض كان يذكرها بنا ، كانت كوكب و
كورس من النساء الملائكي بمفردها ، كانت تنشد همسا باسمينا ، احذر من زوجها الغيور
سيء الطبع و التطبع ؛ ان علم بنا لن يذخر جهدا في السعي الى قتلنا و لو كنا في
بروج مشيدة.
ما اعطب شرف رجلا متعلقا بتلابيب ثوب امرأة !
قلبي العزيز لن اثقل عليك اكثر مما انت فيه و اقول لك لست نادما حين
ارميتني في حب اناس قدمنا لهم الغالي و
النفيس لاسعادهم ، خذلونا و تركونا كرها
لا بطل عالقين في منتصف الطريق . يوم ذاك نأيت بنفسك الى رايية تراقبني كيف أخذل
بمرأى الناس جميعا ، أثير الشفقة و التأسي و التأسف ، كنت حينها
اسمع ضحكاتك الصاخبة تنلأ المسامع كل تهريج و ضجيج و عجيج ، غيؤ انها كانت البلسم
الشاف الكاف رغم ما تخفيه من حجم سخرية الهامزة الغامزة اللامزة ! تحاملت يومئذ
على نفسي و صريتها في نفسي.
كان الألم عظيما يعتصرني ، يضيق انفاسي ، يطبق علي أجشا من جميع النواحي !.
لا عليك ياقلبي القلب ،لا تقل لي بعد انتكاسة و فجيعة حبنا اصابتك مكربة و
قد اعتزلت لللهو و الحب و الجمال و النساء ، نفسي و قد اعتزلت الحلائق و اصبت بعقدة ما !
صحيح الالم عظيم لا يمكن نسيانه او تفاديه لكن يمكن التخفيف منه ، بممارسة
الرياضة او الإشتراك في نوادي او جمعيات اخرى.
اعلم ان ينسى قلبا قلبه من الصعوبة بمكان لكن يجب ان تظل نابضا لتستمر
الحياة.
لا تخجل من الحب امرأة حتى ان كانت متزوجة او ميتة ، الحب وطن الحلول ، الحب تمرين انساني يجب أن نمارسه
يوميا ، ان نتدرب عليه، حتى لا تسحقتا
تروس الحياة و تدوسنا نعالها و تطأنا
اقدامها ، و تدق اعناقنا.
اعلم دموعك دموع رجل شجاع شهم اشم غالية و نفيسة... لعلنا ننسى او نتشبه
بنعمة النسيان.
عزيزي القلب لا تقل لي القصوة و الغلظة تخللت سويداء قلبك و تمكنت منك ،
صرت اجلد من الحجر !
لا تقل لي صار لك قلب (ر امبو) القائل : " سبب تفوقي عل. الآخرين لاني
صرت بلا قلب " !
او هو القائل في موضع آخر :
"قلبي عاريا" ! Mon
Coeur etait nu.
عد الى رشدك الى سالف عهدك لا تنخضع الى اية وسوسة تشغلك عن مهامك النبيلة
، عد الى بصرك و بصيرتك ، تضخ و تضيء الآخرين طريق إستمرارية الحياة ، لا تحرق
اعصابك اكثر مما انت فيه فإن (فينوس) لا يبتسم في منزل كله دموع كما قالت الأغارقة
القدماء.
انسى الأرض تتسع الى كوكب من النساء فإن ادبرت عنك احداهن ألف امرأة تتمناك
فهناك دائما ارض أخرى يمكن أن
ُتُحرث ماء و خضرة ووجه حسن !
لا انت انت
و لا انا "انا"
أنت (الأد) ، و أنا الآخر السؤال Qui suis je !?
اكتب تعليقاً