رابطةُ المُثقَّفين الأفارقة
-----------( ٩ )------------
_( الطريقةُ السنوسية فى أفريقيا)_
لقد كان التبشيرُ نذيراً للاستعمار ، يتقدّمه ويُقويّه
ولذلك أحسّت الدول التى
توجّهت الاستعمار أفريقيا
كفرنسا وانجلترا وإيطاليا بخطر الدعوة الإسلامية
ونشرها على مطامعهم ،
لذا ..فقد توحّدت جهودهم
لمحاربة القائمين على
تلك الدعوة، وخاصّةً السنوسية التى اشتدّ عودها فى القارة، وصارت تُمثّل خطراً على
الدعوات الاستعمارية وسلاحها التبشيري.
* والطريقة
السنوسية..تُنسَب إلى السنوسى بن العربى جدٌ مؤسسها محمد بن على بن السنوسى
والذى ينتهى نسبه إلى
الأدارسة(أحمد بن إدريس)
المنتهى نسبه للإمام
الحسن بن على بن أبى طالب .
وهى طريق صوفية جهادية
.
*وقد وُلد مؤسسها سنة
١٧٩٨م فى بلدة "مستغانم"
بالجزائر ، ورحل
إلى" فاس"بالمغرب، والتحق بجامعة القرويين،ثم رحل إلى الأزهر فى مصر،
فتعلّم به ، بعدها سافر الحجاز واستفاد هناك بعلم
مشايخهم ، وأدرك حاجة
الدعوة الإسلامية للإصلاح
فوضع "مبادئ
السنوسية" ، والتى تتلخّص فى إنه
يرى أنّ الحدود
السياسية بالعالم الإسلامي حدود مُصطنعة ، وأنّ حركة إصلاحية ينبغى أن تقوم
بالعالم الإسلامي تتخطّى الحدود وتتّجه لمحاربة
الانحراف والبِدَع ،
والعودة بالإسلام اليُسر، والاعتماد
على الكتاب والسُنّة
ومحاربة الزهد والخمول والاستجداء،واعتمد على نظام الزوايا، ليصل بأتباعه
إلى الأهداف التى رسمها
، وأنشأ الزاوية الأولى
فى" أبى
قُبَيس" بالقرب من مكة المكرّمة، وزوايا
أخرى بالقرب من الطائف
والمدينة وجدّة وينبُع.
* ثم أحسّ أن أفريقيا
أولى بحركته، فغادر الحجاز
إلى مصر ثم طرابلس
بليبيا ، وأنشأ فى سنة١٨٤٣م
الزاوية البيضاء فى
الجبل الأخضر، ثم نقل مركز
الدعوة إلى واحة
الجغبوب سنة ١٨٥٦م، وأضاف
مبدأ جديداً لمبادئه، وهو
نشر الإسلام بين الوثنيين
بأفريقيا ، لهدايتهم
إلى طريق الحق، ومواجهة حركة التبشير المسيحية، التى كانت فى طريقها
لغزو أفريقيا. وضمّت
تلك الزوايا آلاف الشخصيات
التى تنتمى لأقطار
وجنسيات مختلفة ، ويجمعها كلها دين الإسلام، وتدفعهم الحماسة لخدمة دينهم ونشره،
فانتقلت السنوسية من حركة إصلاح داخلية
إلى حركة لنشر تعاليم
الدعوة، وأصبحت عدة قبائل
أفريقية وثنية من أتباع
الإسلام المتحمّسين له.
* وأصبح للسنوسية نفوذ
كبير فى بلاد "وأداى "
وحول بحيرة تشاد
ودارفور وغيرها، مابين ساحل
البحر الاحمر وحوض
النيجر ، وينشرون زواياهم
فى واحات هذه المناطق،
فذاع الدين الإسلامي فى
قلب القارة الأفريقية
كلها، لدرجة أن جمعيات المُبشّرين الأوربية المنتشرة فى القارة وجدت فى
السنوسية خصماً عنيداً
لاقِبَلَ لها بالتّغلُّب عليها، مع
ماأُوتيَت من مال وقوة
دولية.
*خشىَ المتعصّبون
الأوربيون من نجاح السنوسيين
فحاولوا أن يُثوِّروا عليهم الدولة
العثمانية
حيث كانت تلك البلاد
تابعة لها وخاضعة لنفوذها،
لكن السنوسيين لم
يعبأوا بكل تلك الحِيَل الخبيثة
ومضوا فى طريقهم.
* واتّجهت الدعوة
السنوسية إلى جنوب السودان
من خلال السيد(أحمد
الشريف السنوسى) الذى
كان آخر السنوسيين فى
قوة دعوته وإخلاصه ،
فضاق المندوب الانجليزى
(اللورد كتشنر) ذرعاً،
وأرسل للسيد السنوسى
يتضرّع إليه أن يُخفّفَ من
دعوته، ولولا حرب
الطليان مع السنوسية فى ١٩١١م
و١٩١٢م، لتحوّل الجنوب
السودانى إلى مسلمين.
* ولم يمُت السنوسى سنة
١٨٥٩م، حتى كان قد نجح
فى تأسيس دولة دينية ،
مستخدماً فيها كل وسائل
الترغيب فى نشر دعوته،
حتى كرّس أصحابها كل
جهدهم لخدمتها، ومقاومة
أى لون من ألوان الخضوع للنفوذ الأوربى.
* لقد استطاعت
تلك الطريقة أن تقوم بدورها فى
نشر الدعوة الإسلامية
فى عدة أماكن متفرقة من
القارة الأفريقية ،
ممّن كانوا على الوثنية، ومواجهة
حركات التبشير_من ناحية
أخرى_ والتى كانت
تسبق الاستعمار وتُمَهد
له ، بإنقاص عدد المسلمين
وزيادة عدد المسحيين،
وهو مايُسهّل عملياتها الاستعمارية ، فلاتجد مقاومة تقف فى طريق
أطماعها المنشودة.
* تحياتنا لأولئك
الأبطال الذين قدّموا حياتهم لخدمة الدين وحماية الوطن.
_________________
حامد حبيب _ مصر