جاري تحميل ... ألف ياء

إعلان الرئيسية

إعلان

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد علَّم نفسك

 

الاستعمار الثقافي

العقيد بن دحو



الاستعمار هو الاستعمار ، كالقضاء و القدر بالمعنى الميثولوحي للكلمة. بل كالموت تعددت الاسباب وهو واحد.

و الناس فيما تحب مذاهب و في ما تكره ايضا.

منذ ان تحطم الاسطول العثماني في موفعة " نافرين" 1827 ، و منذ ان وطات اقدام الغزو الفرنسي يابسة شواطئ الجزائر 1830 ناحية شبه جزيرة "سيدي افريج" ، بل منذ حادثة " المروحة" ادركت الجزائر مبكرا يوم ذاك انها امام عدو من نوع خاص ، يلبس ثوب الوفي الصديق و يروغ  كما يروغ الثعلب.

ادركت ساكنة الجزائر بعد كل تلك الاحداث المتتالية انها امام عدو شرس لا يستخدم السلاح و قوة التدخل و البطش في حق الساكنة البشر ، انما مدمر بكل ما يمثل الجزائر حتى ان كانت تحت السلطة العثمانية ، من معالم حضارية مادية و اللامادية ، اساسها و اسها ، محور مركز ثقلها (اللغة) وعاء الفكر و الثقافة. فسعت جنرالاتها و قادتها و رجال دولتها ، و مبشريها ، و باحثيها ، و مستكشفيها الى جعل البلد كله داخل مخطط تدمير ثقافي . و في نفس الوقت وضع البلد و سياسة التوسع فيه ضمن خريطة اونثربولوجية كولونيالية تراعي المصالح الدولة الام الفرتسية. تحطيم المساجد مقابل بناء الكنائس مقابل كل وحدة عسكرية دركية فرنسية ، مقابل فتح مدارس فرنسية في كل ربوع الوطن ، ليست لكل الاهالي انما النخبة الاورستقراطية القابلة للاندماج او القابلة للاستعمار ، او  القابلية للاستعمار و للاستدمار للفرنسي.

همشت فرنسا كل لغة عربية و اقتصرت تدريسها على التعليم الشعبي ، على الزوايا و المزارات ، و شجعت كل ما هو شعبوي فلكلوري ، و ابعدت كل ما هو جدي و فكري توعوي. بل حاربت حركات الاصلاح الوطني القومي ،  و نفت كوادره و اطره. و بالتالي خلى الجو ( للقائد) ، و لمن يريد التجنيد في صفوف الجنود الفرنسيين.

لقد كان الاستعمار الفرنسي للجزائر ، مختلفا عن كل مستعماراتها منذ عهد نابليون بونابرت الى الجنرال ديغول .

كانت دائما الميثولوجية الاغريقية اسلوب حياتهم المدنية و العسكرية ، المادية و المعنوية. فكما اطلقوا لقب ( اوديب ملكا) على نابليون بونابرت و هو يجابه وجها لوجه ( ابو الهول) بحملته على مصر. لقب ايضا ( ديغول) الخطيب المفوه ب ( زوس) سيد النظام و قاهر العمالقة ( التيتانوس ) .

لذا لا غرو في هذه الفترة ان عرفت الجزائر معاهد  و جامعات مزودة باحدث المخابر الفنية و الثقنية. بفتح مسارح جهوية و قاعات سينما و اخرى مفتوحة على الهواء الطلق حتى بالقرى النائية..

كما عرفت الفترات المتقدمة للغزو الفرنسي ميلاد حركات ادبية و فنية ، و ميلاد ادباء عالميين وفنانين لاتزال اصداء اصواتهم ماثلة و باقية حتى اليوم على الارض و في الكتب.

لقد كان استعمارا ثقافيا بامتياز سلب من الجزائريبن ثقافتهم الاصيلة و شيد و بنى لهم ثقافة السيد ( المنتصر) ،  بطبيعة الحال المغلوب مولع بتقليد الغالب. و الثقافة الغالبة كالمورثة الجيناتية سائدة عن المورثة الضعيفة .

وهذا اللغوي الفرنسي (بوهور) Bohor يزيد للوضع القائم تطرفا ، حين يتخذ من اللغة ثقافة و سلاح ، اذ يقول منتشيا بغروره اللغوي ، و فرنسا تدخل النادي العالمي النووي عبر بوابة الجزائر ، ضاربة بكل المبادئ و الاعراف الدولية ، كحقوق الاهالي و الاضرار التي تلحق بالبيئة. اذ يقول :

" ان نطقنا نحن الفرتسيين...، هو النطق الصحيح الطبيعي ، فلغة الصينيين و الاسيويين غناء ، و كلام الالمان صخب وضوضاء ،  و كلام الاسبان موقع ، و كلام الانجليز صفير ، وحدهم الفرنسيون الذين يتكلمون....الذين يتكلمون...الذين يتكلمون "

و الاستعمار الثقافي كلام من كلام ، الحلم الفرنسي كلام ، و الكلام كلام، و الفكر كلام ، و الفعل كلام.

وان استطاعت الجزائر بعد اكثر من قرن ونيف جهاد استطاعت التخلص من كل استعمارات الغزو الفرنسي لا تزال بعض الاثار الثقافية تتطلب منا الكثير كيما نستقل استقلالا تاما عن اي تبعات لغوية سياسية اقتصادية فنية. تذكرنا

كل ما تقدمنا في ميدان ما تم استقلالنا ايضا فيه.

من اصعب و اخطر انواع الاستعمار ؛ الاستعمار الثقافي ، الذي يمس جوهر قيم الانسان على مدى القريب و البعيد ، و لان الحديد بالحديد يفلح ، لا يمكن مقاومتة و مقارعة الغزو و الاستعمار الثقافي ،  لا ياتي هذه المرة من البحر و انما من جميع الجهات و المعدات و الاليات الخفيفة و الثقيلة ، الكلاسيكية و الرقمية الحديثة جو ارض بر و فضاء.ان نقاوم الاستعمار الثقافي بنفس المعدات الحديثة. و ان لا نكون معاديين لاية فكرة حضارية مسبقا. في ظل النوستالجيا النرجسية لحقوق تاريخية مريضة و مجال حيوي معتل وسيلته اللغة و الثقافة و غايته الجغرافية ، حين تتاثر الجغرافية بمختلف القوى الاخرى السياسية لاقتصادية الاجتماعية الامنية العسكرية.

و ان تراعي الدولة من جديد حجم توزيع الساكنة عن الجغرافية ، و ان تسد مختلف الثغرات الثفافية ، و تقلل من حجم البلوكاج الاجتماعي و الاحتقان السياسي ، كان تضخ دماء جديدة و اطر و كوادر جديدة في دواليب و ميكانيزم ( الحكم،) على اعتبار الحكم ثروة قومية لا تقل اهمية عن بقية الثروات الاخرى الريعية او الصناعية او الابتكارية او الابداعية.

وعلى اعتبار الحكم ثقافة بالمقام الاول ، و احد اساليبه الحضارة الديمقراطية التي تقدر كما و كيفا الخرية و المساواة و كذا العدالة.

الثقاقة ما يجب ان تعلمه من دروس التاريخ.

و الثقافة ايضا ما يبقى بعد ان نخسر كل شيئ.

و كم كانت خسارتنا فادحة يوم ان استعمرنا طيلة قرن  و 35 سنة باسم الثقافة. لزلنا نعاني منه حتى اليوم.


***********************


***********************

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *