يحيى محمد سمونة
إشراقة شمس
= 34 =
امتقع وجه النقيب و بدت عليه علامات سخط و غضب، ذلك أنه لم يكن يوما يقف مكتوف الأيدي تجاه أولئك الذين يقفون أمامه للتحقيق
لكن رتبة أعلى من النقيب طلبت منه التعامل معي بلطف و حذر - ذلك أنهم
يبتغون مني أن أكون بوقا يتغنى بأمجادهم { المنتنة } و أن أكون ممن يسبح بحمدهم -
من هنا وجدتني خلال برهة وجيزة من مقابلة النقيب قد تحررت من مخاوفي و ذهبت
أتكلم معه بثقة و ثبات [ ذلك بعد أن أدركت أنه ما من تهمة موجهة إلي، و بعد أن
شعرت أن طريقة تعامل النقيب كانت بخلاف ما كنت أتوقعه ]
و من هنا شرعت أحاور و أناور و أناظر النقيب بأريحية و هدوء
و كان النقيب مضطرا للتخلي عن صلفه و عنجهيته و أن يكتم غيظه فلا يظهره
قال لي: للدولة نظرة إلى الأمور تعد أعم و أشمل من نظرة االأفراد، و هذا
يعني أن على الأفراد السمع و الطاعة للدولة سواء توافق ذلك مع قناعاتهم أو تعارض [
كأني به يريد إقناعي بضرورة تأييد الدولة في سياستها ]
قلت: القرآن الكريم وصف إبراهيم الخليل عليه السلام بأنه كان " أمة
" لوحده
قال النقيب: و المعنى؟!
قلت: المعنى أنه قد تكون نظرة الفرد أعم و أشمل من نظرة الدولة، فهذا
إبراهيم الخليل خالف قومه في سلوكه و نمط تفكيره و طريقة معالجته لانحرافات مجتمعه
و كان في كل ذلك كله على صواب، بل قد كان بارعا في تأدية مهامه عليه السلام
قال النقيب بطريقة تهكمية استفزازية: و هل ترى أن ذلك كان حقيقة تاريخية ؟
قلت باعتداد: الكعبة المشرفة حقيقة تاريخية، ترى من قام ببنائها ؟
- وكتب: يحيى محمد سمونة - حلب.سوريا
اكتب تعليقاً