اقرأ ايضاً

جاري تحميل ... ألف ياء

إعلان الرئيسية

إعلان

إعلان في أعلي التدوينة

جديد علَّم نفسك ما ه
آراءالعقيد بن دحو

دعوا اطفالكم ينمون طبيعيا في هدوء و سلام

 

دعوا اطفالكم ينمون طبيعيا في هدوء و سلام

العقيد بن دحو

العقيد بن دحو

%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%82%D9%8A%D8%AF%20%D8%A8%D9%86%20%D8%AF%D8%AD%D9%88

من حين الى آخر تطالعنا وسائل الإعلام الخفيفة منها و الثقيلة ، المقروءة ، المسموعة ، المرئية و حتى الرقمية منها ، عبر مختلف منصات شبكات التواصل  الإجتماعي ان طفلا يافعا لا يتجاوز الثانية عشرة من العمر ، لاسيما ونحن في هذا الشهر الفضيل الكريم رمضان ، ان هذا الطفل يَؤُم المصلين في مخالف الاعمار ، بل خطيب منبر مفوها لا يشق له غبار ، و انه يحفظ متن فلان و متن علان....!

- زادت تسخة في البلد - !

و ان ذاك الطفل شنف مسامع الجمهور بقصائده الشعرية الأخاذة صفق لها الحضور مطولا....!

و ان ذاك الطفل  رسم لوحة فنية في اعلى مقام متكإ لها و لا اروع...!

 و ذاك قام بدور تمثيلي فارسا في مسرحية كذا و كذا....الخ !

قد نتفهم الحجم الثقلي من البروبجندا الهالة التي تمارسه و تضغط و سائل الإعلام هذه على الجمهور القارئ المستمع المشاهد. كنوع من انواع البحث عن صناعة الخبر ، و كنوع من أنواع الإثارة و الدهشة و الذهول و السبق الصحفي ،

و في ظل غياب الوازع الاخلاقي و الضمير المهني و كذا الجهل بالثقافة العامة وعدم للقدرة و الإطلاع  عما يجري بالعالم يتمادى الإعلام بعمل من الحبة و قبة ، ينفخ في هذا الجسد الطفولي البرئ كما هائلا من (الفراغ) اكثر مما يطيقه ، بل يشل تفكيره  الغض الطري و يجعله لا يعرف حجمه الحقيقي ، مما يغتر و يعتلي بنفسه ، و يصبح اسيرا لذاك الإطناب - تفوق التلميذ على أستاذه - في دور العبادة ، و بالمدارس و على مختلف المنابر الثقافية الإجتماعية !

 و هكذا تكون البروبجندا الإعلانية احكمت حلقاتها الإعلامية الرهيبة و قد ساهمت بكيفية أو بأخرى في تكوين مجنمع من الاطفال أناني مع الأيام يصير مرضي لا يستطيع أن يواصل مراحله العمرية الاخرى بسلام و هدوء بعيدا عن لعبة الكبار ، التي غالبا ما تبدو اجتماعية لكن  سرعان ما تصير تطرح اشكالات و تاويلات سياسية سياسوية  !.

اتقوا الله في اطفالكم - ابدأوا بمعرفة اطفالكم فإنكم لا تعرفونهم (مالرو) - فهم ليسوا مبدعين  كما تريد أن يصورها لنا الترويج الإعلامي ، و بعض من جماعة الضغط الذين يتخذون من مثل هذه الطفولة خلفية ميكيافلية ماكلوهانية ، الغاية تبرر الوسيلة و الغاية ذاتها هي الوسيلة.

صحيح الطفل قد يكون موهوبا ، و لكن لا ينبغي له او الى من يرعاه و يدعمه ان يحرق به المراحل ، حتى لا يأتي يوم و قد تراه نسي مشيته و مشيته الأولى التي خطاها اول مرة.

صحيح كانت خطوة عملاقة على أديم هذه الحياة " من الكائن الذي يمشي في أول النهار على أربع " !؟

لكن هنا يتوقف النمو الفكري للطفل اليوم.

بل و حتى يتمكن ان يكون مبدعا خلاقا ، بمعنى : ان يكون اماما ، خطيبا ، اديبا أريبا لبيبا ، شاعرا ، فنانا ، موسيقيا ، مغنيا....الخ عليه ان يكمل و يفك (اللغز) في آن واحد.

ما الكائن الذي يمشي :

في أول النهار على أربع

وفي وسط النهار على اثنين

و عند آخر النهار على ثلاث !؟

(4 - 2 - 3) !

عليه أن يجيب أو يفك اللغز (الإتسان) !.

بمعنى أن هذا الطفل عليه ان يكون ملما بالحالات الثلاث : الإبداع ، التفكير ، و المحاكمة !

كما عليه ان يتجاوز مرحلة الحلم أثناء النوم أو باليقظة الى مرحلة الشعر ، الى مرحلة الفكر ، الى مرحلة الفعل

و هذا من المستحيلات السبع !

هذه البروبجندا تتعامل مع الاطفال تعامل حالات المادة كما هي في علوم الطبيعة : الحالة الصلبة ، الحالة السائلة و الحالة الغازية !

تريد ان تحرق المراحل و تحول الحالة الصلبة الى الحالة الغازية دون المرور على الحالة السائلة..هذه الظاهرة تسمى علميا "التسامي" أو "التصعيد" !

و عكسها تسمى "التمييع" !

و هؤلاء الرعاة ، الحراس ، الشفعاء ، الامناء على الطفل يربدون ان يميعوا " الطفولة"

و يتجاوزا مرحلة الحلم الى مرحلة الفكر او الفعل و يسمونه كما يليق بهم !

اتقوا الله في اطفالكم دعوهم يلعبون أولا في البيت ، في الشارع ، في المدرسة ، في الرياض بغيدا عن لعبة الكبار قي الكواليس  ، قبل اية لعبة لغوية او دينية أخرى.

صحيح هي (لعبة) لكنها لعبة عميقة الجذور ، القصد جراها اعادة التوازن ما بين الطفل و محيطه الاصغر ثم الأكبر أي ما يحيط به ، الطفل مضافا الى عناصر الطببعة ، اي يبدأ الطفل بمرحلة مهمة جدا في أول خطى مسار حياته و هي (المحاكاة) . مرحلة التقليد ، ليس التقليد الببغاوي الرتيب الذي لا ينطوي عن حدس ما ؛ انما المقيّم المقوم ، الموجه المتابع و المرافق و المعالجات الاجتماعية التربوية الأخرى.

الحفظ غيبا ليس حلا كما ورد في حضارة التربية.

اتقوا الله في اطفالكم فكل المؤشرات الفكرية السيكولوجية الأوندراغوجية البيداغوجية الإبستمولوجية تشير الى أن الطفل ليس مبدعا و لا يمكن ان يكون مفكرا أو مثقفا لنطلق عليه كل هذه الهالة التي تعيق مسيرته اكثر مما تذهب به قدما. من جهة أخرى لا يمكن انكار ان بعض الاطفال موهوبون بالفطرة ، و هؤلاء تتطلب حالاتهم الرعاية الخاصة مرحلة بمرحلة و ليسوا وليمة بافلوفية لوسائل الإعلام التي تتغذى عن صناعة الخبر و الربح التجاري.

اتقول الله في اطفالكم ، فهم قد يكونوا كذلك مستقبلا ، لكل شيء اجله ، ورد في المذهب الفكري السيريالي.

يبدأ الشاعر موهبة ثم مفكرا ثم ناقدا او فيلسوفا و يتتهي نابغة.

قد يكتب عند سن 18 سنة ، مرحلة الحلم و لا يعد شاعرا ، بينما يكتب الشعر عندما يجتاز مرحلة الحلم ، عند سن (20 - 25) سنة أي عندما يحول احلامه هذه الى كلمات ، و قد يصبح مفكرا او ناقدا اذا تجاوز مرحلة الشعر و كتب فكرا عند سن (30 - 50) سنة ، ثم يصير ناقدا أو فيلسوفا ، كون الفيلسوف شاعرا سابق لأوانه ، يكتب الشعر من ذاكرة المستقبل ، الفليلسوف شاعر تعاهد الفكر ليعبر غن شعوره.

اتقوا الله في اطفالكم اذن و لا تحرقوا بهم المراحل لأغراض دنيوية دنيئة ساقطة ، لا تميعوا طفولتكم البريئة بأضواء كاشفات كاميرات المحطات التلفزيونية الارضية و الفضائية ، دعوا ابناءكم ينامون و يستيقظون على ايقاع توشية هدهدة الحياة ، و ليست البهرجة الرقمية التي تصنف ، ترتب ، و تؤرشف الطفل الى أول و ثان و ثالت...

الطفل ليس بنصف رأس ، و انما برأس كامل الإمتلاء في رأس كامل الإعداد (مالرو).


***********************


***********************

اكتب تعليقاً

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *