مقاربة تحليلية لقصيدة رقصة الدب للشاعر فؤاد حداد (3)
بنصغير عبد اللطيف
موضوع
المقال: رقصة الدب للشاعر فؤاد حداد
دائما مع
الشاعر الكبير فؤاد حداد و محاولته الرائدة في تقريب اللغة العربية الفصحى من
اللغة الدارجة المصرية وذلك لإيمانه الراسخ بالقومية العربية و لإيمانه بأن تحرير
فلسطين قضية الأمة العرية برمتها وبذلك فإسقاط حاجز اللغة بينه وبين الشعوب
العربية كان هدفا ساميا من أهدافه،حيث أن فؤاد حداد إعتبر أن اللغة العامية
المصرية إبنة للغة العربية الفصحى وبالتالي فهما إمتداد لبعضهما و في الحقيقة أن
الشاعر فؤاد حداد رحمه الله يستدعي القارئ العربي و خصوصا المثقف أن يبدل مجهودا
لغويا معجميا ليستطيع فهم هذا المشروع اللغوي المعجمي الجديد الذي يحاول فيه أن
يدمج اللغة العامية المصرية في اللغة العربية الفصحى و خصوصا في المنحى الدلالي
التواصلي ،و محاولتي في هذه المقالات ستحاول رصد هذا المفهوم اللغوي الجديد الذي
طرحه الشاعر فؤاد حداد ألا وهو التأسيس لمعجم دلالي لغوي مصطحلي يجمع بين اللغة
العربية الفصحى و اللغة العامية المصرية وسأشتغل دائما على قصيدة رقصة الدب
لمحاولة رصد هذا المفهوم اللغوي الذي يطرحه الشاعر،و في الحقيقة أن مشروع فؤاد
حداد ليس بالهدف السهل لأنه رغم محاولته اختيار مصطلحات مشتقة من اللغة العربية الفصحى
إلا أنه لن يفلت من التعامل مع مصطلحات تعاقدية تعاقد عليها المصريون للتعبير على
بعض الدلالات أو الأحاسيس إلا أن الشاعر استطاع أن يبني جسورا مصطلحية عربية فصحى
قربت القارئ العربي من المعنى الذي يقصده الشاعر في نصوصه إنه مشروع تأسيس لغة
عربية مصرية يتوحد تحتها العرب تسهل عملية التواصل تندمج فيه اللغة العربية
بالعامية المصرية ، وسأحاول بسط معنى قصيدة رقصة الدب محاولا إسقاط عائق اللغة
التي هي جسر التواصل بين المرسل والمرسل إليه وبدون تفكيك شفراتها يستحيل الوصول
إلى هدف الخطاب اللغوي ألا وهو التواصل:
(طـلـعــت
أدبّ نــزلـــت أدبّ)
إنه طلوع
ونزول حركة ونشاط متواصل يصفه الشاعر بالدبيب ،كدبيب النمل الذي لا يتوقف عن
الحركة طلبا للمؤونة
(وطـالـع
نــازل اقـزقـز لـب)
المصريون
ينطقون القاف همزة لذلك فالشاعر فؤاد جداد حينما يلقي قصائده ينطقها همزة وعندما
يكتبها يكتبها قافا،مما يسهل على القارئ العربي رصدها في اللغة العربية
الفصحى يقزقز ، قزقزةً ، فهو مُقَزْقِز ،
والمفعول مُقَزْقَز
قزقز
الصَّبيُّ اللُّبَّ :وضعه في فمه ثم قام بفَصْل الغُلاف وأكل ما في داخل الغلاف،
وغالبًا ما يُسْمَع صوت طقطقة لهذه العمليّة، وبذلك فالشاعر في نزوله وصعوده
ودبدبته يقزقز اللب ،و اللب بذرة مستملحة نأكلها ونحن نسير في الشوارع أو كذلك
جالسون،ولكن الشاعر في صعوده ونزوله و حركته لا يتوقف عن قزقزة اللب إنه نوع من
السخرية فالشاعر في حركته الدائبة المتواصلة لم يستطع الحصول على دجاج أو خبز
فاكتفى بأكل اللب الذي لا يسمن ولا يغني من جوع
(أردبّ
أرداب)
الإِردَبُّ :
مكيال يسع أَربعة وعشرين صَاعاً، وينتقل بنا الشاعر إلى الإردب الذي يستعمله
التجار الكبار في وزن القمح وغيره وسنرى لمذا ذكر الشاعر هذا المصطلح
(أرنب
أرانْبّ)
فالمصريون
درجوا في لهجتهم العامية على صك أسماء للوحدات النقدية مستمدة من البيئة الريفية،
فاختاروا للوحدة النقدية المليون جنيه كلمة "أرنب"، ومن
"الأرنب" يستولدون "ربع أرنب"، و"نصف أرنب"،
و"أرنبين" (مليونا جنيه).
(دا كـُله د
اكله في بطن الدبّ)
ثم يصل بنا
الشاعر إلى عمق المعنى الذي يقصده ،و هو إن هناك من يدب ليقزقز لبا وهم الطبقة
الكادحة،وهناك من يستعملون المكاييل الضخمة لترويج تجارتهم المربحة وليحصلوا على
الأرانب أو الملايين ويشبههم بالدببة
(وكمـثل
الـدبّ كمـثل الــدّبّ
يجُب في جُب
يعّبي في عبّ
طلعـت أدب
نـزلــــــت أدبّ
طلعت أدب…)
بقلم بنصغير عبد
اللطيف مقاربة تحليلية لقصيدة رقصة الدب للشاعر فؤاد حداد المقال الثالث