ما الذي يعزفه الجوق الوطني للموسيقي
العقيد بن دحو
ليست من مهام الفرقة / الجوق / الكورس الوطني للموسيقى للسيمفونية أن تعيد
على الأسماع ما انتجته العبقرية الإنسانية في مجرى تاريخ الإبداع و الخلق الموسيقي
العالمي ، كأن تكرر أحد توليفات مؤلفات بتهوفن أو موزار أو باخ او غيرهم....!
قد يكون هذا مقبولا أثناء التدريبات حتى لا ينسى الجوق الأصل و الأساس - كل
شيء بالمزاولة - قد يكون هذا مقبولا قبل اكتمال العقد الجمعي للموسيقي و تتضح
معالمه الفنية البشرية و كذا التقنية ، أما عند يبلغ أشده عليه أن يتخلى على
التقليد و يسعى الى التجديد و للأبداع و الابتكار و يسعى الى المحاكمة الفنية
الشيء لا يدركه العديد من الأصدقاء الموسيقيين أن الموسيقة قصة او رواية أو
قصيدة شعرية أو مسرحية أو فيلم قبل أن تكون مجرد عزف موسيقي نمطي مكرر ، يكرر
الحشو و الكلل و الملل.
و عليه و كما هو معمول به عالميا في جميع أوركسترات العالم ، هل في مقدور
الجوق الوطني للموسيقى أن يحول ملحمة هوميروس الاليادة او الأوجيسا الى ملحمة
موسيقية دون أن ينبش بإبنة شفة أو أي عمل أدبي عالمي آخر !؟
بل محليا ووطنيا هل يكون في مفدور الجوق الوطني للموسيقى السينفونية
الوطنية أن تقوم بتحويل رواية عبد الحميد بن هدوقة " ريح الحنوب" الى
(ريح الجنوب) موسيقي خالص دون اضافات اخرى كوريغرافية أو فونتيكية ؟
هل لإمكانه أن يجول النص المسرحي " الاجواد " للمرحوم المسرحي
عبد القادر علولة الدرامي الى دراما مسييقية !؟
هذا هو السؤال الذي يجب أن يطرح على سائر اعضاء الكورس ، بل الأكثر من هذا
و ذاك هل يستطيع المرلف الموسيقي الذي يقوم (بترجمة) كل جملة أدبية الى جملة
موسيقية ، بل كل كلمة الى نوتة موسيقية؟
هل يستطيع أن يقنع المؤلف الموسيقي و من خلاله مجاميع الموسيقيين الفنانين
و كذا المايستروا الجمهور بأن البطل الفااني و البطلة العلانية و الحركة و الكلام
الفردي و الجمعي الذي ورد في المشهد الادبي قراءة هو تماما تلك المقطوعة الموييقة
التي مثلته و جسدته تلك توشية المعزوفة الموسيقة او العلانية ؟
تلكم هي المشكلة التي ستواجه الجوق الوطني ، الموسيقى غذاء الروح ، و
الموسيقيين الفنانين مهندسي الروح كما قال سطالين.
ليس كل من أمسك آلة وترية أو نحاسية أو ايقاعية او الكترونية
موسيقي....يبدو ان العزف المتعاهد عليه دون صولفاج هو كذلك....لكن التطور و التفدم
الحضاري جعل الموسيقى حضارة و ثقافة ...أما الآن فهي توعية و تعبئة و سلاح.
بمعنى على الموسيقي اليوم أن يعي بأن آلته الموسيقية التي تبعث ألحانا
بديعة لها وقعها على القلوب ، حمامة حب و سلام في أية لحظة قادرة أن تتحول الى
سلاح فتاك على جبهات القتال.
قد أنشد الوردة
قد أنشد الجُعل
لكن اذا ألم مكروه بوطني أستخدم شعري كسلاح (لوركا).
بمعنى أن الموسيقى صارت تمتاز بما يمتاز به السعر ، القصة ، الرواية ،
المسرحية ، الفيلم.
لذا صارت تمتاز للسينما بالموسيقى تصويرية ، كما صار يدعون بعض النقاد الى
قراءة الفيلم في متاب و الحبل على الجرار .
تشابه مع الفارق ذاك التطور التي تشهده الموسيقي على جميع الأصعدة و
المحاور الخضارية المادية و المعنوية ، صارت لغة خاصة عالمية و مصلى ادبي و فني ،
و المؤلف الموسيقي الناجح اليوم ، و الموسيقي المبدع ، و المايسترو العبقري هو من
يوصل هذه الثقافة الموسيقية الى الدوائر الشعبية.
هناك أنصابا تتكلم و انصابا تغني (بول فاليري)
بمعنى الشعر موسيقى مقروءة و الموسيقى شعرا مغناة .
ليس غناء بالمعنى الساذج ، و انما
بالمعنة العميق للكلمة.
ليس غناء ناتج عن اهتزازت بالاحبال الصوتية داخل الحنجىة البشرية الموهبة ،
انما النابع من تلك مختلف الآلات الموسيقية المتسجمة الأصوات.
صحيح ليس الفضل للآلة الموسيقية ، و انما كل الفضل لذاك الموسيقي الإنسان
الفنان المبدع الذي نفخ فيها شيء من أنفاسه البديعة الشجية وجعلها تمس وجدان و
شعور الناس وقعا مباشرا.
اذن الموسيقى صارت قصصا فهل في إمكانية الجوق الوطني للموسيقى السيمفونية
أن يشنف مسامع الجماهير بقصة اخرى من نوع آخر ، من جنس فني آخر موسيقى ، دون ما
يشتت انظار و مسامع الجماهير ، موسيقى فحسب من ساعة ما ترفع الستارة الى غاية
اسدالها.
هذا هو التحدي الخقيقي لأي جوق وطني سيمفوني مرتقب طلائعي ، أن ينزل عند
رغبة الذائقة الفنية الجمعية المتقدمة ، و أن يسمي الأسماء بمسمياتها !.
