لا تكلفوا المدرسة اكثر مما لا تتطيق
العقيد بن دحو
المدرسة ليست درعا بشريا ، او واقي صدمات اجتماعي. تعلق عليه مختلف
الاخفاقات الاجتماعية السياسية الثقافية الاقتصادية.
فجل اصابع الاتهام تشير الى المدرسة ، فافة المخدرات التي تنخر الهيكل
للبشري عندنا و الذهني. بعض المؤشرات السياسية التي تمس بامن الدولة مباشرة او غير
مباشرة المدرسة.
العنف و العنف المضاد الذي يمس بشكله المباشر المحيط المدرسة.
التسربات التجارية و الاقتصادية التي تشهدها اسواقنا من تضخم و مضاربة
المدرسة.
ولم يبق عيب او افة او ازمة او مصيبة الا و اتهمت فيها المدرسة !.
و لم يعد تهمة توجه للمدرسة الا الامراض الغضوية و الموت .
وحتى لفظة مرض ، تكفي الامراض الاتجتماعية.
و فرضا ان كل هذه الامراض الخلقية و الاختلاقية سببها المدرسة بكيفية او
باخرى. فهذه ( المدرسة) لم تسقط علينا مع المطر !.
لا يمكن فصل المدرسة عن الظاهرة الاجتماعية.
فلا يمكن للمدرسة ان تعيش في" برج عاجي" مع ( روجو) !.
صحيح هي اتهامات بالجملة توجه للمدرسة اليوم ، كونها الحلقة الاضعف ، و هي
في حاجة الى الرجل الحارس ، الحريص ، المحامي ، الشفيع ، الوريث من يدافع عنها. او
كيف تفسر تلك التلميحات و التلويحات التي توجهها بعض المحطات التلفزيونية ، و بعض
منصات شبكات التواصل الاجتماعية عبر بعض (المسلسلات) ؛ و عبر بعض (البوسطات)
الاوديوفيزيوتية التي تلمز للمدرسة ببئس الالقاب !.
تشير بشكل مباشر الى ( العنف) الدموي ، و الى بعض ( اللوغوسات) السياسوية
!.
هذا يشير الى ان الناقد الوطني مغيبا و غائبا عن الاحداث الفنية و عن قواعد
الفن.
فقد يكذب من يقول ان الفن مراة عاكسة للواقع ، فمسرح الجريمة بالوافع هو نفسه مسرح الجريمة
بالمسلسل او بالمسرح او بالبوسط الالكتروني !
لا...ثم كلا... الفن ما يجب ان يكون ، و ليس كما هو كائن !.
الفن رسالة اخلاقية انسانية نبيلة ، القصد منها اعادة التوازن بين الانسان
و المحيط.
ولنا قدوة و عبرة و انموذج في عدة مسرحيات و مسلسلات و افلام في مجرى التاريخ ، يوم مثلث لاول مرة مسرحية ( اوديب ملكا) ، و
اظهر المخرج الالماني ( اوديب) على خشبة المسرح وجها لوجه الجمهور ، وهو يسمل و
يفقع عيناه و الدم يغطي وجهه باكمله!.
مما تدخل النقاد ؛ و عابوا المخرج
الى الحادثة الدموية ، التي كان من المفروض ان تكتفي الجوقة - سواء على طابعها
القديم او الحديث - بسرد الحدث ، دون ان تظهره على خشبة المسرح او ان تظهره بشكله
المباشر للجمهور ، عندما يدور الدولاب !.
كون الفن اخلاقيا بالمقام الاول.
اذن لم يعد الجمهور الجزائري يجلس خلف الشاشة ، فيما يعرض المخرج او التلفزيون او اي بلاطو من البلاطوهات
السمعية البصرية ، فيما يملي المخرج
رغباته الطفولية !. بل الجمهور صار شريكا و فاعلا بالمشهد (....) .
رجاءا ان كنتم حقا ممثلين ، مخرجين ، منتجين اخرجوا من حلقة المدرسة و
ابدعوا... ان كنتم حقا مبدعين !. و اظهروا ما طاب لكم من مظاهر عنف ، و بروبجندا
سياسوية.
المدرسة ليست حقل تجارب ، و ليست درع بشري ، او شماعة او ( مشجب) تعلق عليه
حماقات الكبار و انصاف المبدعين و اشباه المثقفين!.
تقبل الجماعات التربوية ، و لو على مضض ابعاد السياسة و الدين عن المدرسة ،
لكن بالمقابل ابعدوا المدرسة عن هذه المسلسلات القميئة التي تظهر مظاهر البؤس و
الحرمان و الفقر و مظاهر الجريمة و مسرح الجريمة المدرسة .
المدرسة قربى و مصلى تربوي
بيداغوجي ، تعلمي تعليمي ، شعاره : الجريمة لا تفيد .
لا تحملوا المدرسة اكثر مما تتطيق ، و لا تزيحوا مهام المدرسة الاصيلة الى
مهام اخرى هي من مهام دوائر اخرى....مسكوت عنها !.
اخرجوا كاميراتكم ، ريشاتكم ، ازميلكم ، اقلامكم ، ايقاعاتكم كوريغرافية من
داخل اسوار المدرسة ، و اكسروا قشرة الفاظكم و افصحوا عن لب الحقيقة ، ان كنتم حقا
رجالا ، و ان كنتم حقا مبدعين !.
المدرسة ليست حماما لمن اراد ان يغسل يديه ، او بديلا عن ( الكاترسيز) / Catharsis ، التطهير و التكفير من ادران انفعالات النفس. او التخلص من وزر
ما.....
فالجريمة حتى ان كانت تثير الكوميديا و الملهاة تاريخيا ، و التاريخ (
اللعب) فيه لا يزال مرا و مكلفا و ليس بالامر او الربح السهل او فن هروب ، العروب
نن التبعات الاخلاقية و الجزائية !.
بقدر ما هو يبدو سهلا و لا يطرح اي اشكالات او تاويلات عندما تنتهك حرمات
المدرسة بكذا شكل ، و بكذا لون من لشكال و الوان الكذب عن المغفلين ، تحت شعار
شعبوي : كعور و اعطي لعور ... .. !
وبالتالي : " اشكون محقورتك يا لعروس !؟
اما و خالتي... " !
او كما يقول المثل الشعبي الجزائري .