موفق محمد ( سعدي الحلي في جنائنه أم الشاعر في فجائعه )
حميد حسن جعفر
القسم الثالث
هل فعلا كانت هناك جنائن تعود إلى
المطرب و المغني الشعبوي جدا، --سعدي الحلي --أم لم يكن هذه الرمز سوى القناع الذي
استفاد منه الشاعر في أن يقول ويتحدث عن الجحيم /الجنائن، الذي يلوب وسطه --موفق
محمد --غير مهتم بسلطة الحداثة، وقد تشكل
الأشكال الشعرية و تحولات الكتابة هما أو طموحا، أو مجموعة تطلعات، تستطيع أن تلوي
عنق القصيدة إلى حيث الرموز والاقنعة والتأويل والتناص،
---سعدي الحلي في جنائنه --- القصيدة الديوان، هذا المنجز الخمسيني
ومازال يجذب الكثيرين، وإذا ما كان الشاعر --موفق محمد ---قد وظف هكذا الشكل من
أجل أن يقدم سيرة جمهور، آو فئة أو شريحة أو طبقة أو شعب، فقد استفاد الكثيرون
سواه من الشعراء من تحويل هكذا الشكل /القصيدة إلى فضاء لطقوس تاريخية واسطورية،
لأنه الشكل الأكثر قدرة على تقبل تعدد
الأصوات، وتعدد الأحداث و الشخصيات، وقد يكون هناك من الاجيال الأخرى مازالوا
يقدمونه نصوصا شعرية تقترب من الشكل و المفهوم الذي يقدمه --موفق محمد --إلا أن
التاريخ الشخصي والحياتي ل --موفق محمد --يرشحه لأن يكون الشاعر الاكثر جماهيرية
،الأكثر قدرة غلى صناعة الجمهور، المستمع الذي هو بالأساس جمهور القصيدة
الكلاسيكية،
--موفق محمد --يتخذ من شخصية ما --سعدي الحلي هو شخصيةهذا الديوان
/القصيدة، هذا الاختيار للشخصية التي لا تقل أهمية جماهيرية و متابعة عن
الشاعر نفسه بل ربما يشكل معادلة موضوعيا
طرفا ها سعدي الحلي /موفق محمد، ،طرفا المعادلة اللذان يشتركان في الكثير من
المزايا والطموحات، وقد يشكل الأسى والحزن والتمرد والضرب على وتر المستمع من أهم
المواصفات التي يتمتع بها النص الذي يشتركان في صناعته والذي هو القصيدة /الأغنية،
إضافة إلى أن السلطة /المؤسسة الرسمية لم تقبلهما ممثلين لفعالياتها، ليظل كل
منهما قريبا من المستمع /المتلقي، أكثر من قر بهما من طروحات الدولة /الحكومة
/الإعلام الرسمي، لدوائر السلطة،
لقد كان لصوت سعدي الحلي أكثر من قناع ،كوسيلة للبوح، فكلاهما كان (يئن و ينوح ويقاوم )
سعدي يقاوم ثوابت المجتمع، ،و موفق يقوض ثوابت الدولة والمجتمع والمجهول
على الجهة الشعرية،
ممم ممم
المتلقي ---القاريء /المستمع --لكتابات /صوت الشاعر الذي به بعيدا عن الواقع المعيش، عاى الرغم من
لاواقع آخر من الممكن أن يتخذ منه الشاعر منبرا ليقول همومه،
أن تنقلات القصيدة مابين العام و الخاص والانا و النحن، وأنا والنحن، مابين
الفصحى و العامية، ما بين الأغنية والقصيدة،هذه التنقلات تتطلب من الشاعر تدمير
ثوابت القول، أي أن الشاعر استطاع أن يشق مجراه، وان يقول قولته، وأن يلفت انتباه
المستمع /القاريء، من غير يفلت زمام القصيدة من بين يديه،بل نراه يزيد من تحكمه بمفاصل القصيدة،
،وإذا ما كانت هناك ارتباكات فهي لا تخرج عن سلطة الشاعر ذاته، وكل من المغني
/المطرب والشاعر يحاول الخروج على المتفق عليه في الغناء أو في الكتابة الشعرية،
أن طقوس الكتابة تحتم على الشاعر الذي يتخذ من المغني وسيلته ال القول، هذه
الطقوس توجب عليه الدخول في فضاء المطرب و الخروج منه، ليتمكن من انتقال ما له وما
عليه ،فالوطن و المواطن وماعليهماوعلى القاريء أن يكون منتجها لهكذا انتقالات غير
المعلن عنها، ،قد تكون سريعة تستوجب رد فعل يماثلها ، وجالة انتباه تقف بالضد من
الكسل،والتراخي، هنا يظل المتلقي مستجيبا /متوترا متابعا، غير مهيء لان يتخلى عما
يقدم إليه، من مجموعة سير حياتية للوطن و
كائناته الشعرية والغنائية، ،حيث تتوحد جميع الأصوات المختلفة من اجل ان
يكون خطابها الشعري/و الغنائي أكثر وضوحا، وفعالية،
هل كان المغني ينوح؟ أم كان الشاعر يغني، الفعل الشعري الذي يغنيه /ينشده
--موفق محمد --كثيرا ما يقف إلى جانب الحس الجمعي الفجائعي، حيث يتحول الكلام
/الشعر إلى تراتيل وأدعية و مراثي ،
فالوطن يمتلك تاريخا عريضا طويلا من صناعة الموت والاغاء،
هكذا هو التاريخ منذ تموز، وإبراهيم الخليل وانكيدو وصولا إلى الحسين وليس
انتهاءا بالجثث المجهولة الهوية، و المقابر الجماعية التي بدأت تزحف نحو البيوت،
متمم ممم ممم
كائنات الأول /موفق محمد، الشعرية /المراثي والثاني /سعدي الحلي الغنائية
/النواح، يتضافران ليشكلا مساحة واسعة من الندب و الماتم والبكاء الصامت،
يبدو أن التوافق بين تلك الشخصيتين لا يمكن أن يتوفر للآخرين،
أن قيم الرفض والاحتجاج و ترديدات الحنجرة التي لا تنتج طربا بقدر ما تنتج
نواحا، حتى الحب لا حضور له في هذا الغناء، إلا من خلال تقويض عملية الحب والمودة
ذاتها،
يبدو أن --موفق محمد --يمثل البقية الباقية من الفتية الذين لاتستطيع تلك
الحروب والماسي والمقابر، ،
ان توقف نشاطاته ليتمكن منا أن يكون الشاهد الوحيد الذي من الممكن أن يدلي
بشهادته، وسط فوضى شهادات الزور، ،كاشفاعن عورات الزعامات والقيادات التي وضع
الوطن وسط أتون الصراعات ( وطن يجلس في التنور )
أن لغة --موفق محمد --لغة واضحة غير محايدة لا يمكن أن يخرج الشعر من بين
يديه إلا أن يكون ممثلا لرفض قيم و مباديء و معتقدات التى تشكل مرتكزا للالغاء
والشطب والموت والمجهول، ،،،