صورة لحى بولاق ابو العلا 1889م
صورة لحى بولاق ابو العلا 1889م
بولاق ابو العلا
زيارة إلى الحى العريق المشهور بمواطنيه أصحاب الوطنية والكرم والجود وبمنازلهم القديمة الواضح بها عبق التاريخ وهى
بولاق أبو العلا:
بولاق أو بولاق أبو العلا هو حي قديم من أحياء مدينة القاهرة، تقع بجوار
وسط القاهرة وبجوار نهر النيل، اشتق اسم بولاق من المفردة الفرنسية 'Beau Lac' والتي تعني
"البحيرة الجميلة". هذه المعلومة خاطئة فالاسم معروف قبل أن يطأ أي
فرنسي أرض مصر، وكان الاسم معروفا في عهد الفاطميين وربما بدأت تأخذ شهرتها مع
حملة نابليون بونابرت على مصر عام 1798م، ومحاولة استخدام موقعها للوصول إلى مناطق
الوجه البحري..
واختلف الناس في معنى بولاق.. البعض قال إن أصل الكلمة هو "بو"
أي الجميلة بالفرنسية. و"لاك" أي بحيرة، أي إن معنى الكلمة
"البحيرة الجميلة" ثم تحرفت من بولاك إلى بولاق.. ولكن لا يوجد ما يؤكد
هذا حيث أن بولاق كانت موجودة قبل الحملة الفرنسية.
ويقول البعض الآخر أن أصل تكوين منطقة بولاق يعود إلى غرق سفينة كبيرة في
هذا الموقع. ثم مع إطماء النيل بكثرة في هذه المنطقة بدأت الأرض تعلو، وتتكون أرض
جديدة هي بولاق الآن
وبدأ الاهتمام بضاحية بولاق منذ الحملة الفرنسية على مصر... وكانت البداية
شق طريق مستقيم يبدأ من منطقة الأزبكية إلى بولاق، وقام بتمهيده المهندس
"لوبيريه" كبير مهندسي الطرق والكباري في الحملة، وغرس على جانبي الطريق
الأشجار تسهيلا لمرور فرق الجيش الفرنسي... وكان هذا الطريق يصل ما بين الأزبكية
وبولاق بعد مروره فوق قنطرة المغربي، التي كانت مقامة فوق خليج الطويلة
"الخليج الناصري القديم" مخترقا التلال الموازية للخليج. ولكن العصر
الذهبي لحي بولاق بدأ مع عصر محمد علي باشا، عندما أمر باستكمال شق الطريق بين
"القاهرة.. وضاحية بولاق"، وكان لهذا الطريق فعل السحر في تعمير بولاق،
كما أن محمد علي أنشأ هناك دارا لصناعة السفن مع بدء الإعداد لإرسال الحملة
الوهابية، وضرورة إنشاء أسطول قوي لمصر في البحر الأحمر.
بولاق و الحملة الفرنسية
جاءت الحملة الفرنسية إلى مصر فى العام ١٧٩٨، لاحتلالها وفرض سيطرتها على
المنطقة العربية والسيطرة على طرق التجارة بين الشرق والغرب، ولكن لم تلق الحملة
الترحاب من الشعب المصري الذى قاومها بكل ما يملك من قوة.
وبرزت فى مصر شخصيات كان لها دور كبير فى أعمال المقاومة ضد الفرنسيين، من
هذه الشخصيات، الحاج مصطفى البشتيلى الزيات، الذى دفع حياته ثمنًا للمقاومة ضد
الاحتلال الفرنسى، والمؤسف أن التاريخ لم يهتم بسيرته إلا فى سطور قليلة، وصفته
فيها بأنه تاجر من أعيان بولاق قتل فى ثورة القاهرة الثانية بأيدى العامة، كانت
هذه رؤية مشوهة راعت نظرة «كليبر» القائد الثانى للحملة الفرنسية بعد نابليون
بونابرت، أكثر مما تراعى الواقع، لم تجد من يصححها، ويعيد إلى الرجل الثائر حقه
الحاج مصطفى البشتيلى جاء إلى القاهرة من قرية «بشتيل» وكنى باسمها، وعمل
تاجرا وصار صاحب وكالة كبيرة للزيوت، أمانته وسمعته الطيبة ساعدتاه على أن يصبح
«شاهبندر» تجار بولاق، لم يتفق ولم يتحالف مع الاحتلال الفرنسى، ولم يفكر فى
مصالحه التجارية، بل رفض الظلم والتسلط الذي وقع على الشعب وشارك فى تنظيم شعبى
للجهاد ضد الاحتلال.ولأن كل مجتمع لا يخلو من خونة وجواسيس ومتعاملين مع أعداء
الوطن، تسربت أنباء للفرنسيين عن دور «البشتيلى» فى المقاومة فى أعقاب ثورة
القاهرة الأولى، ووصلت إلى نابليون معلومات تؤكد أن التاجر الكبير يخفى فى مخازن
وكالته كثيرًا من البارود والسلاح وعتاد الحرب.
تحركت قوة فرنسية نحو بولاق، وداهمت «وكالة البشتيلى»، وفتشت كل شبر من
ممتلكاته حتى عثروا على عدة قدور مملوءة بالبارود، وبعض الأسلحة، فقبضوا عليه،
وحبسوه فى بيت قائمقام، ثم نقلوه إلى القلعة.
لا توجد أخبار للبشتيلى بعد حبسه، ولم يعرف مصيره، حتى غادر نابليون
القاهرة، وحل محله «كليبر»، وظهر البشتيلى خارج القلعة، وكان له الدور الكبير فى
الثورة الثانية، ولكن لم يعرف كيف خرج من سجن القلعة؟
ظل فى سجنه قوى العزيمة تحركه نار الثورة والمقاومة، ولم تضعف عزيمته فقد
ظل على عدائه للفرنسيين، وكان فى طليعة ثوار القاهرة، والمسئول الميدانى عن
المقاومة فى حى بولاق العريق، والتى أجبرت كليبر على سحب قواته من بولاق وحصارها
من الخارج، والإلحاح فى طلب الصلح وإنهاء الثورة، لكن إلحاحه كان يقابل دائما
بالرفض، وفهم كليبر أن البشتيلى هو الذى يمنع إتمام الصلح.
وتأكد كليبر من ذلك عن طريق وشاية من عثمان كتخدا، الذى كلفه ذات مرة بالوساطة
وطلب الصلح، فرد عليه البشتيلى برسالة مكتوبة فيها: «إن الكلب كليبر دعانا للصلح
فأبينا، فلا تحرج نفسك بطلب هذا الأمر».