جاري تحميل ... ألف ياء

إعلان الرئيسية

إعلان

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد علَّم نفسك
آراءالعقيد بن دحوفنون

لماذا اختفت الجرائد عن الأكشاك

لماذا اختفت الجرائد عن الأكشاك

العقيد بن دحو



* - " جريدة واحدة  تعادل مئة حرب ".

هذه المقولة تعود الى القائد الإمبراطور " نابليون بونابرت" 1792.

صحيح الأزمة الحالية أزمة عالمية ، لاسيما في هذا العصر الذي أثقله منطقه؛ في ظل استفحال منصات شبكات التواصل الإجتماعي ، الرقمنة ، واعلام محتوى المواطن أين أشبعت شغف فضول الفئات الشعبية بالأخبار المقدس منها و الواجب. المقروءة السمعية البصرية الرقمية.

هذا من جانب  لا يجعلنا ننسى الأزمة الأولى التي وقع فيها الاعلام عامة خفيفه وثقيله ؛ أين كان حتى القرن الثامن عشر الناس لا تقرأ الجرائد و المجلات و الصحف و كذا الدوريات اليومية الأسبوعية و الشهرية إلا اذا تضمنت احدى صفحاتها شيء من الأدب أو أخبار الفن و الثقافة.

معنى هذا أن الثقافة رغم كل شيء ، و رغم انها ليست سيادية ، محسوبة على القطاعات غير المنتجة الإستهلاكية لا يقابل نتاجها عائدا ماديا ما (....) الا أنها استطاعت أن تنقذ الصحف و الجرائد و المجلات من ستاتيكية الرتابة و الملل و الكلل ، و السأم الذي مسّ الجميع يوم ذاك.

غير أن الأزمة الحالية و غياب المشهد الإعلامي المكتوب المقروء من على واجهات ورفوف الأكشاك ، و كذا غياب ذاك بائع الصحف المتجول عبر الازقة و محطات القطار و الحافلات و الطاكسيات و بالموانئ و المطارات......

مسّت بشكل مباشر الفئة المثقفة الإنتلجنسيا ، و مؤشر عن غياب القارئ الجاد الواع الوازن ، البارومتر و الترمومتر الشعبية في أخذ او تكوين ملمح فكرة ، عينة أولية لدى الدولة عما تعاني منه القاعدة. كذا الناقد ليظل السؤال التليد قائما لمن يكتب....!؟.

كما مست بشكل مباشر الفئات الإجتماعية البسيطة حينما بكيفية أو بأخرى أنتزعت منه يوميته أو أسبوعيته اكسير حياة المنكوبين و المنكودين و المعوزين و الفئات الوسطى ، تلك التي لا تزال تحافظ على بناء النسيج الأجتماعي  ، و الخلفية و المرجعية الثقافية لفكرة الدولة الإجتماعية.

كما غابت تلك الرسائل المفتوحة من القاعدة الى القمة المركز حيث يتركز مل شيء و لا شيء !

اعطونا الكرة و نحن نلعب

اعطونا الحصان و نحن نصير فرسانا

اعطونا السلاح و نحن نحارب'،

وأعطونا الجريدة او الصحيفة أو المجلة و نحن نقرأ.

هي قراءة ليست نمطية كمل القراءات العابرة للزخرف ، تملي علينا رغباتنا الطفولية ، انما قراءة فعل عمل رابع. اين تشترك عدة دوائر أخرى في صناعة تقرير مصير المواطن ، و تجعله شريكا في صناعة و بلورة الرأي العام المحلي و الوطني و حتى العالمي منه.

لذا صار يصعب على الحكومات و حتى على الجهات الأمنية ايصال قراراتها و تقريراتها ، و جس نبض و سبر ورصد أغوار الشارع بكل تجلياته السلبية و الايجابية السياسية الأجتماعية الاقتصادية الثقافية في ظل غياب هذا الوسيط المهم .

غياب الصحف من أمام اعين المواطنين صغارا و كبارا ، نساءا و رجالا خسارة ما بعدها خسارة ، خسارة استراتيجية استشرافية من أجل فكرة بلورة رجل الغد.

اذا اردتني ان أبكي ابكي انت أولا

و اذا أردتني أن أضحك أضحك أنت أولا

 و اذا أردتني أن أقرأ أقرأ أنت أولا !..فاقد الشيء لا يعطيه.

و عندما تغيب الجريدة امام أعين الزوّار و الساكنة ، ليست أوراق الصحف فحسب و انما غياب الفكرة أصلا. فكرة و تاريخ الخبر و صناعة الخبر.

غياب الصحف من الأكشاك و كأن الحرب حطت أوزارها ، و أن الظلم و الشر تلاشى قي هذا العالم ، و عم السلم و الأمان ، حتى اذا ما أستسلمت الناس الى الهدوء الذي يسبق العاصفة. حينئذ تضرب الجهالة على حين غفلة ، على حين غرة.

جريدة واحدة تعادل مئة حرب ، هكذا قال نابليون بونابرت ، و هكذا يقول التاريخ ، حين يعود الدور مرتين ، مرة في شكل مأساة و مرة في شكل مسخرة. حرية الإنسان حيال الخير و الشر ، و سوف تكون نهاية هذه الحرية

نهاية التاريخ.

الدارس و الباحث علم سوسيولوجية الجرائد يتأكد له يوما بعد يوم ، و في ظل صراع الأفكار و انفجار المعلومة و هيمنة و سيطرت الصورة ، تشير الى أن الجريدة سلاح ، لا يمكن التخلي عنه حتى لو منخ و أعطيت مجانا للناس. و لا سيما كل من حولنا تشير الى أن نهاية الحرب ليست اليوم و ليست غدا. كما أن الإستعداد للحرب الإعلامية تماما كالإستعدادات للسلم و الأمن و الأمان.

صحيح لا يجب أن نكون معاديين لأية فكرة حضارية ، ثورة المعلومات و المعلوماتية ، لكن بالمقابل لا ينبغي أن نستسلم لها ، استسلام القضاء و القدر تقرر مصيرنا ، و تدخلنا متحف الفضاء الازرق بلا وزن ثقلي و بلا جذب عام ، نعيد تكفير و تطهير الاولين (الكاتارسيز) Catharsis بلا وعي منا ، مخدرين على طاولات مخابر العالم يزعرون فينا شرائح الإدعان و القابلية من جديد للإستعمار الحديث و ما بعد الحداثة الذي يأتيك من أبسط جهاز هاتفي محمول ، يحيدك عن مقوماتك و يأتيك بنقومات أخرى هادئة باردة ، أسيرا و عبدا و مستعمرا جديدا بلاحدود و لا مقاومة تذكر.

الاستعمار الحديث بإسم الحضارة الرقمية يعمل جاهدا على انتزاع آخر سلاح لدى المواطن الصحف و المجلات و الجرائد ، و عندما يفرغ الاكشاك و المحلات و الواجهات من هذه المعدات الاعلامية الخفيفة و الثقيلة ، يملأ أدمغة السواد الاعظم ، الفئات الشعبية باليباب ، الطرهات ، الحماقات ، السخافات ، الميوعة ، بالبوز Buz , التيمات ، الأعجابات ، الايمالات. ساعتئذ تأتي فكرته الجاذة ، السم في الدسم ، حينها يكون التراجع للصحف تحت أي تغذية (....)  بذل وقت ضائع.

الجريدة منذ عهد نابليون بونابرت ذاك الذي ازدرد الجيوش و قاد أوروبا ، و منذ الحربين الكونيتين لم تلعب دور الطالع المطلع انما المتطلع عسكريا و امنيا ، أذ كان كل من يمسك جريدة ، يمسك بيده سلاح.

كان المواطن حتى التسعينيات القرن الماضي ، و في عز الصراع نع الارهاب و الصراع مع العصابات الفاسدة السياسية

الاجتماعية الاقتصادية الثقافية المواطن كان مسلحا بيده مجلة أو جريدة أما اليوم المبشرون الجدد منحوا له صكوك الغفران تدخله جنات الفضاء الازرق بلا حسيب و لا رقيب الى أجل مسمى ، الى ان يأتي الفأس بالرأس.

و مادامت الجريدة الواحدة مئة حرب :.

فما لي أراكم نياما في بلهنية *** وقد ترون شهاب الحرب قد سطعا.

حرب كونية ثالثة ساخنة و باردة في  آن واحد ، تقودها الجرائذ من صفر مسافة و في عز صفر ورقة ؛ ميزان الطرس فيها رفوف الأكشاك الفارغة و مواطن صفر جريدة !.



***********************


***********************

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *