تيسير المغاصبه
تحكم عن بعد
قصة قصيرة
لم أره واقفا
في مكانه هذه المرة ،لكن وعن بعد عدة أمتار رأيت تجمع غفير من الناس .
ذهبت إلى
مكان التجمع لاستطلع الأمر، ورأيته؛
لقد تعرض
أخيرا لحادث دهس ،وكان وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة لايزال يلوح بيده كما وإنه لايزال
يحمل الصينية لتنبيه قائدي المركبات إلى وجود محل قهوة.
كنت أراه
كلما مررت من ذلك الشارع الضيق والمزدحم بالمحال التجارية والضاج بالمارة
والمركبات.
وبينما كنت
أستقل مركبة أجرة في طريقي إلى عملي،نظرت إليه ككل مرة أمر بها محاولا تحليل
شخصيته من خلال مايقوم به من حركات غريبة.
بينما كان
يقف على حافة الشارع مقابل للقهوة التي كان يعمل بها،يحمل الصينية كما هو مطلوب من
كل من يعمل في قهوة ويهزها ليلفت إنتباه قائدي المركبات.
لكن طريقته
في التنبيه كانت غريبة جدا وخارجة عن المألوف.
فهو لم يكن
يهز الصينية بحيث تعكس أشعة الشمس فقط ،لكنه كان يقوم بأرجحة ذراعه بشكل ديناميكي
بحيث تبدو يده كما وإنها أثقل وزنا من باقي جسده،وأحيانا يكون كما وإنه يقوم
بتمرين يده وحدها تمرين رياضي.
فبدت ذراعه
أكثر طولا من ذراعه الأخرى،وكان كتفه الأيمن يميل إلى الجهة اليمنى مع الذراع بشكل لافت فيبدو أيضا كما وإنه يعاني من إعاقة
أو خلع ولادة قديم.
فيستمر كما
وإنه تحت تهديد سلاح يأمره صاحبه بألا يتوقف عن ذلك.
أما إن أراد
إشعال سيجارة فهو يفعل ذلك بيده اليسرى دون توقف يده اليمنى عن الحركة.
كان يشد جميع
عظلات وجهه ويضم شفتيه كما وإنه يحاول الصبر على آلام شديدة..مبرحة.
ماأن أنتهي
من مشواري وأعود ،حتى أمر به ثانية لأجده لايزال مستمرا في حركته بلا كلل كما وإنه
رجل آلي،فأشعر أنا أن ذراعي آلمتني كما وإني أنا الذي أقوم بتلك الحركات المرهقة.
رآني قائد
المركبة وأنا أنظر إلى الشاب وأنا كلي
دهشة فابتسم ،فقلت له مستفهما:
-ماباله؟
فأجاب كما
وإنه يتحدث عن شيء عادي:
-أن ذلك
الشاب مسكين على باب الله "أي أبله " لكن صاحب القهوة يقوم باستغلاله
،فهو يعمل عنده طوال اليوم مقابل علبة
سجائر ووجبة شاورما، وهو يأمره بألا يتوقف عن الحركة حتى لايقوم بطرده.
تيسيرالمغاصبه
اكتب تعليقاً