رمضان و رمضاء
العقيد بن دحو
اننا نقبل
على هذا الشهر الفضيل ، بل نحن في أوج قلبه. نعيشه بكل نفحاته الإيمانية.
مقبلين غير
مدبرين ؛ بإيمان عميق مأجورين سالمين غانمين و تبث الأجر و الثواب ان شاء الله.
غير هذا لا
ينسينا "الرمضاء" من رمضان لغة و اصطلاحا و فقه لغة فيلولوجيا : شدة
الجوع و العطش.
و في سبيل أن
يسعى المؤمن الى تتمة شعيرته بججم أجوائها الإيمانية و الروحانية بإعتياده دور
العبادة و الصلاة و التقرب لله سبحانه و تعالى.
لكن هناك
صلاة و اجواء و طقوس لا تقل سماوية و ربانية عن اجواء رمضانية يجب أن تُؤدى ، يجب
أن أن تُقام بنفس النُسك ، بنفس التعازيم ، بنفس الترانيم ، بنفس الترديدات عبر
محاريب قُدُسية ديار اخرى ذات الجنب ، لا تقل اهمية عن دور العبادة الربانية.
اين تكون
اللغة و الدين في علم السياسة / حضارة الديمقراطية طرفان متلازمان في قضية واحدة.
الشعر و
مختلف الأداب و الفكر و الثقافة أيضا عبادة.
الشعر سحر
صوفي مقترن بالصلاة (سوزا).
و دور
الثقافة و الفنون قبل ان تكون قربى ثقافية هي مصلى ادبي.
و قديما كانت
الأغريق حاضرة اليونان لا تقدم شيئا من عروض فنونها و ادابها في عيد من اعيادها
(ديونيسيوس - أبولو) دون تقرب أحد اناشيدها الأولى قربانا لذاك الإله او ذاك الإله
؛ كنوع من أنواع العبادة ، و هذا قبل بداية عروض المسرحيات المتنافسة على مرتبة
الشرف الريادية.
لم يك الدين
في يوم من الأيام مقاوما ، معيقا للحركة الأدبية الفنية الثقافية و لا هذه الأخيرة
كانت . بل كان و لا يزال أحدهما تكملة و تتمة للآخر.
على دور
الثقافة و الفنون أن تحول حالة"الرمضاء" هذه من رمضان الى تخفيف و تلطبف
العبء على المؤمنين المسلمين و على غير المسلمين أو من لا دين لهم اصلا سوسيولوجيا
على الأقل ، أن توفر لهم جو الفرح و السعادة امام مكابده الصائم وعكاء نهار ساعاته الطوال الثقيلة ، وتجشم معركة
أكسير الحياة. ان توفر لهم سانحة البهجة و السرور و ان تبعث في أنفسهم دفء الحياة
و نبل الظمانينة و شرف حفظ ماء الوجه من مستهم الرمضاء و لا سيما عند أولئك الذين
اختارتهم الجغرافيا بتقلبات اجواء مناخاتها التي أصبحت لا تدوم على حال و لا تستقر
على وصع . أصبحت شتاءاتها كصيفها ، و اختلطت حبالها بنبالها ، و ضربت اخماسها في
أسداسها في ظل استفحال الظاهرة غير الطببعية (النينيو) و كذا الإنبعاثات الحرارية
المضرة بالحيوتن و قوقعته و المضرة بالإنسان و بيئته ، و كذا التلوث الإيكولوجي . كل هذا يجب على
المسلم الحديث أن يعيه بالعقل قبل النقل ، أن يعيه بالعقل قبل القلب ، و
بالتفكير و التغيير قبل التطهير و
التكفير. يجب أن يكون متفهما متصالحا متسامحا مع قوالب عصره ، أن يتكيف مع الظرف
الطارئ القلق ، و ان يعلم أن للجغرافيا هبتها ، سلطتها ، سطوتها عن السياسة و
الثقافة عموما يجب احترامها.
الثقافة و
الاداب و الفنون مكملة لدور المسجد.
جميع الفنون
في الإسلام تقود الى المسجد و المسجد يقود الى الصلاة / المفكر المستشرق الفرنسي
(روجي غارودي) الذي صار يسمى بعد اشهار اسلامه على أرض ااجزائر (رجاء غارودي).
هذا شهر
رمضان فرصة ليجدد فيها المسلم عهده مع الله ، و لا ينسى نصيبه فيها من الدنيا ، هي
فرصة ليتثقف ايضا ليقترب من الفنون و الاداب العامة العالمية و يسامت مختلف
الثقافات و حوار الثقافات و حوار الحضارات وموار الأديان في حدود انتشار ثقافة
التسامح ؛ لعلها تقربه من إله عادل رحيم ، إله السماوات و الأرض أكثر . يسامت من
خلالها عن حق و حقيقة فكرة " الرحمة" - ارحم من في الأرض يرحمك من في
السماء - بكل تجلياتها الدينية و الدنيوية
: الدين يُسر و ليس عُسر.
اكتب تعليقاً