حامد حبيب
لُغةُ السماء (١) الضَّاد
--------------------♕ لُغةُ السماء ♕---------------------
(١)
------------
إنَّ الذى
ملأَ اللُّغاتِ محاسِناً
جعلَ الجمالَ
وسِرَّه فى الضَّاد
----------------------------------
قال الإمامُ الشافعى فى
كتابٓه " الرسالة" : إنَّ تعلُّم اللُّغةِ
العربيَّةِ واجبٌ على كُلِّ مُسلمٍ _ عربياً كان أو
غيرَ عربىّ_ وأنَّ لسانَ العربيّةِ يجب أن يكونَ مُقدَّماّعلى كلّ لسان ، لأنَّه لسانُ القرآنِ
ولسانُ الرسول ، ولايجوزُ أن
يكونَ لسانُ المسلمين تابعاّ لأىّ
لسان،بل يجبُ أن يكونَ
كلُّ لسانٍ تبعاً للسانِهِم العربىِّ القرآن المُبين
"...ويقول: " فعلى كلّ مسلمٍ أن يتعلَّمَ من لسانِ العربِ مابلغَهُ
جهدُه ".
وكان الإمامُ مالك يشترطُ في
مُفسِّر القرآن أن يكونَ عليماً بلُغةِ العرب، ويقول:" لاأُوتي
برجُلٍ يفسّرُ كتابَ اللهِ غير عالمٍ
بلُغةٌ العرب إلا جعلتُه نكالاً".
ولابُدّ أن نُقرّ بأنَّ اغتيال َ
اللغةِ العربيةِ كان من أهم
الأهدافِ الاستعماريَّة ،
لأنّها كانت أهمَّ
مقوِّمات الشخصية العربيّة ،
وكانوا يعملون جاهدين لطمسِ
ملامحِها وإبدالِها بعامّيّاتِهِم
، لأنَّ العاميّات محليّة ،
أما اللغةُ العربيةُ
فهى لغتُهم الموحَّدة
، وهدف الاستعمار كان دائماً كسرَ
كُلّ مايحملُ صفةَ الوحدة،
أما استخدامُ العامّيّة فيعنى
التحلُّل من هذه الصفةِ
المشتركة ، وهو مغزى استعمارى
كان لابُدَّ من
الوقوفِ الصامدِ حيالَه.
ويكفيها ويكفينا فخراً أنَّ عدد كلماتها بلغ
( ١٢،٣٠٢،٩١٢كلمة) بلا تكرار ، أي
ضعف عدد الكلمات
الإنجليزية، التي يبلغ عدد كلماتها (٦٠٠،٠٠٠ كلمة) فقط.
مما يدلّ على ثراء وفخامة لغتنا العربية، ويكفيها شرفاً
أنها لغةُ القرآن، وأجمل لُغاتِ العالَمِ وأقواها ، وكما قال (شوقى) :
إنُّ الذى
ملأَ اللُّغاتِ محاسِناً
جعلَ الجمالَ وسرَّه فى
الضاد
_______________
وكان لِوقعِ
أحداث الحادى عشر
من سبتمبر ٢٠٠١م ،
أثرٌ عنيفٌ على الأمريكيين من عدّةِ وجوه، منها : إدراكهم لجهلهم التام
بما يجرى خارج نطاق قارّتِهم ، فأدّى ذلك
إلى بداية ثورة فى مجال تعليم اللغات فى
الجامعات الأمريكية، وعلى رأسها اللغة
العربية. وفى عهد
الرئيس الأمريكى (چورچ بوش)،
تمَّ تخصيص مبلغ (١١٤ مليون دولار) لدعم برامج اللغات المهمة فى أمريكا، سيّما
اللغة العربية ، فازداد
عدد الملتحقين بدراستها
بشكلٍ مُذهل ، إذ تشير الإحصائيات إلى أنَّ جامعة "
هارفارد" الشهيرة مثلاً
شهدت زيادة نسبتها (93,9%) فى عدد الدارسين
للغةِ العربية بين عامَى (٢٠٠٢_٢٠٠٥م)، وكذلك جامعة
"چورچ تاون" شهدت فى الفترةِ ذاتِها زيادة فى عدد
الطُّلّاب الدارسين للعربية
بنسبة(89,6%) ، ولا تكادُ
تخلو جامعة أمريكية
اليوم من قسمٍ لتعليم اللغة العربية.
ومن المُضحِك
والمُبكى فى ذاتِ الوقت ، هو إنَّ
إقبالُ الطلّابِ الأمريكيين المُذهل على
اللغةِ والثقافةِ العربيتين
يقابُله إهمالٌ
مذهل أيضاً لهذه اللغة فى البلاد
العربية ، والتفاخُر بالتحدُّث باللغات الأجنبية.
تقول د. ريمة
حلمى" وهى أكاديمية
بجامعة "چورچيا" بالولايات المتحدة : " أرسلتُ أحدَ طُلّابى
لممارسةِ اللغةِ العربية فى بلدٍ عربىّ
، فعاد مستهزئاً
وهو يقول : " لقد تعلّمتُ الفرنسية بدلا من العربية ، وبالتالى
فإنّ إرسال الطلاب
الأمريكيين لممارسة اللغة العربية
فى بلدٍ عربى من أصعب المشكلات ".
تقول : " أيعقل أن
يُتقنَ الأمريكيون اللغةَ العربية ،
ونتقمّص نحن شخصيةً غريبةً لاتمِتّ لنا بِصِلة لا من
قريبٍ أو بعيد...فرفقاً
باللغةِ العربيةِ ورفقاً
بتُراثِنا
وماتبقَّى من حضارتِنا.
________________
حامد حبيب _ مصر