جاري تحميل ... ألف ياء

إعلان الرئيسية

إعلان

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد علَّم نفسك

 

تيسير المغاصبه

    صقور الشمس

        -٣٨-

(لن تشرق الشمس أبدا )

       قصة متسلسلة



 بقلم :تيسيرالمغاصبه

            ٢٠٢٤

     الفصل الرابع

--------------------------------------------------------

        -٣٨-

    صقور الشمس

يقوم  عمير ببناء  المسجد الأول في قرية أم الدخان ويسميه "مسجد نور الإيمان ".

وفي قرية أم القنافذ يبني عثمان مسجده ويطلق عليه اسم "مسجد أحباب الله".

وأما في قرية أم الطين فيقيم بلال مسجده ويطلق عليه اسم  "مسجد نور على نور".

لكن في قرية أم الملح لا يزال الشيطان زكي وأتباعه يحتلونه في خدمة الفسق والرذيلة المستترة برداء الحشمة والفضيلة.

* * * * * * * *

يودع يحيى حبيبته جواهر ويستعد  للخروج من القصر كي يتوجه إلى قريته،ينظر في عينا جواهر التي إغرورقتا بالدموع فيجري إليها ويضمها إلى صدره وكانا كما وأنهما يودعان بعضهما الوداع الأخير .وتمنيا أن يتوقف الزمن عند تلك اللحظة.وقالت جواهر:

-يعني..خلص حبيبي رايح؟

-هذا طريقي حبيبتي..بس مثل ماحكيت إلكي كل ماذكرتي اسمي  بتلاقيني  قدامكي.

يمشي يحيى خطوات نحو  الباب وقبل أن يفتحه يستدير و تدمع عينيه ويقول بصوت مخنوق:

-جواهر ..بحبك.

* * * * * * * * *

تقيم زبيدة علاقات متعددة وخصوصا أنها تحاول التحدث بلهجة أهل المدينة مقلدة بطريقة مكسورة ،وآخر علاقة لها كانت مع شاب جميل الصورة من المحافظة في بداية تلك  العلاقة وعدها بالزواج منها إن هي تمكنت من خلع زوجها شهاب  المريض ،لكنه عندما رأى لهفتها عليه عاد وتراجع عن فكرة اغرائها بالزواج مكتفيا بها كعشيقة.

فبقيت على علاقتها الكاملة معه والتي أثمرت أخيرا عن إنجاب طفلة جميلة على صورته تضاف إلى اولادها السمر.

يعلم شهاب بعلاقاتها المتعددة ولكنه يتردد في مواجهتها بها وخصوصا علاقتها مع ابن المحافظة ذلك الأخير والذي لم يعد يتقبل أعذارها عند غيابها لرعاية اولادها..لأنه يريدها في كل وقت فيبدأ بتهديدها وكالعادة تخبر خالها شادي الذي يعد أيضا صديقها ومستشارها المقرب فيستعين ببعض الأقارب لتهديده  وابعاده عنها.

يخبرها زوجها شهاب أخيرا  بأنه بات يعلم كل شيء عنها ،فترد عليه بحجة واهية في قانون وأخلاق القرية:

-أيوه صحيح ياشهاب أنا كان إلي علاقة مع شب من المحافظه..وكمان بزيدك من الشعر بيت وخلفت منه كمان هذه البنت الحلوه  إلي مابتشبهك ..بس إنتي إطلع على حالك ..إنتي منتهي ومش ظايل عن موتك غير يوم ..إنتي مدمن وعاجز وعايش عاله علي ..أنا إلي بصرف عليك وبطعمك..شوف ياشهاب إذا كنت بتحبني خليك معي وخليك  قاعد مع عيالك ..وإذا بدك تتركني الباب بفوت جمل ياشهاب ..إنتي أصلا مابتلزمني ؟

يبتسم شهاب ويعود للجلوس في  زاويته بأبعد مكان في المنزل.

أما زكي ف عندما إلتقى بزبيدة في منزله وهي في زيارة لأختها يستغل فرصة مرورها من إمامه  ويقف أمامها سادا عليها الممر في المطبخ ويهمس إليها بوقاحة:

-ههههههه زبيده..نسيتيني مش هيك ..نسيتي أيامنا الحلوه.. على فكره أنا سمعت إنكي كل يوم بتنامي مع واحد ؟

فترد زبيدة بتحد :

- أسمع يازكي.. أيوه أنا كل يوم بنام بحضن واحد ..ونمت مع كل رجال القريه والمحافظه والمدينه كمان  ..بس معك إنتي بالذات مابدي أنام..روح عن طريقي ؟

ثم دفعته إلى الوراء بقرف ومشت.

أما خالها شادي الذي كان كعادته موجودا هناك فحدث نفسه وهو ينظر إليها وهي تمر من أمامه في منزل تمارة :

-أعوذ بالله منكي قديش خطيره ومثيره يازبيده ..والله حتى أنا خالكي بشتهيكي ..والله لو تصحي إلي إني مابوفركي.

* * * * * * * * *

يتسلم يحيى منصبه الجديد في دائرته في مبنى مرتفع شاهق العلو في المحافظة ترفرف من فوقه راية الوطن.

ولأن يحيى يدرك مدى جبن وقذارة أهل قريته يقرر أن تكون زيارته الأولى إلى قريته في سيارته الحكومية وهو مرتديا بدلته الرسمية ومن حوله الحرس.

وطلب أن يجتمع بأهل قريته في الساحة ويمنع تخلف أي  منهم عن الحضور .

وعندما حضر الجميع كان منهم من يتلفت متبرما ومنهم من  يهمس إلى الآخر مستنكرا ورافضا..ومن كان مصدوما، يبدأ يحيى كلامه:

-أخواني وأهل قريتي ..أقاربي وعزوتي ..رجعت إلكو ولقريتي حتى نبدأ مع بعض عملية الإصلاح والتغيير ..بأي شكل من الأشكال القريه بدها تتغير ..لأني مش راضي عنها وعن أفعال أهلها ..لكن رايح أبدأ بالأمور لزغيره تمهيد للبدايه في الأمور لكبيره إلي فيها خير القريه ..أسمعوني مليح لأنو هاظا الكلام مابدي أعيده إلكو ..بالنسبه للشباب المدمنين على المشروب..الشرب  ممنوع في الشارع ولا بأي مكان إلا في بيوتكو ..إن بليتم فأستتروا ..وإلي بمسكو سكران أو معه قنينه مشروب بأي ماكان مايلوم إلا حاله..وأنا بعرف إنو في تعاطي أقراص مخدره ..وهاي جريمه خطيره وإلي بنمسك بهاظا الجرم يقرا الفاتحه على روحه من هسى ..وبالنسبه للأعراس "حفلات الزفاف"رايحه تكون بداخل البيوت مش بالشوارع ولا في الساحه حتى مايفوت بين بناتنا وأعراضنا كل من هب ودب ..هاظا سكران ..وهاظا متعاطي..وهاظا سرسري هاذي بعض الأمور إلي بالنسبه إلكو زغيره وإنتو طبعا بتعرفو الباقي إلي عيب إني أحكيه..كله بدو ينتهي..إنتو إلي بترفعو حالكو فوق ..وإنتو إلي بتذلو  حالكو قدام كل الناس بالبلد..موضوع الكرامه بئديكو إنتو..بدي أحكي معكو بالأمور الكبيره إلي بتخدم قرانا والمحافظه كلها.

لم ينل ذلك الحديث اعجاب  أي منهم ولكن قبلوا به على مضض.

* * * * * * * * *

بينما كانت جواهر تقف أمام النافذة متأملة المسجد الأكبر في المدينة والذي أقيم حديثا ليصبح مركزا إسلاميا ثقافيا ،يرفع آذان المغرب فيه لأول مرة.

يخفق قلبها بشدة كما وأن نورا من السماء هبط إليها وإخترق قلبها.

فتسري رجفة في كامل جسدها..تنظر إلى السماء متأملة الهلال والنجوم والسحب المنطلقة مسرعة في السماء ،ثم تعود إلى الصالة ..تطلب الخادم ،وعندما يحضر إليها تقول له:

-أسمع ياعطا ..روح جيب إلي مصحف؟

قال عطا بدهشة:

-إيش ياستي ؟

-إيش مال سمعك صاير خفيف ياعطا ..بقلك روح جيب إلي مصحف؟

-بس..بس مافي مصحف في القصر كله.

-وهي هاي مشكله روح على أي مكتبه واشتري مصحف ؟

فيخرج عطا وهو يهز رأسه بدهشة.

* * * * * * * * * *

يتابع يحيى حديثه :

إنتو ليش بترخصو حالكو وبتذلو حالكو وبتحاولو إنكو تنقصو من قدركو..ليش بتورجو الناس أسوء ماعندكو ..

أنا رايح أظل بينكو ..في كل الشوارع والزقاق..مابدي أشوف بنت زغيره رايحه على دكانه بعيده بوكت الغفله.."ثم نظر إلى زكي نظرة ذات مغزى وأكمل" بطلو هاي التصرفات الغير مسؤوله..الأطفال  قبل غياب الشمس..يعني لما الشمس تروح ورى لجبال وإتبطل إتبين "أذكر أن الشمس تختفي وراء الجبال في الساعة الرابعة عصرا في تلك القرية وذلك يعود لسبب غورها في قاع الصخور "  كلهم يدخلو بيوتهم ..وهيك أنا أعطيتكو تعليماتي بالنسبه للشغلات إلي إنتو بتفكروها  زغيره وهي كبيره كثير ..وهسى بروح إلكو للشغلات لكبيره فعلا ..إن شاء الله رايح أدعم المزارعين في قرانا ورايح أوقف نقل الخضار إلى حسبة  المدينة ..الحسبه رايحه تكون هونا بقرانا ..التصدير رايح يكون من هونا ..وبأسعار إحنا إلي بنحددها.. مش رايح أسمح لأي  جهة بأستغلالكو..سلة الوطن لأهل قرانا أولا ..إنتو  أسيادها وإنتو المتحكمين بيها.. إنتو ..إنتو بس..وبذكركو إنو بيع الأراضي للغرباء وحتى لأهل المحافظه ممنوع ..الأراضي بس إلنا إحنا الفلاحين..وإلي بحاول إنو يبيع أرضه أنا شخصيا رايح أقف بوجهه .. رايح إن الله أراد إني  أبني مدارس حتى اولادنا يتعلمو ..ورايح أبني مراكز لتعليم الكبار ..ونوادي رياضيه للشباب ..وفي إشيء مهم كمان هو قاعه كبيره مغلقه  لحفلات القريه ..وأما بالنسبة لجسر الموت رايح أطالب بعمل جدران إستناديه وقضبان حديديه  عملاقه لتثبيته..وإن شاء الله رايح أمد إلكو كهربه ومي نظيفه  حتى إتبطلو تشربو من القني ..إن شاء الله رايح أعمل كثير مشان قريتي  بس هاظا كله بدو وكت ..وهسى اسمحولي ؟

يغادر يحيى وتعلو أصوات التذمر والرفض :

-شوفو  كيف بدو يتسبب باضرابات واضطرابات واحتجاجات في البلد كلها هاظا المجنون ؟

-والله بدو يخرب الدنيا؟

-مابدنا منك إشي بس حل عنا ؟

-يخرب بيته حظه بفلق الصخر؟

-وين ماراح برد يرجع؟

-صبركو بنلاقيله دباره؟

-لوينتا بدو يظل ابن فريال كاتم أنفاسنا وخانقنا؟

-هاظا بدو يتحكم بينا ويحكم القريه.

وإثنان من المحافظة كانا بين الجموع قال أحدهما ساخرا:

-والله البلد خربت ياقرابه ابن قرية أم الملح لمقلعط يحطوه محافظ ؟

يقول الثاني:

-وبكره بطلع إلنا وزير كمان من هونا ههههههه.

* * * * * * * * *

يصل الخادم عطا ويقدم المصحف لجواهر ..تمد يد مرتجفة ..تأخذه منه..تفتح المصحف بشكل عشوائي لتقع عينيها على سطور من صورة البقرة "ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ولاتحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولاتحملنا مالا طاقة لنا به...."إلى آخر الآية. وعندما تنتهي من تلاوتها يخفق قلبها بشدة ومن ثم تنهمر دموعها بلا توقف فتحتضن المصحف وتردد:

-ياالله..يالله..

* * * * * * * * * *

بعد ذلك يستغني يحيى عن سيارته الحكومية كذلك عن الحرس ..ويتخلى عن بدلته الرسمية بعد أن  إرتداها ليوم واحد فقط.

ويعود إلى ثيابه البسيطة ويشتري له أرض ليفلحها أسوة بأبناء قريته إلى جانب منصبه كمحافظ.

ويبقى قريب من الجميع..يجلس على التراب ..يشارك الجميع طعامهم ويبني له منزلا بسيطا متواضعا لايختلف عن منازل أهل قريته ويبقي بابه مفتوحا لخدمة الجميع.

فلم يزده منصبه إلا تواضعا.

يمر بأطفال يلعبون الكرة وقد إبتكروها من فردة جرابات محشوة بالقماش..يقترب منهم  وينظر إليهم متظاهرا بالغضب ..ثم يحمل كرتهم البسيطة  وعندما شعروا بالخوف منه وأخذوا يرجونه بمسامحتهم رمى كرتهم بعيدا وهو لايزال يتظاهر بالغضب ، ثم أخرج من كيس كان يحمله كرة حقيقية جميلة وقال لهم :

-ماشي بخليكو تلعبو بس بشرط إنكو إتلاعبوني معاكو  ؟

فشعر الاولاد بسعادة غامرة وقد تبدل خوفهم إلى محبة ليحيى.

كان يحيى يداعب الأطفال في كل مكان بقريته ..يلعب معهم الكرة ويسبح معهم في البرك ويعلمهم الصلاة ويحفظهم بعض الآيات القرآنية السهلة الحفظ.

كذلك التمييز بين الحلال والحرام..وقد أحبه جميع أطفال القرية وحتى  أطفال القرى الأخرى عندما كانوا يسمعون به بالرغم من تحريص ذويهم ومعاقبتهم لهم.

(يتبع...)

تيسيرالمغاصبه

١٦-٧-٢٠٢٤


***********************


***********************

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *