أحمد سلامة الرشيدى
في الليالي الطويلة
حين يرقد الناس والعصافير، ويصبح رأسي بحجم غرفتين كبيرتين، مفتوحتين على
شارعٍ عموميّ، أقول بعشم صديقين قديمين: " يا قلبي، يا قطعة الفحم النابضة،
لا تقف شاهدًا ضدي"
في الصباحات، قبل أن تصحو الغرانيق بجناحين بيضاوين وشهيةٍ مفتوحة، أقول:
" يا قلبي، يا بقايا الرز في طبقٍ أبيض، أيها الدودة الكبيرة التي تحفِر
صدري، لا تقف شاهدًا ضدي"
حين أمرّ في الشارع الهاديء خلف كنيسة سان چوزيف، خائفًا من المنعطف
القادم، مكرّرًا آلاف الخطوات القديمة، والوجوه التي رافقتني وحفظتها جيدًا
شبحيّةً تمر أمامي، أقول: " يا قلبي، يا تاج الشوك المُورِق، أيها الصليب
المعلق بين أجنحة الحمام، لا تقف شاهدًا ضدي"
عند كل صلاةٍ وخلف كل خطيئة، في العتمة وفي النور، في حضن حبيبتي أو ساحة
المعركة، أقول: " يا قلبي، أيها اللحم السميك الدافيء، أيها الغشاء الرقيق،
أيها الماء البارد والجمرة المتقدة، آهٍ لا تقف شاهدًا ضدي، ليس الآن، ليس أبدًا،
ليس أنت"