جاري تحميل ... ألف ياء

إعلان الرئيسية

إعلان

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد علَّم نفسك
آراءصلاح عثمانعَطْبَرِيَّات

عَطْبَرِيَّات "13" كل الحب على مشارف السبعة وسبعين

 

صلاح عثمان

عَطْبَرِيَّات
"13"
كل الحب
على مشارف السبعة وسبعين

اختط الزمان في بداية القرن العشرين أن نزح أحدهم من عمق الريف في شمال المديرية الشمالية قاصداً موطناً آخر في بقعة تمتد إلى جنوب عاصمة المديرية ( دامر المجذوب) في دار جعل ريفي شندي.

ما كانت تعوزه حاجة فهو إبن شيخ البلد ومتزوج من بنت شيخ البلدة المجاورة.

له من البنين والبنات سبعة.

حزم أمره وعمل بجدية تاجراً ومزارعاً وراعياً ومنافحاً عن تجارة الرقيق واستغلال الناس في عمق الأرض جنوب شندي إلى تخوم الخرطوم .

طاب المقام إلى حين فأسلم الروح وتوسد مقابرمدينة شندي في بداية ثلاثينات القرن الماضي.

ذهب الطين والمال والحلال ( بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ ) أدراج الرياح.

فهكذا اللصوص تغدر في الزمان وتنتهب.

ليتطاولوا في الحرب منذ الدولة التركية الحديثة يقوضون الدين ويروعون الناس واشتد الوطيس بطرد الناس بالنار خارج الحدود في شهر الصوم في تحد لدين الله السلام.

قام كبير البيت من الأبناء يسلك درب الجندية في قوة دفاع السودان.

ليكون في الحرب العالمية الثانية ضابطاً له مواقف مشهودة في معارك ضد الطليان والألمان اختتمت في العلمين نهاية ثعلب الصحراء.

عاد إلى أرض الوطن خارج الاستمرار في الجندية بفعل أحد القواد غِيرَةً.

آثر أن يعود إلى مركز مروي.

جاب  صحراء (بيوضة ) ليكون الطريق آمناً للقوافل التجارية مع أمدرمان.

وانتحى يستثمر في تخوم الصحراء مع أرض النيل.

فكان النخيل و بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ والماء العذب وعربات الترحيل ذات الصناعة الانجليزية في ذلك العهد.

أنفق ولا يخشى فقراُ.

حانت من الفريق ابراهيم عبود القائد الجديد للقوات المسلحة  في أول الاستقلال 1956م أن يستعين بإعادة هؤلاء الضباط  لتثبيت أركان فروع القوات المسلحة في المديريات التسعة.

لبى الضابط النداء.

وترك التجارة والزراعة للأهل الذين أحسنوا دمارها دون أن يرتجف لهم قلب. بل يطالبون بتعرضهم للخسارة ويحجزون الأراضي خاصة الضابط في محكمة مروى في خسة ونذالة.

انطلق الرجل لا يبالي.

وبعد ثلاثة أعوام اهتزت موجة السخط على عبود.

فتصدى الضابط لهذا المسلك ونجح في إعادة التوازن.

وبما أن للسياسة دروباً وعرة فكان الجزاء بالسوء ليعود إلى المعاش تاركاً عطبرة وسلاح المدفعية ويبتعد.

التقط أنفاسه وفي رحلة إلى  مديرية بحر الغزال ليقيم على أرضها مزارعاً وتاجراً والتمرد يحرق المزارع.

عاد بعد أن استقر الجنوب يحكي التجارب في جلسات يدور معها تناول الوجبات ممن ينفثون السم من أهل لا يقدرون.

كان نسَّابة زمانه وإلى خارج حدود الوطن.

آخر عهدي به في موسم الحج قضينا معه ليالي وحكايات وتاريخ حافل.

رحل عن دنيانا ذات صباح بدون علة سوى تعرضه لحادث سيرعلى مشارف مدينة مروي.

قبل مغادرة الضابط أرض عطبرة كان في المدرسة الأميرية الوسطى إبنه البكر.

واصل تعليمه فيها وانتقل للدراسة في عطبرة الثانوية الحكومية ويحرز درجة متقدمة ليلج جامعة الخرطوم دارساُ الآداب ( اللغة العربية والجغرافيا) أيام الدكتور عبدالله الطيب.

والوظيفة العامة هنا وهناك ليستقر في دفعة الجامعيين في سلك الشرطة السودانية.

والنزاهة المفقودة لا تسمح لصاحبها علية في مجتمع اللصوص والجبناء على أرض بلادي.

فغادر الشرطة عند رتبة العميد بعد تجاذبات تؤثر السلامة.

وفي بعض الخليج عوضاً في الترجمة مع الأمريكان اصحاب القرار.

طوى الغربة وعاد يلفه الصمت.

ما بين مسكن قريب من مطار الخرطوم وأرض في الشمال.

اكتمل المنزل وطاب المقيل في شجر النخيل.

وزهرة الشباب تتفتح.

والمنى وزهو العمر.

ورحلة الحياة.

فأوقد الشيطان ناراً في سيادة البلاد.

ليمحو التاريخ الناصع البياض.

وفي ذهول على كرسي يحتاج أن تدفعه لا لعلة ولكن بعض المخازي والضحايا.

في بلدة في عمق الصحراء تبدأ رحلة السبعة وسبعين.

هل لهؤلاء المتربصين بالحرب من حقوق يدعونها بالزيف لإزالة شعب من مأمنه في تحد سافر للحضارة والمدنية ؟

ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيد.

صلاح عثمان

الاسكندرية 5 أبريل 2024م




***********************


***********************

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *