جاري تحميل ... ألف ياء

إعلان الرئيسية

إعلان

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد علَّم نفسك

 لا نجاح دون جمهور

العقيد بن دحو

لو لم يقل نابليون بونابرت يوما : " فتش عن المرأة" !

لخلته يقول اليوم و أكثر عن أي وقت مضى : " فتش عن الجمهور " !

الجمهور ذاك الفردوس المفقود ، العقبة الكأداء التي تتحطم عندها أية مخرجات العمل الفني الادبي الثقافي الفكري ، مهما بلغت  جودته حد الكمال ، ووصل خبره عنان السماء. دون جمهور يعتبر لا غيا و غير معبر عنه ؛ او ما جدوى (أغنية) بلسان الملائكة و الأنبياء و ليست لها محبة كما قالت (سوزا).

لطالما قدست و جلت وعلت الذهنية الأغريقية " الجمهور" و اعتبرت صوته من صوت الإله '/ Veix populei ex veix dei.

او كما ورد في اشعار (هزيود) الملحمية.

و لما كانت السياسة متقدمة على عدة حقول و قبم معرفية و علمية و فنية أدبية فكرية، تفطنت الى الجور الخطير الذي يلعبه - لا حظ هنا كامة (لعب) - وولته أهمية و أطلقت عليه عدة شعارات اعلانية بروبجندية ، تخدم الغرض السياسي الميكيافلي الماكلوهاني ، الغاية تبرر الوسيلة بل الغاية ذاتها هي الوسيلة . حين يكون الجمهور / الشعب هو " السيد" او السيادة للجمهور !.

لا اعتقد يوجد عاقل في هذه الدنيا يتخبل عملا فنيا ناجحا دون جمهور ، سواء كان رواقا لمعرض اللوحات الفنية ، او نحثا ، او حفلا موسيقيا ، او أغنية ، او مسرحية ، او فيلما سينمائيا او أي فن آخر من الفنون الزمكانية.

وحده الكاتب (يونسكو يوجين) في الاتجاهات العالمية عبر عن هذه الازمة ، ازمة الجمهور في مسرحيته "الكراسي" : مسرحية تحاكي عجوزان ، رجل و امراة فضلا ان يعيشا بعيدا عن التجمعات البشرية فحاولا ان يخلقا و يبدعا لهما لغة خاصة للتواصل فيما بينهما ، و في وسط كراسي فارغة على خشبة المسرح.

ان البطل يقف وحيدا وسط الكراسي الفارغة ، و اللغة التي يستخدمها ليست أكثر من كلمات فارغة ،  وزوجته التي يخاطبها ليست أكثر من رجع صداه ،  و الجمهور الذي ينتظره ليس آلا مجرد أشباح.

انه عالم فارغ ، أو هو عالم مليء بالفراغ ، عالم تتم فيه أكبر عمليه تفريغ هائلة و مهولة ؛ تفريغ الكراسي ، تفريغ الألفاظ ، وتفريغ للناس ، و تفريغ لكل شيئ كان جميلا يسر الناظرين على وجه خليقة هذه البسيطة.

تفريغ المسرح من أهم قواعده الكلاسيكية ، من أهم مدارسه ، مذاهبه الفنية . تفريغه من الديكور ، تفريغه من هيبة و شخصية و هيمنة فكر السينوغراف ، تفريغه من اعداد ممثل ، الاعداد النفسي الثقافي البدني الذهني ، تفربغ المسرحية عن اية قيمة فلسفية. و قتئذ لا تسال اين الجمهور !؟.

رداءة و ما بعدها رداءة صرنا نعيشها على جميع الأصعدة الفنية. حتى ان مقولة تقول : " ان وجدت السياسي مغتبطا فرحا مسرورا ، مبتسما لوحده بعرض الطريق فأعلم ان (المسرحية) رديئة !.

لن نتحدث عن التفكير و التغيير الذين نادا بهما جل المفكرين و المنظرين و النقاد في علم الدراما ، كون الوضع الثقافي العام البائس لا يزال قائما.

ثم التغيير و التفكير لا يتأتى عن (مبدع) يشرب الماء كما قالت الأغارقة منذ ما قبل التاريخ. اي العمل الناجح الفني الأدبي الفكري لا يأتي عن مؤلف جبان ، عن مخرج جبان ، عن جمهور مغيب و عن فكرة مسرحية تخشى البلل و الخروج ليلا (....) !.

هناك مقولة: لا يجب أن نقول عن رجل انه سعيد إلا بعد ان يموت. و العمل الجيد في الكتاب او عمل اخر الا بعد ان تتم.

كما يقول شارل بيبو دوكليو 1952 في كتابه : "تأملات حول هذا العصر" : أنا اعرف جمهوري لذا أنا أكتب.

ممن هؤلاء (....) الرجع الصدى يعرف اليوم جمهوره !؟

أين جمهورك يا ممثل ، يا مؤلف ، يا مخرج !؟

قد يقول قائل الجمهور طلق الجميع و ألتجأ في صمت و سمت الى بيته ملوما كالظل الحسير على الوضع الاجتماعي العام لا قديم يعاد و لا جديد يذكر !

نقول لم تك اشكالية الجمهور مطروحة ابان زمن الرعيل الاول مطروحة بهذا الشكل ، زمن المرحومين الشهيدين عبد القادر علولة وعز الدبن مجوبي !

الاجابة ببساطة : (الرداءة) لم تترك لأولاد الحلال حاجة !.

و أكيد عند هذه (الحالة) المرضية ، عندما يصل فيها الغرابيب القمة تنسحب النسور ، كون لم تعد ثمة قمة ، كيما يضحي من اجلها الفرسان.

وعندما تجد (حربا) و الحياة كلها حروب أكثر منها سلم و سلام ، خسيس المحتد يتحكم فيها بكريم المحتد ، وجبانها يجرؤ و شجاعها يجبن ، ما يبقى و قتئذ الى النأي بالذات و النفس الى رابية و ترقب الاحداث فإن في الأمر خيانة....!.

فخيانة الاوطان و الإنسان ليست دائما خبانة امنية ، انما اشد مرارة تلك الخيانات الفنية الادبية الثقافية ، التي تبعد الجمهور عن مرافقه الثقافية التي شيدت بإسمه بالدم و العرق ، و هو يحلم ان يرى نفسه فيها تقييما و تقويما ، و إذ به يتفاجأ بالاشباه و الاشباح يلعبون و يصلون في مصلاه بقرباه الثقافية ، ليعلم كما تعلم سائر الناس كم الحيلة كانت اكثر خبثا و غلبت النية. و ما اخطر النية في زمننا هذا عندما  تمتزج بالهبال !.

لذا لا غرو ان وجدت اليوم مسؤولا معينا يلجأ الى طبيب الأمراض الغقلية ، و هو في كامل قواه العقلية و النفسيه ، يستجديه من اجل بطاقة لمرضه الذهني ، كيما يتسنى له الهروب من التبعات القضائية ، و تمنحه الحصانة الاكلينيكية !

كما توجد مقولة اخرى : لا تقول عن كتاب انه جيد و ناجح إلا اذا عرفت كيف قرئ !

و لا احد من الجمهور او المتتبعين يعرف كيف رسمت اللوحة الفنية ، كيف نحثت المنحوثة ، كيف عزفت المعزوفة الموسيقية ، كيف مثلث و ألفت المسرحية....!؟

لا أحد يعرف من اين جاءوا....!؟

و مع هذا يدعون النجاح ، اللهم ان كان ذاك النجاح مع ذاك (التفريغ) النووي الشامل الأعم.

الذي أفرغ الجميع الا من تواجدهم في كل مكان و في كل زمان.

حتى صار الجمهور يهرب من هؤلاء ، حتى انهم يطلعون اليه في عز نومه يقضون مضجعه !.

النجاح هو الجمهور و غير ذلك فهو  مجرد فراغ مقيت يقوم بتفريغ الانسان و المحيط عن أية قيمة انسانية فنية تبعث عن التفكير و التغيير مجددا.




***********************


***********************

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *