نحن شرقهم و هم غربنا
العقيد بن دحو
يقول الشاعر الانجليزي " كبلينغ" : " الشرق شرق و الغرب غرب
فلن يلتقيا ابدا " .
صحيح التاربخ بين الجزائر و المغرب
قاصي ومؤلم نوعا ما ، و لم يرحم احدا من الطرفين. وهذا لعدة اسباب سياسبة اجتماعية
اقتصاجية ثقافية ، و حتى على مستوى الجغرافية و التاربخ و الانسان.
ثم كم يخطئ من يظن ان هذا النزاع هو ما بين الدولتين سياسيا على مستوى
القمة فقط ، المدنية منها و الامنية و العسكرية !.
لا ، انما هو على مستوى الشعبين ايضا ، لكن مجاملة و دبلوماسية ، نتصور او
كل طرف او كل جهة يتهيا لها او يتصور لها ان العلاقة ما بين الشعبين المغربي و
الجزائري سمن على عسل . و ان في اي زمان و
في اي مكان توجد ثغرة اجتماعية سياسية ما
بين القمة و القاعدة ، ما بين الهيئة الحاكمة و الشعوب ، يمكن خلالها حلحلت القضية
!.
هذه الرؤية قاصرة و غير صحيحة ، و الا كيف نفسر عندما تقوم حرب يكون وقودها
الشعب ، وبالغالب هو من يدفع ثمن فاتورتها الجسمانية ، و تنعكس على مستوى بيئتة
لسنين طوال.
منذ قيام الدولة الاغريقية و الرومانية ، الفارسية ، الهندية مهد الحضارات
الكبرى ، التمسنا من خلال ما وصلنا من اثار انسانية فنية وملاحم و دراما ان الشعب
كان دائما ملتفا بقضايا وطنه ، و نموذجا يمكن ان نجد في مشاهد تمثيلية لنص (
ميلوس) للشاعر اسخيلوس ، يوم ان سقطت المدينة ، و قامت تلك الهبة الشعبية و رجالات
الدولة للدفاع عن مدينتهم التي سقطت في ايدي الفرس ، التي كانت تسميهم الاغريق
" البرابرة" او " البيسيستراس" Picisstrasse .
الشعب الجزائري شماله و شرقه ؛ غربه و جنوبه ، لا يمكن له ان ينسى تلك
(المسيرات) التاديبيةالخضراء و الحمراء و الصفراء...... على الشعب الجزائري ،
جارتهم ( الشرقية) و خاصة على مستوى الجنوب بشرقه وغربه ، امتدادا و عبر ملوكه ،
اين كان ينزل هؤلاء ( المؤدبون) في الاهالي و الساكنة دبحا و تقتيلا ، و من لم يمت
غدرا ، مات اسرا ، كانوا يجرجرونهم وهم
مصفدون بالسلاسل و الاغلال ، غذاؤهم الماء و نشارة الخشب !.
كانت هذه المسيرات التاديبية تسمى " المحلة " !. اينما حلت حل الخراب
و الدمار بالساكنة و الاهالي و لم ينج منهم الا
عمرا طويلا و حظا عظيما او من يدفع الرشاوي و الاثوات (لسجل ماسه).
ان للشعوب تاريخها الخاص تحتفظ به لنفسها ؛ توظفه متى شاءت و كيف ما شاءت ،
غير التاريخ الرسمي للحكومات و الدول ، او ذاك المسكوت عنه !
ان ما بين الشعب الجزائري و الشعب المغربي ، اكثر ما بين الجيشين. ما بين
الاولى التاربخ المر قبل التدوين و بعد التدوين ، و لعل الجيوش ارحم في العلاقات
بين الدول بحجم تقدم العصر ، و مصالح الدول تجعل المستحيل ممكنا.
اما الشعوب مرتبطة اكثر بذاكرتها السوسيولوجية اين في كل مرة تعود به باثر رجعي الى ماضيها الاليم
، سواء على مستوى المخيال الفردي او المحيال الجمعي ، تجعلها اللا تثق مجددا في اي
قرابة اسطورية مجددا ، سواء كانت قرابة الدم او العرق او البيئة او التاربخ او
النسب. كل هذه القيم الاجتماعية تذوب و تزول اذا ما مس الوطن بمكروه.
كفانا كذبا على الذات ، و لنواجه الحقيقة المرة كما هي ، ما بين الجزائر و
المغرب اكثر من مجرد نزاع عسكري قديم جديد ، و انما نزاع على مستوى الشعبين فضحايا
( المحله) لا زالت : " كان يا مكان
وفي يوم من ليام ، كانت حكاية
ترويها العجايز للصبيان......"
!.
او كما تغنى بها المغني المغربي ، و لو ان الاغنية شبيهة بالتاربخ !.
كما قال ( ابن خلدون) او ( مالرو)!
لبناء حضارة يلزمنا تاريخ و الشبيه بالتاريخ " .
تاربخ الشعوب حافل بالافراح و الاقراح ايضا.
و لا يوجد بيت في الجنوب الجزائري يكاد يخلو اهله ؛ احد من اجداده او ابائه راح ضحية هذه المسيرات
اللوتية و اللا لونية على امتداد عهد زمن الملوك المغربية ؛ ضد الاهالي و الساكنة الجنوب الجزائري المطمئنة
المسالمة الامنة .
اننا لن نلتقي حتى ان حاول الاعلام و الاتفاق على الكذب . ان يؤلف ما بين
الشعبين اكثر مما يفرق.
اننا يوما عن يوم نفترق و نزداد بعدا مادام لنا حق تاريخي عن الصديق و الاخ
قبل العدو.
هذا هو منطق التاريخ و من اراد غير هذا ، الشقاق و النفاق و الرياء و الرضى
و القابلية للتبعية الدينية او الاجتماعية الولائية ، المريدية ، الدروشية فليعش
كالديدان تنضح من رطوبة الارض .