حامد حبيب
الهند...أرضُ العجائب ٧"_دولةُ المماليك_
" India...wonderland"
---------------
عندما مات السلطان(محمد الغورى)
لم يترك وريثاً
للعرش ، فنصب (قطب الدين أيبك)_ نائبه
فى بلاد
الهند _ نفسَه سلطاناً على الهندستان فى عام٦٠٢ه _
١٢٠٦م.
وكان (أيبك) فى طفولته
مملوكاً لقاضى نيسابور ،
ضمّه لأولاده فى الدرس ،فقرأ معهم علوم الكتاب
والسُنّة ، ونبغ فى الفروسية واشتُهِر بالشجاعة.
وحين مات القاضى
بيع (أيبك) إلى
أحد التجار فباعه بدوره إلى
السلطان محمد الغورى.
بسبب خصاله الحميدة ،نال الحظوة عند السلطان ، حتى بلغ
مرتبة القيادة، ثم نائباً للسلطان على الأملاك
الهندية.
وبادر السلطان الجديد إلى إقامة
علاقات طيبة مع
زملائه من الأمراء
والقواد المماليك ، فتزوج أخت
(تاج الدين يلدز) ،كما زفَّ ابنته إلى(التمش) ،وأصهر
إلى (قباچه)وكلاهما من زعماء المماليك الغوريين.
اشتُهر (قطب الدين أيبك) بإقرار الأمن وحرصه على
العدل بين الناس،وحسن معاملته مع الهنادكة.
وقام ببناء مسجدين كبيرين بالهند،أحدهما فى"دلهى
والآخر فى "بآچمير". وسقط
به جواده سقطة قاتلة
عام ٦٠٧ه/١٢١٠م ، فخلفه (شمس الدين التمش) أحد
قوّاده ، ومن مماليكه وأصهاره.
ولم يتقبّل بعض
الأُمراء من رجال الغورى، وطائفة من أتباع السلطان الراحل ، أن يتولى
الحكم سلطان
هو فى الأصل مملوكٌ لمملوك. كما
أن الهنادكة الذين
اغتصب المسلمون أراضيهم
، انتهزوها فرصة
لاسترداد أراضيهم ، لكن (التمش) استطاع
مواجهة
كل هذه الصعاب فى حزم وقوة، وتمكّن من
القضاء
على جميع الفتَن التى أثارها أمراء الهنادكة.
وكان لحُسن حظ (التمش)_ أنه لماّ
هبّت جحافل المغول واكتسحوا
بلاد ماوراء النهر وخرّبوا المُدُن
وقتلوا الكثير من أهلها_ أن جيوش المغول
لم تُطق
حرَّ الهند ، فاستدارت صوب الغرب تاركةً بلاد الهند ،
فراح (التمش) يعمل على
إخضاع الخارجين على حُكمه.
كما أنَّ الخليفة ( العباسى المستنصر بالله )أعلن عام
٦٢٦ه/١٢٢٨م تثبيته ل(ألتمش)
على عرش الهند
ولقَّبه ب(ناصر أمير المؤمنين) ، فقوّى
بذلك مركزه
بين مسلمى الهند ، واستغل (التمش) تأييد الخليفة
فخرج للقضاء على
خصومه وتوسيع رقعة مُلكه،
فهزم الخليجيين فى المناطق
الشرقية ، واستولى على"مالوه" ورحل إلى"أوبان"فحطّم
ماكان بمعابدها
من أصنام مشهورة ثم عاد إلى عاصمته.
ربع قرنٍ من الزمان أنهكت صحّته ،فمات فى "دلهى"
فى شعبان ٦٣٣ه/١٢٣٥م ، بعد أن رسَّخ نفوذه فى كافّة الأقاليم التى فتحها سلفُه
وسيّده(قطب الدين
أيبك).
وللحقيقة أن حروب (التمش) على كثرتها لم تمنعه من مدّ
يد الرعاية إلى المشتغلين بالعلوم والفنون،
حيث لاقى فنُّ العمارة فى الهند _فى عهده_ ازدهاراً
كبيراً ، ومن آثاره البديعة :
منارة القطب ب "دهلى"
والتى يبلغ ارتفاعها ٢٤٢قدماً ،
والتى تُعَد من أروع
العمائر الإسلامية بالهند قاطبةً، والحقيقة أنه
أطلق
عليها هذا الإسم نسبةً إلى ولىٍّ بغدادى يُدعى قطب
الدين ، تبرُّكاً بهذا الاسم.
وكان من فضائل هذا السلطان، ماعرف عنه من شدة
تقواه وعدله وبرِّه برعاياه.
وقبل موته أوصى بالمُلك لابنته
(رضِيَّة) دون أبنائه
الذكور،الذى لم يرَ أحداً منهم جديراً بحكم الهند.
___(سنواصل حكاية السلطانة رضية..إن شاء الله).
________________
حامد حبيب _مصر