مِصرُ عبرَ الأزمان)_______"١٥"
=الأسرة التاسعة عشرة=
---------------
سيتى الأوّل
----------------
لقد كان (حور محب) حاكما ّ فريداً ..أصلح أحوال
المملكة المصرية
التى ساءت فى
أواخر الأسرة الثامنة عشرة ، ولم
يحاول أن يكوّن لنفسه أسرة
حاكمة من بعده،تاركاً
العرشَ لِمَن يستطيع من أفراد
الشعب أن يواصل حركة
الإصلاح التى بدأها.....إذن
" لا توريث"
و"ديمقراطية مُطلقة".
_وكان (رمسيس) تلميذاً
وفيّاً أميناً له ، فجعله وليّاً
للعهد، ومنحه بعض
الألقاب، وجعله وزيراً له .
_ وكان الناسُ
قد ألِفوا فى
ذلك الوقت حُكمَ العسكريين ، لذا تقبّلوا حُكمَ خلَفِه (رمسيس الأول)
الذى كان قائداً للجيش
قبولاً حَسناً.
_ فلم يكن(رمسيس)
كَسَلَفه ممّن يجرى الدم الملكى
فى عروقهم ، فلمّا مات
(حور مُحب) ولِىَ ( رمسيس
الأول) المُلك ، ولأنّه
كان شيخاً، لم يدُم حكمُه طويلاً،
حيث حكم سنةً واحدةً
وأربعةَ أشهُر ، ولكنه فى هذه
الفترة القصيرة ،
استطاع أن يجعل من ولده الأكبر
(سيتى) قائداً لِفِرقةِ
الرُّماة ، ثمّ قائد فيلَق الفرسان
ثمّ وليّاً للعهد
وكبيراً لوزرائه ، مخالفاً بذلك
سُنّةَ مَن
سبقوه ، لذلك ، ماكاد
(رمسيس الأول) يموت ، حتى
وَلِىَ (سيتى الأول)
عرشَ مِصر ، مبتدئاً بذلك
عهد
"الأسرة التاسعة
عشرة" ، فى عام (١٣٠٩ ق.م).
_كان عُمرُه حين ولِىَ
العرش أربعين سنة ، وهى سِنّ
الرجولة والحيوية.
_ بدأ عهده
بإعادة سلطانى مِصر
على سوريا وفلسطين ، وإقرار الأمن
بها ، ونشر الأمن والرخاء
والاستقرار فى سائر
البلاد شمالاً وجنوبا ً.
_ وحين زحف على
آسيا وبلغ حدود كنعان (الإسم
الذى أطلقه المصريون
على غربَى فلسطين وسوريا)
واستولى على سهل
"مجدو" وعبر الأردن ،
ونصب
هناك حجراً
ذكر فيه انتصاراته
التى أحرزها فى حوران ، ثم
زحف غرباً حتى جنوب لبنان ، فاستولى
على مدنها، وبدأ أمراء
هذه المناطق وحكامها يفِدون
إليه معلنين خضوعهم له،
ومقدّمين له كل الذى طلبه
من خدمات......وكان (سيتى)
هو أوّل فرعون مصرى
يرونه منذ خمسين سنة ،
وقدّم له ملِك قبرص هدايا
جزيلة، على عادة حُكّام
تلك الجزيرة نحو حكام مصر.
_ ولما عاد إلى مصر
قوبل باحتفالات النصر ، التى
سُجّلَت على جدران
الكرنك.
_ثم شرع فى حملة جديدة
لضرب الليبيين القاطنين
غرب مصَب
النيل ، والذين كانوا قد
استولوا على غرب الدلتا ، فكسرَ
شوكتهم ، وأعاد سلطان القانون
والنظام ، ثم عاد لآسيا
يواجه دولة الحيثيين ، والتى
بدأت تهدّد شمال
سوريا،واستولى على مدينة قادش
وعاد ليستأنفَ حملة
البناء والتعمير وإصلاح المعابد
التى بدأها(حور
محب) ، والمنتشرة على النيل من
بلاد النوبة جنوباً
إلى تل بسطة بالدلتا شمالاً ، كما شيّد معبداً جميلاً
بالعرابة المدفونة لمعبودات مصر
العظمى(أوزوريس_إيزيس_حوريس)
، ونقش على
جدران معيده قائمة
بأسماء ملوك مصر الأقدمية من
(مينا) إلى عهده.
_ ومن الوثائق الهامّة التى
عُثِر عليها فى عهد سيتى
الأول ، ورقة من البردى
محفوظة فى متحف"تورين
عليها أقدم مصوَّر
جغرافى فى العالم. حيث صُوِّرت
عليه بعض مناطق
تعدين الذهب ، والجبال وطُرق
الوصول المناجم ومناطق
التعدين ومبانى العمال.
_ومات (سيتى) قبل أن
يحتفل بمرور ثلاثين سنة
على توليته ولاية
عهد مصر ،
ودُفن فى تابوت مرمرى بديع داخل قبره الفخم ، وقد حفظت
الأقدار
جثة هذا الملك حتى
يومنا هذا ، إذ عُثِرَ
عليها فى خبيئة الدير البحرى ، حيث تبدو علي وجهه ملامح
العظمة والأبّهة
والجلال.
__________________
مَن وَعَى التاريخَ بِصَدرِهِ
أضافَ أعماراً إلى
عُمرِهِ
----------------------------
حامد حبيب _ مصر