معنى "الأرض المجهولة" في الأدب و الفن و الثقافة
العقيد بن دحو
ليس لدى
الدارسين و الباحثين و النقاد سوي جزء يسير من المشهد أو اللوحة من فصول مشهد
دراسة الجمهور المحيط و ثقافتهم و لغتهم و فنونهم الأدبية و أسلوبهم ، لا يكفي
لتخليل و تفكيك و تركيب مجمل الواقع الأدبي الفني الفكري الثقافي . في الواقع وراء
الحدود الزمكانية الجغرافية التاربخية الإيكولوجية السوسيولوجية الأونثربولوجية ،
يوجد جمهور كبير ، لا يستطبيع أن يفرض على الكاتب المؤلف الأديب أي قرار ، و لكن
يمكن عند الإقتضاء أن يتابع وجوده فيه على أحسن وجه بواسطة المطالعة و أغلب
الأحيان لمجرد السماع أو بعض التغيرات الطارئة. و بنظر الكتاب المثقفين المحسوبين
على الفئة الإنتلجنسيا فإن جمهور النطاقات الشعبية أو / عامة الجمهور يرتبط بما
يسمى لغة و اصطلاحا و فيلولوجيا او / فقه اللغة " الأرض المجهولة".
وله في هذه
الأرض المجهولة وفاق الجمهور الأجنبي و جمهور الميتقبل أو الأجيال القادمة.
كم هو -
تشابه مع الفارق - حين تطلعنا وسائل الإعلام الخفيفة منها و الثقيلة ، المقروءة
المسموعة المرئية و حتى الرقمية منها : أن طرفي النزاع لجآ أخير الى طاولة الحوار
على أرض محايدة ، أين المفاوضات الدبلوماسية و السياسية كفيلة أن تنتزع و تقتلع من
الطرفين تنازلات موجعة و لو على مضض ليستتب الأمن و يعم السلام ارجاء المحيطين
الجغرافيين.
و لأن لا
يمكن فصل الأدب عموما عن الظاهرة الإجتماعية يظل الإنسان هو الإنسان و البيئة هي
البيئة و التاريخ هو التاريخ حيال حرية الإنسان خيرا كانت أم شرا !.
يظل الأدب و
الفن و الثقافة أحسن ما أبدعت الإنسانية من مقومات حتى الآن و ستبقى الى أن يرث
الأرض و من عليها ؛ مهما طغت و غلت الماديات في هذا العصر الذي أثقله منطقه.
يبقى الأدب
غير معبر عنه إلا اذا كان من أجل أحد ؛ هذا الأحد الذي تسميه سوسيولوجية الأدب
" الجمهور" !
غير أن
الجمهور العقبة الكأداء الذي ينبغي على كل أديب أن يتخيلها و يتصورها و هو يفكر في
الكتابة و هو يكتب ، و من دونه لا تعتبر كتابته معبر عنها.
يقول
"شارل بيبو" سنة 1952 في كتابه (تأملات حول هذا العصر) : "أنا أعرف
جمهوري لذا أنا أكتب".
وعليه : هل
يعرف الكاتب الجزائري جمهوره !؟
بل ؛ هل يعرف
الكاتب العربي من المحيط الى خليج جمهوره !؟
الإجابة :
ستكون بمثابة فك أُحجية ، لُغز (أثينا) من جديد ، و يكفي على ما العرب عليه من
فضائح(.....) !.
الأرض
المجهولة Terre inconnue
إلتقاء
المقاصد ، إلتقاء نيّات الكاتب مع نيّات جمهوره ، و إلتقاء نيّات جمهور الكاتب
السجين ما يين دفتي كتاب مع نيّات الجمهور المستهدف بالقراءة أو النعبر عنه.
هذا كله لا
يتم هكذا عشوائيا او اعتباطيا على الهواء أو في الفراغ أو بلا هدف كالسحالي بلا
رجاء و لا امل تزحف من الفراغ الى الفراغ ، انما يلتقيا على أرض مجهولة فير محددة
المعالم المتعاهد عليها كلاسيكيا أو نمطيا. أرض مجهولة يستطيع الأدب و الفن و
الثقافة أن يكون لسان الجميع أن يفاوض ، أن يحاور ، أن يعلم. بغية أن يمتع ،ان
يدهش ، أن يذهل و حتى أن يبعث على الامل أو الألم ، التأسي ، الفرح ، الملل ،
الكلل ، القشل ، الشقاء و التعاسة !
المهم أدب
يلتقي و يرتقي بصاحبه على أرض مجهولة.
صحيح لقد
إمّحا المؤلف تدريجيا و صار القارئ شريكا في العملية برمتها حتى صار هذا العصر
يسمى بعصر القارئ.
لكن هذا لا
يمنع أن يعرف الكاتب المؤلف جمهوره و أن يعمل جاهدا ليقتطع لنفسه شريحة واسعة من
المجتمع ليلتقي بها آجلا أم عاجلا في يوم ما و في مكان على أرض غير أرضنا و ليست
ضمن المجموعة الشمسية و لا هي خارج الفضاء الخارجي دون جذب عام أو اي وزن ثقلي ،
انما أرض أدبية يلتقي فيها الجمعان و تذوب قيها كافة المقاصد و النيات تسمى الأرض
المجهولة !.