الدكتور زكريا الملكاوي
قصة "كئيبة" جدا.
بين الرفق بالوالدين وحمار "الحجة فلحه" المربوط تحت الشمس.
أرادت أن تعطي ابنتها درساً في فضيلة العناية بالوالدين ، فحدثت ابنتها
الطفلة بهذه القصة:
"لما كنت صغيرة، - تقول الام لابنتها-، أتيت بالطعام لامي وابي،
وقبلتهم وضحكت لهم. ويومها كان عندي إمتحان في الرياضيات، وحصلت على علامة كاملة
لأنني ساعدت ابي وأمي". وكانت القصة تحت عنوان: "اللي بساعد أمه ، شو
منقلله؟ شاطر شاطر".
وبعد سنوات من تلك القصة، اشتريت كتاباً يروي القصة نفسها تحت نفس العنوان
"شاطر شاطر" مع بعض الشروحات والتفسيرات.
أهديت هذه القصة لأحد الأطفال، وبعد أيام سألته عن الدروس المستفادة منها،
فقال إن ما تعلمه هو أنه لا يجوز للحجة فلحه ربط الحمار تحت أشعة الشمس الحارقة أو
تحت المطر.
اعتقدت في البداية أن هذا الطفل متخلفٌ، فأخذت منه القصة وبدأت بالقراءة.
تقول القصة - مع تفسيراتها - أن سيدة باسم "بهية" (وقيل
"بهاء" أو "بهوه") قالت لابنتها الصغيرة، التي كانت في
الخامسة من عمرها، كما اورد ذلك العلامة في كتابه "أعمار الخلق"، خالفه
في ذلك العلامة المنصور إذ قال إنها كانت في التاسعة من عمرها. ثم حسبها العالم
الكبير "ابن أوى" وقال: "بما أن الأم قد أُمتُحنت، فهي إذن كانت في
المدرسة، وأن أمها لا بد أن تكبرها على الأقل بعشرين عاماً. والطفلة يجب أن تصغر
والدتها بفترة قدرها عمر الام قبل زواجه، بالإضافة إلى سنة الحمل، فهي إذن في
التاسعة من عمرها".
ويقال إن "بهيّة"، التي عملت خيراً مع والدتها، حصلت على العلامة
الكاملة لأنها درست جيداً. بينما نسبَ العلامة الاخر هذا النجاح إلى مساعدتها
لأمها، بالإضافة إلى تحضيرها الجيد. واستند بذلك على كتاب العلامة ابن اوى
"علوم السحر والجن والرياضيات". وقال عالم آخر إن السبب كان أن الأسئلة
في ذلك العام كانت كلها من المنهاج وليس من خارجه، كما جاء في كتاب ابن أوى -
الجزء 50، الصفحة 632564.
ويقال إن "بهيّة" ذهبت من طريق قصير، حيث عبرت في طريقها إلى
المدرسة من دار "الحجة فلحه" التي كانت تقع خلف بيت "أم
بهية". وكانت الحجة فلحه تربط في فناء منزلها حماراً، وكان البرد قاسياً
والمطر شديداً والجو بارداً. وقال العلامة في "تصحيح الفصول": إن الفصل
كان صيفاً حاراً جداً والشمس في وسط السماء، وقدِّرت الحرارة فوق الحمار بـ45 درجة
مئوية.
قلت في نفسي إن الدرس المستفاد يجب أن يكون كالتالي: "لا بد أن نربط
الكاتب، سواء في البرد أو تحت أشعة الشمس، حتى يُستفاد من الدروس وتستقيم
الحكمة."
د. زكريا ٢٠٢٤