عبد الرزاق الصغير. الجزائر
في مكان آخر
في مكان آخر
أو بالاحرى في الجهة الاخرى من الكرة الارضية إنه الليل الآن
الشاعر هناك الان ليس يبخ إبطيه بالعطر
إنه نائم
ليس هناك رفرفة سنونوات
رائحة مطر بعيد
ليس هنا شجرة صنوبر معمرة عملاقة ضخمة
في الظلام
او سنديانة
في الجهة الاخرى من الارض
لازالت المرأة تحت سقيفة البيت الخشبي
في الغابة ترشف القهوة ، تنتظر زوجها المغني
مع البزوغ
السماء حمراء
*
لم أطرح أي سؤال
العشب هو الذي ينحصر
لا أدري كيف تحت حذائي
لست أنا الذي يمشي
أنا جالس تحت الصنوبرة
ترى بما يفكر هذا الحجر
لا
ليس هناك مطر
لم أطرح أي سؤال
لست أنا الذي يمشي
في القصيدة على مهل
سعيد يقطف النوار الأصفر
لست أنا الذي يحب
المطر
المطر الذي يفاجئك بتيشرت أصفر
لا
أنا لا أحب الشعر
و الخيال الرومنسي
والنرجسية الطافحة
كعريشة ياسمين بيضاء على بوابة مقوسة
في يوم شتوي داكن
لم أطرح أي سؤال
*
من غير شك لم تكن المدلنتان بمعجون المشماش لم تكن القهوة من الصنف الفاخر
الغالي لم أكن انا بربطة عنقي الحمراء
لم تكن السحابة على شكل ثور
حوض الازهار في الشارع فارغ
لم تكن المراة المقيمة في المستشفى تقرا شيئا
أو تعرف الشاعر الاسباني فيديريكو غارثيا لوركا
او تفضل رواية أو وردة ببطاقة
جميلة على حبة ڨاطو بريستيج
بالشيكولاتة وورق الذهب
لم تكن الشجرة مقلمة على شكل بطة
او حمار أو قرد
لا أحد في المقهى يسعل
أو يدخن وهو يقرا حدثا ما في مجلة
من غير شك ان المرأة في المكتبة لم تك تبحث عن رواية الام لغوركي
لم يك الجو مستقر
لم تكن الوردة في الكاس كاملة البياض كالخردل أو الحليب
لم يك حبها في قلبي صافي
لم تكن هي الشخصية الرئيسية في الرواية
لم أك أنا المنازل في سلم الميترو في القصيدة كاي لص
أغني
لم تكن الشجرة مقلمة على شكل
بطريق
عفوا شرطي
*
لم أكتب لحد الآن شيئا بتلك الأهمية
الوقت ثقيل حتى أنه يشعرك بالتقزز
والنفور كل شيء ممل شاحب حتى ضوء
البزوغ بين الصنوبرات الخمسة
الافكار التي تتراكم في راسك كالكراكيب
كموسوعة ضخمة ، وعلب دومينو وأحذية
قديمة فوق الخزانة
كنبتة نصف ميتة
ككأس مشقوق نصفين
على طاولة منخفضة
عرجاء
ككنبة ممزقة الغلاف
لا أحد في الشارع امام باب المقهى
لا أحد يسألك الان كم الساعة ؟
لا أحد يصاحب إمرأة عرجاء تدخن
بشراهة في قصيدة
ماطرة
لم أكتب لحد الآن شيئا بتلك الأهمية
كعينك الصافية
الصافية
كالعسل
بكل بساطة
كزهرة برية
*
لم أبك عندما مات لاادري من ؟
كان قريبا مني جدا
لم أغرس عند قبره شجرة
كان شيئا حادا يحز في قلبي ، ربما
حزنا غامقا كالقهوة
كقاع هوة حالك
سافرت فقط كي أنسي
كنت أحسب عربات القطار المبلولة
عندما كان يمر بسرعة لم أكن على الجسر
لم يكن في جيبي نوار أبيض
لم أك أعرف المدينة اول مرة أزورها
ولم أك آبه لأسماء الشوارع
أو أقرأ بصوت مرتفع إسم المحطة
أو تذكرت نظرات المرأة الوحيدة في المطعم
وشعرها الاحمر البني
لم أبك عندما مات لا أدري من؟
في الليل
إبتعت التذاكر
وسافرت
لم تكن لا أدري كيف
أي قصيدة في بالي
*
اليوم ليس رمادي
الموجة في اللوحة الزيتية
كان رذاذها يلمس خدي
كأني أسمع الريح وصوت الطيور
ومحرك القارب
ومواء القط
كان الشمس تخترق ستائر نافذتي
أو أنا الذي أحلم
أني شاعر واحب طيور البحر
والنخل
والوشاح الازرق الذي تربطين به خصرك
اليوم ليس رمادي
*
كثيرة هي المزهريات
في المطاعم العائلية
الفنادق و النوادي و المقاهي
في غرف الاستقبال في المنازل
على منصات الرؤساء
في الدول الفقيرة
في غرف المهرجين و الفنانين في المسارح
ومواخير السادة المبجلين
كثيرة هي المزهريات
في كتب الطلا ئعيين و النواب و القحاب
و حمامات النجوم
و شعر الحاصلات و الحاصلون على جائزة
نوبل
*
جرب ان تسبدل المدينة
بلا إسم وهوية
بلا صفة أنت معروف بها
أو لون
بلا سبب للسفر
بلا نظارات شمسية
ومجموعة شعرية
بلا ذاكرة ، وبوابة مقوسة وياسمينةومعرشة بلا نوافذ طويلة كالابواب
بلا إسطبلات فارغة ، ودروب ترابية وشيح ونباتات غريبة
بلا صور بالابيض والأسود
ومقاهي واستراحات في الطريق ومصلى
وحقول واشجار تعود للوراء
بلا تذاكر قطار
و امرأة تنتظرك
في محطة غريبة
في مدينة بلا برج ومطر
ومتسول وعاهرة
ولص ، وعامل في البريد يحب الخمر دائما سكران
يحب الخير
لا يفرق بين المرئ وذويه
جرب أن استبدال المدينة
*
علميني
كيف لا أكتب القصيدة
كيف أستعمل وشاحك الفلسطيني
كوسادة وفراش وغطاء
كيف امنع تسربك في خاطري
حين أكون في أوج الإلقاء
كيف أمنع ولوج وجهك في مائي
وهوائي وأحلامي
علميني
كيف لا أكتب الشعر
في الجديلة
والنمش
والنهد
ياحقل البرتقال
*
بلا دموع لا يصلح إحتضان الصباح المقلوب
كطاولة ملطخة بعصير الرمان أو نبيذ تنتظر
المسح
النرجس في ماء الاغاني
الورد في دم الأمل
الهواء البارد
في قصائد مقصوفة يتصاعد منها الدخان
لا ابواب
ولا صباح بارد
ولا محطة قطار في مدينتي
ولا سليما يعمل كتقني في سكة الحديد
ولا امرأة واولادها تنتظر القطار الاخير
آه يا حبيبتي هل تحبين الزنجبيل
بالعسل
حكايات الجدة في السرير تحت الغطاء في الشتاء
بلا دموع لا يصلح إحتضان الصباح المقلوب على وجهه
ككأس وكتاب
ووردة بيضاء
وحلم مقيد للخلف
كأسير
الهواء البارد
في قصائد مقصوفة يتصاعد منها الدخان
عبد الرزاق الصغير. الجزائر