جاري تحميل ... ألف ياء

إعلان الرئيسية

إعلان

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد علَّم نفسك
آراءالعقيد بن دحو

نحن أيضا فرسان و لسنا (كومبارس)

 

نحن أيضا فرسان و لسنا (كومبارس)

العقيد بن دحو

العقيد بن دحو

صحيح السلطات الفرنسية الإستعمارية الإستدمارية ، و بعد ان ضاقت  بجبهة التحرير الوطني ، و كذا المجاهدين الثوار درعا في كل شبر من أرض الوطن ، بدأت تسعى الى سياسات اخرى استراتيجية جهنمية ،  منها سياسة فصل الصحراء عن باقي الوطن ، لاسيما بعد ان تاكد لها اكتشاف النفط بالصحراء الجزائرية الكبرى 1956.

طبعا هذا ليس حبا في أعين الصحراء و لا في ساكنتها التي اختارت النهج الوطني الشامل الكامل من البحر الى البر. انما ارادت فرنسا تطبيق سياسة فرق تسد ، بعد ان طبقت سياسة الأرض المحروقة و لم تستثني الشمال الجزائري كما هو في الجنوب أو الشرق أو الغرب.

ارادت فرنسا ان تجعل من الجنوب عرقا و بيئة و تاريخا كما يقول (تين) Taine (فلكلورا) لها ، بمعنى آخر أرادت فرنسا ان تجعل من انسان الجنوب الحر بطبعه عبدا للسيد الفرنسي ، سواء داخل الجزائر المستعمرة أو خارج الجزائر باريس عاصمة الجن و الملائكة كما يقولون !.

كانت تريد منه اللايفكر و اللايتعلم و انما دوره الوحيد ان يوفر الرفاه و الترف للسيد الهاضم القوي الفرنسي ، الجنس الآري الجديد ، احادي الوجهة في الزراعة و في الحرف و الرعي...الى غير ذلك من الأشغال البدائية التي لا ترقى الى التفكير أو التغيير.

بمعى آخر فرنسا كانت تريد من انسان الجنوب الجزائري ان يظل (كومبارسا) Comparable كما يقول الإيطاليين. رجل غير أساسي في أي لعبة من ألاعيب و ألعاب السياسة او المجتمع او الثقافة أو الإقتصاد. لعبة عميقة الجذور تعيد التوازن ، كانت تريده فرنسا الممثل الخلفية أو الممثل الإضافي، ، يقوم بدور التمثال اليباني الذي وجد يوما كشاهد على قبر ميت ، تمثال (مانكا) ذو ثلاثة أوجه ، لا تسمع ، لا ترى ، و لا تتكلم !

صحيح نعلم تأثير الجغرافية في السياسة هذا طببعي جدا ، اما ان تؤثر الثقافة في الجغرافيا فهذا غير مفهوم حتى الساعة. حين نلتمس من حين الى آخر - سواء عن علم او عن جهل - بعض الفئات المعدة على رؤوس الاصابع تحن الى الفكرة الكولونيالية ، التي تدعو الى "الكومبارسية" لكل ما هو جنوبي ، حجرا ام بشرا أو شجرا ، و كأن هذا الجنوبي غير قادر ان يكون (فارسا) بالمعنى الدراماتوجي للكلمة و الأنثربولوجي و السوسيولوجي و البوليتيكي.

يوجد في النهر ما لا يوجد في البحر. غير ان نظرة دونية تريد ان تضع هذا الجنوبي و لا سيما المثقف و الفنان و الاديب و المفكر منه في محل عدم ثقة ، و غير قادر التواصل مع ما يجري بالعالم من تجارب حديثة و ما بعد الحداثة.

حتى أنهم يجلبون لهم اناس بحجة تنويرهم و تدريبهم و تكوينهم حتى اذا ما اختبرتهم ووضعتهم في حالة (رائز) او عدة روائز معرفية سيكولوجية ثقافية ابداعية تفكيرية محاكماتية لأكتشفتهم خارج التاريخ افئدتهم فارغة عن اي بادرة جادة واعية

اهالي الجنوب في حدود المفاهيم الثقافية المعرفية الفنية فرسانا ، لا يقومون بلعبة دور البديل Figurant.

صحيح ساهمت الظروف و الصدف في تواجدهم بعيدا عن شواطئ البحار ، مصدر نشأة كل حضارة في كل زمان و في كل مكان (بن خلدون) ، غير أنهم لم يستسلموا ، قاوموا الغزاة على مر التاريخ الجزائري سواء ذاك قبل التدوين و بعد التدوين ، كما قاوموا و حاربوا ظروف الطببعة القاسية و غضبها و تقلبات المناخ و ارتفاع درجة الحرارة ، و مع ذلك تمكنوا من صناعة حضارية هي اليوم شاهد في بناء سرح الحضارة العالمية مصنفة لدى الهيئات الأممية و الدولية اليونسكو ، الاسيسكو ، اليونسيف....الخ

بل هذا الجنوبي استطاع ان يجد معادلا بحريا للتنميته المستدامة ، اذا ما تمكنت الدولة من شق طرق و بناء السكك الحديدية جنوب شمال ، بل تكون بكيفية أو باخرى حطمت ذاك الحلم الفرنسي النائم ، مشروع (البحر - النيجر) Mér - Nigér.

القطار عند الجنوبي الحديث او الجديد لا ينقل البضائع و لا الريع و لا العمال و لا التجار و لا الطلبة او الفلاحين بأقل التكاليف فحسب ؛ انما ينقل القيم ، ينقل الثقافة و التثاقف ، ينقل الحضارة و الحوار الحضاري و التسامح الديني و الدنيوي من نقطة الى نقطة أخرى. بل اكثر من هذا وذاك يسهم يوميا في ترسيخ و ترسيم معالم وحدة التراب الوطني و هو يمسح الجغرافيا و يجدد تحيين التاريخ.

نحن ايضا فرسان و لسنا كومبارس احد ، على أي خشبة من خشبات معارك مسارح الحياة..نحن فرسان كلمة ابا عن جد و لا حاجة لنا لمعلم يعلمنا اصول المسرح و الفن و الجمال و الفكر و الثقافة ، المسرح يعرفنا كابرا عن كابر و نحن نعرفه.

لا ندعو للأقصاء او التهميش ، لكن الجنوب ليس كما تتخيلون حرارة طقس ، و اناس كرماء طيبون يرندون العباءات الفضفاضة الييضاء و العمة الطويلة أو كما تحبب أن تظهرهم شاشات التلفزيون ملثمون يتمتمون...يرددون همهمات يصعب فك طلاسمها ، صحاري و جمال ، و ليالي اقمار و انجم ملاح ، انما انسان عرف قدره و جلس دونه.

و اذا ما فرض على رمله و ترابه و اترابه و تبره من يمشي مختالا فخورا بنفسه ، يتركونه و فدره المحتوم يحسب كل سراب ماء !

لسنا كومبارس احدا ، نحن فرسانا بالسليقة سواء اظهرنا للعلن او همشونا او ابعودنا عن سبق اصرار و ترصد عن المشهد (...) !


***********************


***********************

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *