جاري تحميل ... ألف ياء

إعلان الرئيسية

إعلان

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد علَّم نفسك
آراءالعقيد بن دحو

ما يبقى بعد أن تخسر الدبلوماسية أنسنتها

 

ما يبقى بعد أن تخسر الدبلوماسية أنسنتها

العقيد بن دحو

العقيد بن دحو

في عصر أثقله منطقه ، و في عز عصر الذكاء الإصطناعي ، و في عز عصر انفجار المعلومة و زمن (الصورة). تلك الصورة المعادل الصوتي اللفظة الأولى للمحة الأولى . قصيدة متجمدة ، للروح الجماعية و الحديث بألف صوت.

حتى القرن الماضي القريب كانت الدبوماسية لغة تعني "الوثيقة" Diploma لاتينيا و اغريقيا ، لكن مع التطور الثقافي و الحضاري للأمم و الشعوب ، و مع تعدد و تشعب العلاقات الدولية و اختلاف وجهات النطر ، و تشابك المصالح و المذاهب و مختلف المدارس و المناهج و الأساليب بين التنظيمات و كذا الدول ، صارت الدبلوماسية مقترنه بالإبداع و الخلق المعرفي  الفني و التفكير و المحاكمة في اطارها الفردانية و الجمعية أيضا..فإذا كانت السياسة توصلت بعد سنين من الاجتهادات و التضحيات الى تحطم جدارها الكلاسيكي القيادي بغية الوصول الى الحكم بالسبل الديمقراطية السلمية ، بعيدا عن العنف و التطرف ووفق الحضارة الديمقراطية عدلا و حرية و مساوة. اين يجد الفقير ذاته ضمن الكعكة السياسية و كذا الغني، خبز الققراء و ترف الاغنياء، يوم ذاك سميت السياسة : " فن الممكن".

كان لزوما على الدبلوماسي  اولى له أن يخرج من رفوف و علب الوثائق و الملفات الأرشيفية الى الوجدان العام للبلد المعتمد فيها ، الى  وشائج العلاقات الإنسانية تلك الاي لا تزال تحمل كروموزومات (مورثات) العيش المشترك ووحدة المصير المشترك .

لذا تراه جاهدا يكف عن مجاراة التاريخ و يرى ما بعد قبل الحدث.

فإن كان الرسّام يرى بالألوان ، و النحّاث يرى بالحجوم ، و الروائي يرى بالإنطباعات المعاشة ، و عالم النفس يرى بوقائع الشعور ، و المؤرخ يرى بالوثائق ، و الشاعر يرى بالكلمات ، و الكاهن أو رجل الدين يرى بالمعرفة ، و الفيلسوف المفكر يرى بالأفكار فإن الدبلوماسي هو كل هذا. هو فنان سابق لأوانه تعاهد الأبداع و الاستشراف ليعبر ما يختلجه شعوره سرا و جهرا

اذن الدبوماسية هي فن الإستشراف و العلاقات الدولية و كذا البحث في اعماق المجتمعات لإيجاد عناصر جديدة تعزز و تقوي و جهات نظره التي يرى ويراعي فيها مصلحة بلده بالمقام الاول.

الدبلوماسية لم تعد رهينة لعبة اوراق مكتب و مراسيم ابستمولوجية بروتوكولية رسمية و انتظار دعوات بيروقراطية ديماغوجية ليظهر بالصورة. بل هو الصورة حينما تصير الدبلوماسية كأي فن من الفنون الزمكانية، ميدان ، النزول الى اعماق المجتمعات الأصلية و زيارة المنشآت و المرافق البنى الفوقية و التحتية. بل هي الإنسان بالمقام الأول و أنسنة الإنسان..عموما الدبلوماسية لا تعطي لضعيف

 في عصر فقدت فيه الدبوماسية الكلاسيكية وهجها النمطي التقليدي المحافظ.

وفي عصر فقدت فيه السياسة و الدبلوماسية سلطاتهما بشكل ملحوظ فإن امكانية الفن و الأدب و الفكر و الثقافة التي هي غضة و لكنها بقية ، أن يتحتم عليها أن تجمع و تحفظ المجموعة البشرية في وجهة واحدة ، فكل ما يمكن أن قوله و يشير اليه الى أننا ننتمي الى نفس النوع له قيمة انسانية.

ربما تكون هذه الكلمة "ليثوبيا" كلام اساطير ، نوع من أنواع الأسازير الأغريقية للهرةب الى  الأمام ، غير ان هذا هو الواقع و ما يجب أن يكون.

 الدبلوماسية اليوم المحلية الوطنية القومية العالمية الأممية ، سواء تلك التي تتبادل سفاراتها و قنصلياتها بين دول أخرى تشاركها نفس المصالح و الإهتمامات و المشاغل الاقليمية و الدولية أو هي تلك الأممية المعتمدة ؛ و صلت الى الضيق بذات نفسها. و الناس و ساكنة العالم وصات الى ما يسمى "جنون التاربخ" : حروب في كل مكان ، حرب على أوكرانيا ، حرب على قطاعةغزة فلسطين ، و حروب خلايا نائمة أخرى في السودان ، و على الأقليات في دول قارات اخرى...مآسي اجتماعية سياسية ، نعرات طائفية ، فقر أوبئة ،  كوارث طبيعية بفعل ظاهرة (النينيو) و تقلبات حالات الطقس الطارئة غير المتوقعة......!

كل هذا جعل من البدلوماسية اليوم  فلكلور ، توفر الرفاه و الترفيه لساكنة العالم الأول. عاجزة كل العجز عن ايجاد أي سبل من الحلول لايقاف الحروب عن المستضعفين ، و تكسف الستار عن أبشع قتامة صور تقتيل الجنس البشري الأطفال ، النساء ، الشيوخ ، بل و على مباشر شاشات العالم و منصات شبكات التواصل الإجتماعي..

فما الذي يفيده هذا الذكاء الأصطناعي اذا لم يخفف من وطأة الدمار على الشعوب المظلومة و على الدول المهظومة!؟

أن دول اصحاب الحق التاريخي يفكرون وفق منطق ابليس ،  وفق منطق قوتهم التدميرية.

هكذا علمنا التاريخ في زمن عجز السياسة و الدبلوماسية : وحده القوي الذي يعمل ، الذي ينتج ، الذي يستحق النجاح في هذه الحياة..لا يعترف بالدبلوماسية النائمة الني تعيش احلام الترفيه و العيش المريح و بعدها الطوفان ! الدبلوماسية المريضة التي اذا ما مس مكروه بأوطانها سرعان ما بدلوماسيها و قناصلها يطلبون حق اللجوء السياسي أو لا يعودون البتة الى بلدانهم الأصلية التي بعثتهم اول مرةكدبلوماسيين  !.

لهذا انتبهت بعض الدول الكبرى مبكرا الى اعتماد و اسناد بعض الأدباء و الفنانين و النثقفين مهام بالسلك الدبلوماسي ، سفراء و قناصلة شتى ربوع العالم ، لما أوتوا من قوة خيال شاسع فياض و قدرة ابداع بديعة على الإستشراف ، و بهذا قدموا في مجرى التاريخ خدمات جليلة لبلدانهم و أوطانهم ، خدمات متقدمة أنقذت ما يمكن انقاذه.

لطالما أعتبرت الثقافة انقاذ و في ظل هذه الفوضى الخلاقة التي يشهدها العالم بإمكانية الثقافة و الفنون أن تنقذ الدبلوماسية من جديد ان عرفت قادة الدول ان تسند بعض المهام الدبلوماسية للأدباء و الفنانين....

و لنا في الكاتب الأديب (شاتوبريان) لدى المملكة المتحدة سفيرا و كاتبا أديبا أريبا لبيبا نموذجا عن تلك الدبلوماسية الخلاقة.

الثقافة هي ما يبقى بعد ان تخسر الدبلوماسية طابعها الإنساني.

الثقافة انقاذ و أكبر أنقاذ أن تعمل على تثقيف الدبلوماسية و توقف يوما علينا هذا الجنون التاريخي على اوكرانيا و على قطاع غزة و في كل ربوع العالم الذي تشهد فيه بواكير نهاية الجنس البشري و نهاية التاريخ و الحاضر و المستقبل معا.


***********************


***********************

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *