جاري تحميل ... ألف ياء

إعلان الرئيسية

إعلان

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد علَّم نفسك

 

تيسير المغاصبه

        -٢٦-
    قرية النساء

 


 (لن تشرق الشمس أبدا )

       قصة متسلسلة

  بقلم : تيسيرالمغاصبه

              ٢٠٢٤

         الفصل الثالث

-----------------------------------------------------

        -٢٦-

    قرية النساء

إن وصل الزائر القادم من المدينة إلى القرية باحثا عن منزل أحد الأقارب، وسأل؛ أين منزل فلان ،فلن يعرفه أحد مهما وصفه لهم .

لكن لو ذكر اسم زوجته ؛أين منزل فلانه فأنهم بلا شك سيعرفونه على الفور،بل ويدلونه عليه.

ففي قرية أم الملح وسواها في القرى الغائرة في الأرض ،هناك تقوم المرأة بكل شيء ،سوى أكانت المهمات الموكولة إليها  كزوجة ،أو كانت المهمات المطلوبة من الزوج، الزوج الذي يكون على الأغلب خمول ..كسول.. لايجيد سوى علاقاته المحرمة مع النساء ،وحب الطعام والشاي ،ومنهم إدمانه على  الخمر ولعب القمار .

أي أن الرجال هم من كانوا وراء إنحرافات النساء مهما حاولن الاستقامة.

فأن المرأة إضافة إلى الاحتطاب وأشعال النار وعجن الطحين وخبزه ،وإعداد الطعام والعناية بالأطفال،فأنها أيضا تذهب إلى الحقل مع صياح الديك ،وهي التي تكون في الواجهة دائما .

فتراها تتعامل مع الآخرين من الرجال ..وتستقبل الضيوف وترحب بهم ..وتواجه أصحاب الديون وتعتذر منهم على التأخير ، وتتشاجر مع الرجال إن لزم الأمر.

* * * * * * * * * * 

الكحته..

أو الجلده..

وغيرها من التسميات كانت جميعها ملتصقة ب"محمد السامي " أبو عيسى.

ففي جولة من يسير في شوارع القرية وأزقتها ومداخلها؛يمر  الزائر أيضا بمنزل "أم صالحه" وهي المرأة الأرملة التي كانت قد أنجبت ثلاث عشرة بنتا متمردة؛تساندهن أمهن على ذلك التمرد الذي إنشأتهن هي عليه..وباتن لايطعنها.. والكلمة الأولى والأخيرة لهن هن .

وأما إن تابع الزائر طريقه في الزقاق متجاوزا منزل أم صالحه ،فأنه سيمر بمنزل الكحته المعروف في بخله وشراهته في الطعام بالرغم من أنه كان نحيلا جدا.

فقيل بأنه لايبدو عليه ذلك "لأن بطنه

أجرب".

والكحته هذا قد أنجب أربعة أولاد ،كانوا أسوء اولاد القرية أخلاقا .

و مقابلهم أنجب عشرة بنات كن جميعهن شبقات ،يعشقن الذكور عشق جنوني ،كما يعشق أخوتهن النساء في نفس الجنون.

و أن المرأة فيهن فيما لو تزوجت فأنها لاتكتفي برجل واحد أبدا ،ولذلك لابد من الخيانة،قالت "سهى"وهي أكبرهن عمرا  وأول من تزوجت منهن:

-المره دايما مظلومه حتى بالزواج ..ليش لزلام مسموح إلهم يجوزو أربع نسوان والنسوان لا..مع إنه لازم النسوان  هنه  إلي يجوزن أربع زلام احسن ما إنه النسوان يروحن يدورن على الخيانه والحرام؟

وكانت البنت من بنات الكحته عندما يتقدم شب لطلب يدها فيجب أن تتأكد بأنه "قرن" أي بالمعنى دييوث لايغار على عرضه ،فتوفر هي له كل متطلبات الحياة دون أن يتعب نفسه وأن يشقى ..وإنما عليه فقط أن يخرج أمام أهل القرية متظاهرا بذهابه إلى العمل ..أما إذا كان له مهنة فلا ضير من أن يبقى فيها.

وهذه سهى قدوة أخواتها التسعة المتبقيات قد إختارت لها ذلك القرن الضخم"بسام" وأجادت ترويضه كما يحلو لها لتتمكن من الحصول على مكملات رغباتها الجسدية الدائمة الضمأ والتي لاترتوي أبدا.

أما اولاد الكحته ،فكانوا مقابل ذلك يجيدون أعمال النصب والاحتيال والفسق بكل أنواعه ،كان أكبرهم "عيسى "الذي كان أكثر أخوته هوسا بالنساء والباحث دوما عن المومسات الخبيرات،ولعب القمار ،ولهذا كان مصابا بالعديد من الأمراض نتيجة إنحرافاته.

وبالرغم من ذلك فهو مزواج ،خصوصا إن كان مضطرا لأخفاء خطيئته وسط إلحاح شريكته في الواقعة.

ربما تكون قسوة  الأب وشدته على بناته وحرمانهن ما ساهم بشبقهن الخطير  وتعطشن ،فأكتسبن جميع الرذائل من الوقاحة والكذب وإشعال الفتن والتحريض على الشجارات في كل بيت ،بل وأجادن السحر والشعوذة.

فكن يحتالن على أبيهن ويبتكرن جميع أساليب وطرق الخروج من المنزل ومقابلات العشاق.

* * * * * * * * *

أم صالحه...

يقع منزلها في أول الزقاق وهي ليست من قرية أم الملح،فقد حضرت من المدينة منذ سنوات طوال ،وأنجبت بناتها الثلاثة عشر جميعهن في القرية قبل وفاة زوجها أخيرا.

فكثير ماتشهد القرية حروب بين بناتها وبنات الكحته فتعلو أصواتهن لأي سبب كان .

وتكثر قصص العشق حول بنات أم صالحه..فهذا عدنان الذي كان مارا ليلا فرأى إحدى بنات أم صالحه بأحضان أحدهم خلف التلة،فألقى عدنان عليه التحية ،فقال الشاب له "تفضل؟" فرد عدنان :"تهنى..تهنى"

وتابع طريقه.

* * * * * * * * * *

بعد خروج المرضى من المهاجع متوجهين إلى ساحة التنفس ،كان يحيى يبحث عن مكان ليصلي فيه ..رأى أحد المراقبين وقال له:

-السلام عليكم ؟

نظر  المراقب إليه دون أن يرد التحية،فقال يحيى:

-بالله وين إتجاه القبله هون ؟

فمد المراقب يده إلى السماء وقال ساخرا :

-هناك؟

فعلم يحيى أنهم ينظرون إليه كمجنون ،فتركه وإختار له مكانا..خلع جاكيته وفرشه على الأرض وبدأ بالصلاة معتمدا على النية ،متوكلا على الله.

وكان ذلك تزامنا مع إنبعاث صوت الناي الجميل الذي كان بالقرب منه .

عندما أنتهى من أداء الصلاة سمع صوت من وراؤه يقول له:

-تقبل الله صديقي؟

إستدار يحيى إلى مصدر الصوت وقال :

-منا ومنكم صالح الأعمال..تشرفت بمعرفتك صديقي؟

فقال الرجل الذي كان يجلس على المقعد ممسكا  بيده الناي :

-القبلة صحيحة..فمن يهده الله فلا مضل له.. ممكن تقعد بجنبي  ياصديقي حتى نحكي؟

-والله بتشرف ياصديقي.

وعندما جلس يحيى همس الرجل إليه :

-لاتحتار ياصديقي..أنا عرفت  إنك مش مجنون أول ماشفتك؟

-وكيف عرفت.

-قبل ماأقلك كيف عرفت بدي أعرفك على نفسي أول إشي ..أنا مأمون؟

-تشرفت بمعرفتك أخوي مأمون.

-أنا خريج جامعي حاصل على شهادة الدكتوراه ؟

قال يحيى وهو كله دهشة:

-وشو إلي جابك هون ؟

-نفس السبب إلي جابك إنتي هون  أخي يحيى.

-إيش يعني؟

-ولو ياصديقي..واحد برجاحة بعقلك بسأل إيش يعني ..إلي جابنا هونا   هنه عقولنا  ..الرغبة في التغيير ..وقول كلمة الحق.

-والله أنا مش مصدق حالي ..وكيف عرفت؟

-ههههههههه وهي هاي بدها ذكى ياصاحبي؟

ثم مد يده إلى جميع المرضى المتجولين في الساحة وقال:

-إنتي شايف كل هظول إلي هون ؟

-أيوه شايفهم..إيش مالهم؟

-أكثرهم عاقلين ..بس المجانين الثانيين لما جابوهم هون ماكانو مجانين ..بس جننوهم هون ؟

-إنتي بتحكي جد ..وليش جننوهم؟

-لأنهم عنيدين.

-عنيدين؟

-ايوه..أنا إلي هون سنوات ..وقاعد بحالي ..ولو قرروا يطلعوني من هون مش رايح أقبل إني أطلع؟

-ليش ؟

-آه..سألتني ليش ..عشان أنا مابقدر إني أعيش بعالم مثل هيك..مادام جابوني هون ..خليني هون.

-بس هاظا ضعف..وأنا مابقبل إنو قريتي إتضيع وأنا قاعد بتفرج ؟

-صعب ..صعب ياصاحبي ..والله صعب..إنتي هسى هيك وصلت آخر المشوار ..وإحمد الله إنك مش في مكان ثاني؟

-مكان ثاني ..و..وإيمتى بطلعوني من هون ؟

-ههههههه بدك تطلع ..هو إنتي لحقت إنك تدخل مشان تطلع..طلوع من هون مافي ياصاحبي.

فقال يحيى مغيرا الحديث:

-على فكره ..عزفك حلو كثير.

-أعجبك عزفي؟

-كثير ..كثير أنا بحب صوت الناي ..بحس كأنه بدو يحكي ؟

-طيب شو رايك أعلمك العزف عليه ؟

-وفكرك بتعلم بسرعه عليه.

-ههههههه بسرعه...شوي شوي ..قفز..ركض.. لاتستعجل ياصاحبي قدامنا أيام وليالي ..قدامنا العمر كله.

* * * * * * * * *

في يوم قائظ ،كان الجميع يلهث فيه من شدة الحر ،كانت زبيدة إحدى بنات الكحته قد أستطاعت أجهاض طفل الخطيئة الذي حدث أخيرا بالخطأ .

فعانت من الآلام الشديدة المبرحة ،وكانت تتردد في كل حين على المرحاض الكائن خلف المنزل ،حتى صرخت صرخة عاليه وهي تردد :

-حيه ..حيه..قرصتني الحيه؟

جرت أخواتها وأخوتها إليها..أخرجوها من المرحاض.. و ماهي سوى دقائق حتى أسلمت الروح .

وتبين أن الثعبان الذي لدعها قد خرج إليها من فتحة المرحاض.

وبعد دفنها تحدثوا في العزاء عنها ،وذكروا محاسنها

وقالوا بأنها ماتت عفيفة لم تقرب الحرام أبدا.

في نفس العام أنجبت أمها أختها الحادية عشر وأسمتها على أسمها "زبيدة" تخليدا لذكراها.

(يتبع...)

تيسيرالمغاصبه

٢٥-٥-٢٠٢٤


***********************


***********************

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *