جاري تحميل ... ألف ياء

إعلان الرئيسية

إعلان

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد علَّم نفسك
آراءالعقيد بن دحو

الأدب سلطة لا يحتاج الى سلطة

 

الأدب سلطة لا يحتاج الى سلطة

العقيد بن دحو

العقيد بن دحو

صحيح كما يقول المفكرون العرب و النقاد: كل الحريات المتاحة في الوطن العربي لا تكفي لكاتب واحد ، لشاعر واحد ، لأديب واحد ، لمثقف ، لمفكر واحد ، حيث الوحدات الثلاث : قي يوم واحد و في مكان واحد يتم فعل واحد لشخص واحد لحزب واحد !.

 و مع ذلك لو أن الأديب العربي يدري من الماء الى الماء ، من النهر الى البحر ، و من طانجا الى جاكارتا أنه اصبح سلطة (.....). أنى كانت هذه السلطة ؛ لما وقف يوما - بكيفية او بأخرى ، شكلها المباشر او غير المباشر - عند عتبات أبواب قصر الحاكم ملتسما كلمة تشجيع أو ابتسامة محاباة (زيارة مجاملة) ، ملتسما مساعدة حق نشر كتابه أريد به صدقة!.

 شأن هذا الكاتب المؤلف العربي أو ذاك ، شأن الكاتب الأديب الأنجليزي (صمويل جونسون) Samuel Johnson 

يوم طُرد من على عتباب باب قصر اللورد (تشِستيرفِلد) Tschesterfeild.

وقتئذ كتب الكاتب صمويل جونسون رسالته الشهيرة المقتضبة سنة 1758 ، كان يلتمس فيها مساعدة نشر كتابه Dictionnaire. رسالة مهمة جدا  بمثابة انقلاب وثورة فكرية في تاريخ الأدب عامة . بل أعتبرت امثولة و أنموذجا محوريا ، و أولى احداثيي بواكير ظهور الادب قي العالم.

صحيح الأدب قديم قدم الأنسان على وجه هذه البسيطة ،  قِدَم المجتمع ، من حيث المجتمع هو اللغة هو الاسلوب هو الدين ، هو العرق هو الييئة و هو التاريخ (تين) Taine.

 كان لزوما على مؤلفي و صناع و دارسي الأدب سوسيولوجيا و سيكولوجيا و اونثربولوجيا و أقتصاديا و نجاريا و حتى ميثولوجيا أن يحددوا تاريخا معينا لظهور الأدب حتى يسهل عليهم دراسته و احصائه على جميع المحاور و الاصعدة الأفقية و العمودية ، الثابت المقدس منها و المتغير الواجب ، كما هو في ذاته ، و كما يجب أن يكون.

"سيدي لقد مضت سبع سنوات ، من اجل طلب مقابلتك ، ساعتها طردت من أمام بابك دون أن أتدمر ، و ها أنا أوشك على نشر كتابي دون كلمات شكر أو تشجيع و لا ابتسامة محاباة".

كانت هذه الكلمات اللكمات ، بمثابة رصاصات الرحمة التي أطلقها الكاتب من مسدس أعماق أعماقه كاتم للصوت و لسائر وطائف تراسل و تداعي الحواس الأخرى ، على ما صار يسمى رعاية الدولة و دعم الأداب و الفنون. اعتبرت حينها بمثابة مقايضة و وتفاوض (العبد) مع سيده في سبيل استرداد بعض حرياته الابداعية الفكرية.

وسبق أن قلنا العملية برمتها غير اخلاقية ، هرطقة غير شريفة ، شبيهة ببيع الجسد أو نوعا من أنواع (التعهر) كما يقول (بلوت)Bloot .. وعلى الرغم من أن عميد الأدب العربي د.طه حسين في مؤتمر البندقية بإيطاليا حاول أن يؤنسن ما يمكن أنسنته على الحالة ، الا أنها ظلت محض اجتهادات فردية قي حاجة الى اضافات و الى تراكم.

 Taha Houssein : L'écrivain Dan's la Société modérne 1953 . L'écrivain Dan's la Société contemporaine  : U.N.S.E.C.O 1954.مؤتمر الدفاع على الفنانين . حاول ان يرافع و يدافع و يحامي على الفنانين من قبل  بيروقراطيةأية سلطة اداريدكتاتورية أو يقلل من تلك التيمة غير الاخلاقية التي أوجدت السياسةالميكيافلية .

لو يدري المثقف الاديب الفنان منذ ذاك التاريخ أن الادب صار سلطة ، ليست معنوية او محكمة ضمير اخلاقية انما معنوية ايضا. و انه صار (رجل أدب) تضاهي سلطته ، سلطة رجل دولة ، سلطة رجل الدين ، سلطة رجل المال و الاعمال. بل تضاهي السلطات الثلاث الكلاسيكية : التشريعية ، القضائية ، التنفيذية ، و حتى تلك التي صار يطلق عليها بالسلطة الرابعة سلطة الإعلام ، الخفيفه و الثقيله ، النمطي التقليدي و الحديث منها ، الرقمي و اعلام المحتوى ، و اعلام سائر منصات شبكات التواصل الإجتماعي.

أخير لقد كفّ الأديب مؤخرا عن مجاراة التاريخ ، لم يعد يقوم بدور مُنكت الملك ، و لا بدور الحاجب ، و لا يوفر الطرف و الرفاه عن السلطة الحاكمة و لا ناطقا رسميا بإسمها ، بل صار هو السلطة يحسب له ألف حساب في معادلة الحكم الراشد التشاركي ، مساهما اساسيا في تشييد صرح حوار الحضارة الديمقراطية حرية ز مساواة و عدالة.

حان الأوان أن يرفع الأديب رأسه غير منتكسا ، غير منكسرا و لا مطأطأ ، منتصب القامة ، حرا طليقا ، رافضا ، متمردا على القوالب الجاهزة و الحماقات السياسوية. أديب تحت الطلب أو الأديب الرقيب العتيد (الخبارجي) ! يشي بالوطن و المواطن على حد سواء من اجل رضا ما لا يرضى على أحد !.

الادب منح السلطة للأديب و صار تسمى عالميا (المانا) Mana و منه جاءت فكرة (الماناليزم) Manaleisme أي الإيمان بقوى وطاقة و قدرة في الشيئ ذاته.

ورغم هذا كله بعض من هم محسوبين على الأدب و الفن و الثقافة و الفكر ، تحاملوا على أنفسهم و فضلوا الا أن يظلوا عبيدا ، يتسابقون على موائد فتاة السلطان اعطوهم أو امتنعوا. فضوا أن يظلوا سحالي تزحف من الفراغ الى الفراغ. (كومبارسا) لا فرسانا على ركح المسرح الأدبي السلطوي ، يقومون بلعب دور البديل ؛ التهريج ، بدل الوقت الخاسر ، لعل الملك أو السلطان يضحك بملء شدقيه و يرضى عنهم !.

هؤلاء و أولئك لم يشعروا بعد بأنهم منذ الرسالة 1758 صاروا احرارا ، بل صاروا سلطة ، و لكنهم لا يشعرون !.

هم دائما في انتظار رئيس البلدية ، رئيس الدائرة ، المحافظ ، الوالي ، الوزير ، رئيس الحكومة ، لتحريك عصا اشارة الإنطلاق في ايامهم...تسابيعهم...أماسيهم...لينطلقوا صعدا نحو الأسفل.

أخير صار الأدب سلطة ، و صار الأديب رجل ادب و لم يعد ينتظر احدا ليمنحه هذا اللقب أو من يمسح على رأسه ، و لا من يَمُن عليه بالرعايا و الدعم و الحقوق المجاورة ، و لا من يملي عليه واجب التحفظ و رغبات الطاعة الطفولية. أنما للأديب حقوقا مستحقة يطالب بإسترجاعها و ليست صدقة.

صحيح هو لم يتمكن بعد من تلك الحصانة الأدبية غير أنه ملكا بمشي على الارض لو شعر بها الأديب الفنان المثقف في أي مكان و في اي زمان و أستطاع أن يتخلص من عقدة الدنو بإتجاه رجل السلطة أو المال او الدين.

يوجد كثير من الملوك في هذا العالم لكن لا يوجد الا شاعر واحد (فولتير) Voltaire.


***********************


***********************

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *