أمـين الجـرادي
مِن بين إخوتي الخمسة،
مِن بين إخوتي الخمسة،
أتحمَّل أنا وحدي
عناء التفكير في "اليوم
الآخِر".
في طفولتي،
اصطحبني أبي معه إلى خطبة
الجُمعة
استجابةً لطلبي.
كم تمنيت لو أنني لم أفعل ذلك،
واخترت البقاء في المنزل!
هكذا،
كنت أتجنب التفكير مِراراً
في عذاب القبر
وأهوال "اليوم
الآخِر".
مع مرور الوقت،
لم يزداد الأمر إلا سُوءاً
فكلما حاولتُ النومَ،
غزت مُخيلتي صورٌ مرعبةٌ
تُعيدُ إلى ذهني
ما سمعته في خطبة الجُمعة.
كبرتُ، ولم أزلُ أكبرُ،
والشجاع الأقرع،
ومُنكر ونكير،
وعذاب القبر
لا يفارقان مخيلتي.
وتحوّلت الظلمة إلى مسرحٍ للأشباح
وقصص الجنّ،
وباتت كلّ الأساطير التي سمعتها
خوفًا يُزلزلُ قلب هذا الطفل!
في أول يومٍ دراسي،
لم أتخيل أن يتركني أبي في الصف.
رأيت زملائي يجلسون بهدوء،
وكأنهم لا يرغبون في العودة إلى
البيت.
وفجأة، تزحلقت من الخارج صلعة
خفيفة
لمدرس سوداني طويل كالليل.
حين أغلق خلفه الباب
سرعان ما توقدَّت في ذهني قصص
الأشباح،
وكلام خَطيب الجُمعة عن مُنكر
ونكير.
شعرتُ وكأنني في القبر،
وأن هذا المعلم ذا البشرة
الداكنة
والصلعة التي تكاد تلامس السقف
هو مُنكر ونكير.
وهكذا كنت أكبُر،
ويكبرُ داخلِي مُنكر ونكير،
والشجاع الأقرع،
وعذاب القبر،
وأهوال الرحلة إلى "اليوم
الآخِر"...!!
#أمـين_الجـرادي